بسم الله بدأ وختما والصلاة والسلام على تاج الأصفياء وإمام الأتقياء وخاتم الأنبياء سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد بن عبد الله المبعوث رحمة للعالمين
ثم أما بعد قال الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله من أحقُّ بحسن صحابتي؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال ثم من؟ قال: "ثم أبوك"). ولعل أول ما يتبادر للأذهان لماذا أمك الم يقل الله عز وجل خلق لكم من أصلابكم وفى آية أخرى يخرج من بين الصلب والترائب وانه على رجعه لقادر ولعل الشاهد أيضا على ذلك إن ما يخرج من الرجل ويتصل أو يصب على المرأة هو ما يكون الجنين في بطن ألام إذا اصل المولود مصدره الرجل هذا في الأصل إما بالنظر إلا ما بعد التقاء الحيوان المنوي ببويضة المرأة وتكوين الجنين نجد أن المسئولية أصبحت مسئولية المرأة من مصاحبات أول الحمل إلى مخاض الولادة وذلك بالإضافة إلى ما يصاحب تلك المراحل من الآلام ومضاعفات وضعف دم وثقل حمل اضافى عليها وتعتبر هذه المرحلة الأولى فقط بل تأتى المرحلة الثانية وهى مرحلة الرضاعة والتكوين الخارجي حيث اتفق الفقهاء في هذه المرحلة إذا أرضعت المرأة طفل غيرها عدد من الرضعات أصبحت أمه من الرضاعة لان لبنها أصبح مكون للطفل وهذا قبل بلوغ العامين وقال الأحناف خمس رضعات مشبعات تجعل المرضعة أما للطفل من الرضاعة وكل هذا يدل على أهمية هذة المرحلة للطفل ومدى أهمية ألام وكل وذلك سببا من الأسباب الجمة التي أعطت المرأة هذة الأولوية في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ولعل المولى عز وجل قال حملته كرها ووضعته كرها وقال أيضا حملته وهنناً على وهن أليس ذلك جدير بان يجعلنا نعطيها كل الاحترام والتقدير من أين لنا أن نعيش لولاها فهي تدخل في تكوين عظامنا وهى التي حملتنا تسع اشهر وأرضعتنا حولين كاملين أعطتنا الدفء والحنان ولامان تسهر من اجلنا بينما نحن ننام في اطمئنان وهى تدعو لنا آناء الليل وإطراف النهار تدعو لنا بالعيش السعيد والهانئ
آخى الكريم واختى الكريمة أما بلغكم نبأ ذلك الرجل العابد الذي يدعى جريج وقيل إن أمه كانت تناديه وهو يصلى وتكرر المشهد عدة مرات وكان يقول يا رب هذه امى وهذه صلاتي فدعت عليه أمه بان لا يموت إلا بعد أن يرى وجه المومسان وكان له صومعة من طين وهو مشهور بالتدين فتربصت به إحدى المومسان من المدينة ولم يستجيب لها فواقعت راعى وحملت منه ووضعت ولداً وجاءت أهل المدينة وقالت هذا ابن جريج فجاء أهل المدينة وكسروا الصومعة وأرادوا أن يقتلوا جريج فطلب منهم فرصة نفى التهمة وتوجه للصغير ووخزه بإصبعه سائلا إياه من أباك فقال الصغير أنا ابن الراعي فاعتذر الجميع للرجل الصالح وأعادوا له بناء الصومعة وكان هذا الطفل احد الذين تكلموا في المهد وفى هذه القصة إشارتان الأولى آية للناس وقدرة الله تعالى على إنطاق الأطفال في المهد\ من اجل نفى التهمة عن عبده الصالح والثانية استجابة الله تعالى لدعاء ألام ولعل ذلك شاهد من الشواهد التي تدلل على مكانة ألام عند الله تعالى ، وهناك شاهد آخر يمكن التماسه من موقف الرسول صلى الله عليه وسلم حينما أرسل صحابته لتلقين احد الصحابة الشهادة عندما اخبر الرسول إن فلان على فراش الموت فذهب إليه الصحابة وحاولوا تلقينه فلم يستطيع أن يقولها فرجعوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم و اخبروه
بذلك فأرسلهم إلى أمه وطلب منها المجئ إليه أو يذهب هو إليها فاخبروها فقالت أنا اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحضرت أمامه صلى الله عليه وسلم وسألها ما باله فلان فقالت لا اعلم فلما أصر عليها أنا لست راضية عنه فقال لها لماذا فقالت لأنه يفضل زوجته على فقال لصحابته أضرموا لي ناراً لألقيه فيها فقالت لماذا قال لان عذاب الله اشد من ذلك ونار الدنيا أهون فقالت لا أنا راضية عنه وعفوت عنه فقال لصحابته اذهبا له ولقنوه الشهادة فلما ذهبوا له طلق الله لسانه ونطق بالشهادة وهذا إن دل فإنما يدل على أن الله تعالى جعل البر بالأم مربوطاً بشكل أو بآخر برضاء الوالدين .
ولعل ما ذكرته في ما مضى عن بر ألام والوالدين عموما لان الملاحظ في الفترة الأخيرة إن الأبناء والبنات لا يعزروا ويوقروا ألام وهى التي قال فيها الشاعر
ألام مدرسة إذا أعددتها اعدد شعباً راقياً طيب الأعراق
ونجد أن الكثير من الأولاد إذا نادته أمه لم يرد عليها ناهيك عن انه يتأخر في الاستجابة لدعوتها الم تسمع اخى واختى الكريمة قوله تعالى ولاتنهرهما ولا تقل لهما أف وقل لهما قولا ميسوراً ، ونجد أن الله تعالى اراد لنا إن نلتمس من ما سبق مكانة الوالدين ونجد كذلك إن هناك ظواهر غريبة عن مجتمعنا الاسلامى وهى عدم الطاعة الكاملة للام وللأب وهذا مظهر من مظاهر العقوق والعياذ بالله ومن كان كذلك فليبشر من الآن بغضب الله وسخط الله وعدم التوفيق . ولا أنسى في هذه التذكرة إن أقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال بعد ثلاث قال ثم من قال أبوك اى إن دور الأب ليس بالأقل من ألام إلا أن ألام لها الدور الأكبر ولكن ذلك ليس بالإنقاص لشان الرجل فهو الذي يربى وطاعته واجبة وسنناول في حديث منفصل دور الرجل في الاسره المسلمة والرجل هو الأب أو رب الأسرة .
وختاما اسأل الله العلى القدير أن يجعلنا من البررة البارين بامهاتهم وآبائهم والله نسأله أن يرزقنا رضاء الوالدين وان يغفر لإبائنا وأمهاتنا وان يرحمهم كما ربونا صغار وان يخفض لهم جناح الذل من الرحمة
وأخيرا رأى الرسول الكريم رجل يحج بأمه ويحملها على كتفيه ويطوف بها فقال له الرسول الكريم أن كل هذا لا يساوى صرخة واحدة من صراخ الولادة بالها من رحمة وياله من دين ذلك الذي يؤدبنا ويحسن أخلاقنا ويأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر ونحمد الله تعالى أن جعلنا من امة محمد صلى الله عليه وسلم .