خطبة الجمعة للمهدي في مسجد الهجرة بودنوباوي
8/10/2010 | 07:08:56
بسم الله الرحمن الرحيم
الله أكبر ولله الحمد
خطبة الجمعة
29 شوال 1432هـ الموافق 8 أكتوبر 2010م
التي ألقاها الإمام الصادق المهدي بمسجد الهجرة بودنوباوي
الخطبة الأولى
الحمد لله والصلاة والسلام على حبيبنا محمد وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد-
أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز
غبت عنكم عشرة أيام ولكن همكم ساكن إلى جنب ذكر الله في ضميري على نحو ما قيل:
وإذا صحوت فأنت أول خـاطري وإذا غفى جفنـي فأنت الآخر
غطت رحلتي زيارة لعمان والقاهرة شملت المشاركة في مؤتمر موضوعه: البيئة في الإسلام، وأجريت لقاءات رسمية وشعبية موضوعها بيان الموقف السياسي في السودان، والتطورات المتوقعة فيه، وما نسعى إليه من استفتاء حر نزيه، وما نعمل من أجل تحسين فرص الوحدة أو لتحقيق التآخي بين دولتي السودان ليصير الانفصال واصلا لا فاصلا، وما نرجوه من مواقف الحكومات والشعوب الشقيقة لدعم مواقفنا.
وفي مساء اليوم الجمعة سوف نلتقي ببعثة مجلس الأمن للسودان. بعثة نرحب بقدومها دليلا على اهتمام حميد بالسودان. إن الأسرة الدولية، مع حسن النوايا، أقدمت دائما على أمرين أضرا بالسلام الشامل في السودان والتحول الديمقراطي الحقيقي، هما: حصر حل مشاكل البلاد في إطار ثنائي بين المقاتلين، وهذا خطأ، فالاتفاق بين المقاتلين ضروري لوقف الحرب ولكنه ليس كافيا لبناء السلام. والأمر الثاني هو أنهم يركزون على الشكليات دون الجوهر، حرصوا على إجراء انتخابات كيفما يتفق دون مراعاة نزاهتها فجاءت بالنتائج الكارثية المشاهدة. والآن يركزون على شكلية إجراء الاستفتاء دون كفالة حريته ونزاهته، وإذا حدث هذا فإنه سيجر البلاد لكارثة، ويتحملون المسئولية.
وسوف نؤكد لهم ترحيبنا بالاستفتاء أساسا للوحدة الطوعية أو الانفصال الأخوي. ولكن لكيلا يكرر الاستفتاء سيناريو الانتخابات الماضية المعيبة هنالك خطوات مطلوبة لتجويد إدارة الاستفتاء، ولكفالة الحريات، وللتصدي لأزمة دارفور لكيلا تزيدها نتائج الاستفتاء تعقيدا واشتعالا.
هذا هو موقفنا الذي سوف نواصل العمل من أجله داخل البلاد، وإقليميا، ودوليا راجين من شعبنا قوة الموقف معنا ومن صاحب العناية سبحانه وتعالى التوفيق والسداد: "وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ".
أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز
البيئة الطبيعية في بلادنا وفي العالم أجمع مهددة بالتردي والتلوث. البيئة الطبيعية هي الأرض، والماء، والمناخ، والفضاء، والغطاء النباتي والحيواني. ومنذ بداية هذا العام كونا مع آخرين: المنظمة السودانية الشعبية لتغيير المناخ والبيئة. لنحشد الجهد لما ينبغي عمله لرعايتها.
أما مؤتمر عمان فقد نظمته مؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي لدراسة موضوع البيئة في الإسلام.
نقول: إن البيئة الطبيعية هي موروث جيلنا من الماضي وأمانتنا للأجيال القادمة.
الحقيقة هي أن القرآن هو أكثر الكتب المقدسة اهتماما بالبيئة. كما أن النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" هو أكثر أنبياء الله اهتماماً بالبيئة. ولا غرابة في ذلك لأن الله يذكر الكون باعتباره كتاب الله المنظور. قال تعالى: "وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ". إن قدرة الله تتجلى في الطبيعة بحيث يستشهد بها عليه. قال تعالى: "وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ". وموجودات الكون خاضعة لنظام: "مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ"
الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي لا يخضع لحتميات الطبيعة لأن ربه أعطاه حرية الاختيار: " إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا". إن رب العالمين نفخ في الإنسان من روحه وكرمه واستخلفه: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً". الله استخلف الإنسان وكلفه بواجب الإعمار للأرض، ومنع الإفساد، ورعاية المناخ، والمياه، والحيوان، والنبات. قال تعالى:"هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا" - أي جعلكم عمارها. وقال: "وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا". وجاء في الحديث: "اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَ : الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ ، وَالظِّلِّ ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ". والحيوانات أقاربنا في أسرة الحياة. قال تعالى: "وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم". وقال النبي "صلى الله عليه وسلم" فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبٍ أَجْرٌ" وقال حفاظا على الغطاء النباتي: "مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ". قال الإمام الشاطبي هنالك خمسة أمور هي المقاصد التي تعمل أحكام الإسلام لتحقيقها هي: حفظ الدين- والنفس- والعقل- والمال- والنسل". وباستقراء نصوص الوحي يمكن أن يضاف لها ثلاثة مقاصد هي: "حقوق الإنسان، ورعاية البيئة، ووحدة الأمة".
الحضارة الغربية في نهضتها الحديثة ركزت على التقدم التكنولوجي دون مراعاة للجوانب الأخلاقية والبيئية ولكنهم منذ حين تنبهوا لخطورة هذا المسلك غير المتوازن. وعبر عدد من المؤتمرات هي كوبنهاجن 1972م، وريودي جنيرو 1992م، وجوهانسبيرج 2002م، تراكمت الدراسات واتخذت القرارات المهتمة بالتنمية المستدامة وأبعادها الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية. هذا التطور في الفكر البيئي الإنساني يقترب من المفاهيم الإسلامية. وفي إطار حوار الحضارات نحن محتاجون لاستصحاب إنجازاتهم التكنولوجية، وهم محتاجون لاستصحاب قيمنا الأخلاقية، والبيئية، وذلك ليستقيم نظر الإنسانية بعينين وتمشي برجلين. ثم عقد مؤتمر كيوتو الذي صارت قراراته ملزمة دوليا في 2005م. ثم اتخذت قرارات الألفية الجديدة في عام 2000م. وأخيرا عقد مؤتمر كوبنهاجن في عام 2009م. هذه المؤتمرات تمثل وعيا محمودا بمسائل البيئة ولكن يعاب عليها أنها لا تنفذ ولا توجد آلية للمساءلة على تنفيذها والمتابعة. لذلك يرجى أن نعمل على:
أولا: الحرص على تنفيذ قرارات المؤتمرات الدولية لتحقيق أهدافها.
ثانيا: العمل على تكوين مجلس أمن مواز ليتولى متابعة قضايا الأمن الاجتماعي والبيئة.
ثالثا: العمل على توحيد القوانين البيئية في قانون دولي واحد وتكوين محكمة للمساءلة في مخالفات البيئة.
رابعا: أقر مؤتمر كوبنهاجن الأخير مبدأ العدالة البيئية لتعويض الدول الفقيرة ضحايا تلوث البيئة. كان المبلغ المخصص ضئيلا بالقياس للمهام المطلوبة. ينبغي أن نطالب بمضاعفته والإسراع بتوفيره لينفق في الآتي:
· تخضير المناطق القاحلة وشبه القاحلة بالغطاء النباتي والتوسع الغابي.
· ترشيد استخدام المياه خاصة في مجال الري الزراعي.
· ترشيد الفلاحة والرعي.
· احتواء الاحتطاب والتحول نحو الطاقة النظيفة، سيما الشمسية واتخاذ هدف: أن تكون كافة الأغراض المنزلية من إضاءة، وتبريد، وتسخين، وطبخ بالطاقة الشمسية.
· الاستعداد لصد مياه البحار لحماية الأراضي التي سوف يغمرها.
· توجيه الأبحاث العلمية والتدريب لتحقيق هذه الأهداف.
· توحيد الكلمة للمطالبة بهذه المطالب في مؤتمر المكسيك القادم.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على حبيبنا محمد وآله وصحبه مع التسليم وبعد،
قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا". وقال النبي "صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم:"مَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ، أَوْ قَالَ : عَدُوَّ اللَّهِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ" -أي رجع عليه. وفي الماضي رزئت أمتنا بخوارج يكفرون الناس بلا رحمة، ونحن اليوم نواجه ظاهرة الخوارج الجدد الذين يكفرون الناس كما يتنفسون. فمن قال الأرض كروية كافر، ومن قال الإنسان وصل للقمر كافر، ومن انتخب امرأة كافر، ومن ذكر إمامة المرأة كافر، ومن شك في نقابها كافر.. تكفير هو خطوة في طريق استحلال الدماء والأموال. هذه ظاهرة عانى منها مجتمعنا ومجتمعات أخرى وتركها ولاة الأمر لتتمدد في كثير من البلدان وبلادنا "الفيها مكفيها" لذلك ينبغي تطهيرها من التكفيريين بحملة تقوم على ثلاث شعب:
أولا: بناء رأي عام قوي ضد نهجهم الجالب للفتنة.
ثانيا: ضبط الفتوى فلا تجوز إلا عبر آليات معتمدة. كيف نحمي الناس من السب ونسمح بسب الأديان؟
ثالثا: إصدار تشريع محكم لمساءلة كل من يصدر أحكاما جزافية على عقائد الناس.
أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز
أهم مدارس الفكر الإسلامي الآن ثلاث: سنة، وشيعة، وصوفية. نحن جميعا نؤمن بالله واليوم الآخر ونشهد أن محمدا رسول الله.
أهم مدخل الآن لأعداء الإسلام إثارة الفتن بين فرقه لا سيما السنة والشيعة وقد سالت الدماء بحاراً بسبب هذه الفتنة في العراق، وفي لبنان، وفي باكستان، وهي فتنة يراهن على استمرارها واتساعها أعداء الإسلام. علينا في وجه هذه الفتنة أن نتفق على الآتي:
1. نحن أهل كتاب واحد ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
2. خلافات الماضي منذ الفتنة الكبرى أمرها لله " تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ".
3. آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم محل تقديرنا ونحن نكرر ذلك في التحيات في صلواتنا، تقدير دون غلو فهم جميعا بشر.
4. صحابة النبي صلى الله عليه وسلم محل احترامنا، احترام دون تقديس فهم بشر.
5. باب الاجتهاد مفتوح ونتعاون فيما نتفق عليه ونعذر بعضنا بعضا فيما نختلف عليه.
6. نجادل بعضنا بعضا بالتي هي أحسن ولا نلزم بعضنا باجتهاداتنا ولا نمنع بعضنا من تحديد أي موقف مذهبي يشاء ما دام يفعل ذلك طوعا.
7. علاقاتنا بالآخر الديني والدولي تقوم على التسامح، والتعايش، والتعاهد في أمر المصالح المشتركة.
ومن هذا المنطلق نؤيد ما جاء في إعلان لجنة رسالة الإسلام وأيده قادة من الأزهر والشيعة من قم ونصه: "نؤمن جميعاً بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ونؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. وأن الاختلاف بيننا في الفروع هو اجتهاد يقره الإسلام".
وفيما يلي اجتهادات لبيان حول قضيتي النقاب والتربية الجنسية للشباب.
أقول: النقاب عادة لا عبادة. كل ما جاء بخصوص زي المرأة في القرآن هو:
· قال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ" وهذا يعني ستر الأفخاذ والسيقان.
· وقال: "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ" وهذا يعني ستر النحور أي أعلى الصدر، إضافة للرأس الذي إنما يستره الخمار بالأصل.
· وقال تعالى: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا" أي ما ظهر في الجزء المسموح بظهوره.
· وقال تعالى: "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ". وهذا توجيه لغض النظر عن شيء مرئي لا مغطى.
وروى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأسماء: "يَا أَسْمَاءُ ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ".
كلمة حجاب لم ترد أصلا في القرآن إشارة لزي المرأة بل خاص بالحاجز المطلوب بين نساء النبي والصحابة وهو أمر دعت إليه الضرورة لا سيما بعد حديث الإفك واقترحه عمر "رضي الله عنه" وأيده القرآن سدا للذرائع.
النقاب عادة عرفت في الجاهلية وعرفت لدى شعوب الشرق الأوسط القديم وهو إعدام شخصي واجتماعي للمرأة وقد صار الآن وسيلة يتخذها كثيرات وكثيرون للتستر على أعمال إجرامية يدبرونها ضد المجتمع.
مع كل هذا فما الذي يسوغ التكفير غير الاستخفاف بحرمات الدين. نحن لا نكفر من قال بالنقاب. ولكننا لا نكف عن إرشاده.
إن تبادل التكفير عبث بالدين.
أما التربية الجنسية فإن خوض التكفيريين فيه عجيب. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ". والعلم يشمل أمر الدين وأمر الدنيا. وقال تعالى: "هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ"؟. وقال: "فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ". وأهل الذكر في كل مجال ديني أو دنيوي موجودون. مقترح إضافة: وكان علماؤنا وفقهاؤنا جريا على سنة رسول الله حبيبنا محمد (ص) يهتمون بأمر الثقافة الجنسية وحينما كانت الكنيسة في الغرب تحرّم الخوض في أمور الجنس لأنه بنظرهم خطيئة، كان علماء المسلمين يهتمون بالحديث عن النكاح وآدابه وكان بعض فقهائنا يكتبون كتبا أمثال كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين للإمام ابن قيم الجوزية، وكتاب طوق الحمامة للإمام أحمد بن حزم الظاهري، وكتاب شقائق الإترنج في رقائق الغنج للإمام السيوطي، وغيرها.. ومن منا لم يسأله ابن أو بنت: عن الزواج ما هو؟ وعن الحمل؟ وعن البلوغ ما هو؟ وعن الحيض؟ وعن ما هو الإيدز الذي تقوم بشأنه الحملات؟ وعن غيره من الأمراض المنقولة جنسيا؟ وعن حرمة أو استباحة المصافحة؟ وعن العادة السرية؟ وعن سماع الموسيقى وغيرها من الفنون؟ وغيرها من الأسئلة التي تتكرر على ألسنة الشباب بنين وبنات لأبيهم ولأمهم لا سيما ونحن نعيش في مجتمعات مفتوحة تروي الصحف فيها أموراً كثيرة تثير الأسئلة. ثم هناك الفضائيات والإنترنت والإذاعات وغيرها ونحن نرى في المجتمع حملات قومية في أمر الإيدز والمخدرات وهي حملات يسمع بها أبناؤنا وبناتنا. فهل بعد هذه الحقائق يمكن لعاقل أن يقول أسكتوا عن هذه الأشياء لأن الحديث عنها يخدش الحياء أو يثير الشهوات! ألا فقولوا: هذا كلام له خبيئ معناه ليست لنا عقول.
نحن أمام خيارين: إما أن نهتم بالتربية الجنسية ونعلم شبابنا هذه الأمور بصراحة وشفافية أو أن نتركهم نهبا للشهوات والجهالات والأوهام الشائعة في كثير مما يتداوله الأقران، وأدوات الإعلام تربيهم كما تشاء. لذلك أنا شخصيا بصدد نشر كتاب بعنوان أيها الجيل. وأرحب بنشاط المركز القومي للمناهج والبحث التربوي بالتعاون مع البرنامج القومي لمكافحة الأيدز ومنظمة اليونسيف.
يا سدنة مدرسة التكفير والتجهيل أهلنا يقولون: "المؤمن لدينه فتاش". والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ". وكيف لا نهتم بتربية أطفالنا ليميزوا الخبيث من الطيب وليعلموا أن الجنس من أهم هبات الله للإنسان، وهو كذلك من أكثرها عرضة للانحراف، فالواجب بيان حميده من خبيثه وهذا هو جوهر التربية الجنسية. أرجو ألا تثني أصوات التجهيليين العاملين في هذا المجال فإنه "لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ" والله يقول: "وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ".
أحبابي في الله
توفي هذا الأسبوع الحبيب ميرغني النصري. كان ميرغني من تقاة المثقفين الذاكرين وكان مع تمسكه بمبادئ سياسية لا يحيد عنها قومي التوجه تعاون معنا على هذا الأساس في كثير من قضايا الوطن، رحمه الله رحمة واسعة. اللهم ارحمنا وارحم آباءنا وأمهاتنا وأهدنا وأهد أبناءنا وبناتنا وبارك في أرزاقنا وألطف بنا ببلادنا واجعل لنا من أمرنا رشدا.
أحبابي
"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ". حي على الصلاة حي على الفلاح.