يقول سبحانه وتعالى عن إبليس اللعين في سورة الأعراف: قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم من خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين , وقال أيضًا: رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين , فمن مكائد عدو الله ومصايده التي كاد بها الذين وصفوا بقلة العقل والدين وصاد بها قلوب الجاهلين المبطلين الإستئناس إلى سماع الأغاني والموسيقى التي تصد القلوب عن القرآن وتجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان حتى وصل الحال بهذه الأمة في هذه الأزمان من يسمون نجوم الغد أو جلسة ما منظور مثيله ويدعوا إلى ترويج بضاعة من ليس لهم خلاق عند الله سبحانه وتعالى إلا بتبجيل أصحاب الغناء والموسيقى, إلى رفعة شأنهم..,إلى إظهار صورهم وأغانهم في كل مكان.., حتى أصبح الشباب والشابات يملأون أوقاتهم بهذه الأغاني الفاجرة, ولازلت تجد في أجواء بيوت كثيرة وفي أرجاء منازل عدة أصوات هؤلاء المغنيين والمغنيات, فترى الشاب على علم بهؤلاء وأسمائهم وصورهم, على علم بأوقات أغنياتهم التي تُبث في إذاعاتنا.. ومن يصوت لهم ويشجعهم وتجد مدراهم قبحهم الله يعينونهم على ذلك ليكون فى الحلقة القادمة أرقى ومن وراء ذلك الصحف والمجلات الفاجرة التي تُشيد بهؤلاء المطربين فتذكر أسمائهم ومنجزاتهم في الأغنيات والموسيقى حتى يتربى الشباب على هؤلاء, ولو سألت بعض شبابنا عن بعض فرائض دينه أو عن الثلة الأولى من صحابة رسول الله الذين نشر الإسلام على أيديهم لقال لك: "هاه, هاه. لا أدري", بل لو سألت أحدهم عن مواقيت الصلاة لقال لك: لا أدري, وكيف يدري؟! ومن أين له أن يدري من نجوم الغد هولاء ليس نجوم هولاء ظلام الغد وتجد الشاب وهو يعكف على هذه الأغاني آناء الليل والنهار؟. من أين له أن يدري ووسائل الإعلام تعلمه أغنية فلان وفلانة. أنَّى له أن يدري عن هؤلاء الأبطال وسيرهم.. أنَّى له أن يدرى عن سيرة رسول الله وعن شمائله وعن طريقة منامه واستيقاظه عن طريقة أكله, حُق له أن يدري عن المغنية فلانة كيفية أكلها, حق له أن يدري عن شراب المغني فلان حق له أن يدري عن نجوم الغد أو جلسة ما منظور مثيله ولكن سيعلموا أن الجلسة الما منظور مثيله يوم أن يقفوا بين يدي الله ويسأل عن هذا الكلام وعن الاستماع إليها ,.. حُق له أن يبعد عن صفات الرعيل الأول.
أيها الاخوة من كان في قلبه شك من تحريم هذه الآفة فليُزِل الشك باليقين يستمع إلى كلام رب العالمين وأحاديث سيد المرسلين في تحريمها وبيان أضرارها من النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة, والمؤمن يحتاج فقط إلى آية واحدة من كتاب رب العالمين أو إلى حديث واحد من صحيح سنة المصطفى ليستمسك بأمر الله وليترك هذه الآفة, قال سبحانه وتعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إلا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا .
والنصوص من القرآن الكريم على تحريم الغناء والموسيقى عديدة استمع أيها الأخ الحبيب إلى كلام ربك عز وجل في سورة لقمان في تحريم الغناء يقول سبحانه وتعالى: ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا أولئك لهم عذاب مهين وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرًا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرًا فبشره بعذاب أليم أكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث في الآية الغناء؛ لأنه يلهو عن ذكر الله لأنه من أكبر الملاهي عن ذكر الله.
وورد النص في ذلك عن الصحابة الكرام, فهذا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول: "هو الرجل يشتري الجارية تغنيه ليلاً ونهارًا, وسُأل أبو الصهباء عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه عن الآية: ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله فحلف, أقسم بالله تعالى قال: والله الذي لا إله غيره الغناء قالها ثلاث مرات.
صدقت ياابن مسعوذ وإن لم تقسم بربك.. والله الذي لا إله غيره الغناء... هم أصحاب جلسة ما منظور مثيله هم ظلام الغد
وإن أردت أن تعرف بأن الغناء من شهادة الزور وإن عباد الرحمن لا يشهدون الزور اذهب إلى قول المفسرين في آخر سورة الفرقان لتجد قوله تعالى: والذين لا يشهدون الزور وإذا مرّوا باللغو مرّوا كرامًا لتجد قول محمد بن الحنفية يقول: الزور هو الغناء؛ لأنه يميل بك عن ذكر الله, والذين لا يشهدون الزور. قال المفسرون: "لم يقل الله تعالى والذين لا يشهدون بالزور" وإنما قال: "الزور" حتى يكون المراد: أي لا يحضرون الزور أي الغناء.
وإذا أردت أن تعرف بأن الغناء والموسيقى من قرآن الشيطان وأن المزامير صوته اذهب إلى سورة الإسراء لتجد قول الله تعالى للشيطان وحزبه: واستفزز من استطعت منهم بصوتك قال عكرمة عن ابن عباس في قوله: واستفزز من استطعت منهم بصوتك قال كل داع إلى معصية ولذلك قال مجاهد رحمه الله تعالى: صوت الشيطان المزامير, وإذا أردت يا عبد الله أن تعرف بأن الغناء يصد عن القرآن فاستمع إلى قوله تعالى في سورة النجم: أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون قال ابن عباس: السمود في لغة حِميّر يعني الغناء, يقال: اسمُدي لنا يا جاره أي غني لنا؛ ولذلك قال أبو عبيدة: المسمود هو الذي يُغني له.
وإذا كانت الآيات قد دلّت على ذلك فأحاديث رسول الله صريحة في الدلالة على تحريم الغناء, استمع إلى المصطفى فيما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث هشام بن عمار عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن المصطفى قال: ((ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحِرَّ والحرير والخمر والمعازف يسمونها بغير اسمها.. وليَنزلن أقوام إلى جنب علم فيروح عليهم سارحتهم فيأتيهم لحاجة فيقول ارجع إلينا غدًا فيبهتهم الله ويضع العلم ـ أي ويضع الجبل ـ ويمسخ الآخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة)) قال العلامة ابن القيم: ولم يصب شيئًا من قدح في صحة الحديث كابن حزم نصرةً لمذهبه في إباحة الملاهي, ومن كان له عناية بإسناد حديث رسولنا فليرجع إلى كلام الحافظ ابن حجر في فتح الباري في المجلد العاشر في الصفحة الحادية والأربعين منه, إلى أقوال العلماء في صحة هذا الحديث الوارد عن نبينا في حرمة الغناء.
وقوله : ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون)) أي محرمة هذه الأشياء التي تؤتى, يستحلون والاستحلال لا يكون إلا بعد تحريم.. يستحلون الحِر: يعني الفجور والزنا عياذًا بالله والخمر والمعازف يسمونها بغير اسمها فيسمون الخمر مشروبات روحية ويسمون الزنا علاقة شخصية ويسمون الغناء والمعازف فنًا يسمونها بغير اسمها؛ ظنًا أن الأشياء إذا سُمِّيت بغير اسمها تغيرت أحكامها وبطل ظنهم؛ فالله سبحانه وتعالى أنزل الحلال وأنزل الحرام فهو حلال إلى يوم القيامة وهو حرام إلى يوم القيامة مهما تبدلت الأسماء والألقاب.
وتوعد الذين يعكفون على المعازف ـ الذين يعكفون على الموسيقى ـ بالمسخ والقذف, ففي حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: قال : ((يكون في أمتي خسفٌ وقذفٌ ومسخ)) قيل: يا رسول الله, متى؟ قال: ((إذا ظهرت القينات والمعازف واستحلت الخمر)) وفي رواية: ((إذا ظهرت القيان وشُربت الخمور)), أي إذا ظهر ذلك حدث في أمتي خسف (أن يُخسف بهم وأن يمسخوا قردةً وخنازير وأن تنزل حجارةً من السماء فتصيبهم بسوء أعمالهم).
وذلك صريح في روايات أخرى من ذلك قوله : ((ليكونن من أمتي أقوام يشربون الخمر ويعزف على رءوسهم بالقيان يمسخهم الله تعالى قردة وخنازير)) قال بعض أهل العلم: إن الإنسان إذا امتلىء قلبه بالفسق والخداع والغش فإنه يشابه بعض الحيوانات.. فأنت ترى في وجوه بعض الناس مشابهة لبعض الحيوانات التي تتصف بالصفات الذميمة, فما تزال تلك الصفات تستشري في نفسه حتى ترى ذلك على وجهه, فما يزال يتقوى حتى يقلب الله عز وجل صورته الظاهرية لتوافق صورته الباطنية.
قال ابن القيم: "فمن كان ختالاً خدّاعًا رأيت مسحة القرد على وجهه, ومن كان رافضيًا رأيت مسحة الخنزير على وجهه, ومن كان نهاشًا رأيت الصورة الكلبية على وجهه فصورة وجهه صورة كلب؛ ولهذا قال في الذي يرفع رأسه قبل الإمام: (( أما يخشى أن يحول الله صورته صورة حمارًا أو وجهه وجه حمار)) وذلك لبلادته وعدم فطنته, فهو يرفع رأسه قبل الإمام في الركوع وفي السجود مع أنه سيسلم مع الإمام فيفسد على نفسه صلاته؛ ولهذا قال في الحديث: ((يمسخهم الله تعالى قردة وخنازير)) وأخرج الإمام أحمد في مسنده وكذلك أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن رسولنا أنه قال: ((إن الله حَرّم على أمتي الخمر والميسر والكوبة والغبيراء وكل مسكر حرام)) والكوبة كما قال سفيان هو الطبل. والغبيراء نوع من الشراب المسكر يتخذ من الذرة الحبشية, قال : ((إن الله قد حرم)), وما دام قد حَرَّم فمن يستطيع أن يُحل ما حرم الله.
وجاء رجل إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فقال: أرأيت الغناء أحلال هو أم حرام؟ رجل يسأل عن غناء الأعراب الذي ليس فيه معازف وليس فيه تشبيب بالنساء فيسأله أهو حلال أم حرام. قال ابن عباس: لا أقول حرامًا إلا ما في كتاب الله. قال: أحلال هو؟ قال: ولا أقول ذلك. ثم قال ابن عباس رضي الله عنهما, أرأيت الحق والباطل إذا جاءا يوم القيامة فأين يكون الغناء؟ قال الرجل: يكون مع الباطل. قال ابن عباس: اذهب فقد أفتيت نفسك.
فالإنسان الذي على الفطرة السوية يعلم بأن الغناء باطل, وأن الباطل يدحضه الله عز وجل بالحق, وأن الباطل ليس من الحق في شيء, ولذلك سماه أبي بكر الصديق رضي الله عنه مزمار الشيطان.. إذًا الشيطان يُزمّر فإذا زمَّر جمع أهل الهوى. فنتبهوا من ما يسمونهم نجوم الغد . هم والله ظلام الغد . نسأل الله لنا ولهم الهداية . والحمد لله رب العالمين