شكرا لكي أختي إيمان على هذا البوست الرائع نسأل الله أن يجعلنا من أهل الاحسان . لا شك أن هذا الدين الإسلامي قائم على ثلاث مراتب: مرتبة الإسلام، ومرتبة الإيمان، وأعلاها مرتبة الإحسان، وكان الإحسان أفضل درجات الإسلام؛ لأن القُرب من رب العالمين ونيل الزلفى لديه هو بالإحسان إلى النفس والإحسان إلى الخلق، فإذا جمع العبد بين ذلك كان أقرب إلى ربه.
والإحسان يتضمن نفعَ النفس بجميع القربات وأنواع الخيرات، وكفّها عن جميع المحرمات، ونفع الخلق بجميع أنواع البر. والإحسان أفضل منازل السائرين، وأعلى درجات العبادة، وأحسن أحوال عباد الله الصالحين، قال الله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرٰهِيمَ حَنِيفاً [النساء:125]، وقد وعد الله تعالى على الإحسان أعظم الثواب في الدارين، وأحاط المحسنين بعنايته، وحفظهم بقدرته، وأجزل لهم الخيرات برحمته تعالى.
فمن ثواب الإحسان أن الله تعالى مع من أحسن العمل معيةً خاصة بنصره وتأييده وحفظه ومعونته وتوفيقه وإصلاح شأنه كله، قال الله تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ [النحل:128]، وقال تعالى: وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69]. ومن ثواب الإحسان محبة الله تعالى لعبده الذي أحسن القول والفعل محبةً تليق بجلاله، وإذا أحب الله عبداً آتاه من كل خير وصرف عنه كل شر، قال الله تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ [البقرة:195]. ومن ثواب الإحسان أن الله تعالى يجعل للمحسنين من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية، وينجيهم من مكر أعدائهم، ويمنّ على المحسنين بأنواع المنن والخيرات، ويكتب لهم أحسن العاقبة، قال الله تعالى عن يوسف عليه الصلاة والسلام وعن أخيه: قَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ [يوسف:90]، وقال تعالى: إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً [الكهف:30]. ومن ثواب الله تعالى على الإحسان عِلمٌ يقذفه الله في القلب يفرِّق به الإنسان بين الحلال والحرام، والحق والباطل، ونورٌ يكشف الله به الظلمات، ويرفع به ظلمات الشبهات، وأمراض الشهوات، قال الله تعالى: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ [يوسف:22]. ومن ثواب الإحسان أن الله تعالى يُلحق آخر المحسنين بأولهم، ويُشركهم في فضله وثوابه، ويحشرهم آخرهم مع أوّلهم، وينشر عليهم رحمته، ويتم عليهم نعمته، قال الله تعالى: وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَـٰجِرِينَ وَٱلأَنْصَـٰرِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ [التوبة:100]. ومن ثواب الإحسان الثناء الحسن من رب العالمين، والثناء من العباد والدعاء الدائم للمحسنين، والبركات المتكاثرة الحالة، قال تعالى: سَلَـٰمٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِى ٱلْعَـٰلَمِينَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ [الصافات:79، 80]، سَلَـٰمٌ عَلَىٰ إِبْرٰهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ [الصافات:109، 110]، سَلَـٰمٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ [الصافات:120، 121]، إلى غير ذلك من الآيات، وهذا وإن كان في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنه ثواب لكل من أحسن بحسب إحسانه وعبادته لله تبارك وتعالى. ومن ثواب الإحسان أن الله تعالى يُعطي صاحبه كل خير، ويصـرف عنه الشـر والمكـروه، قال تعالى: لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ [النحل:30].
وأما ثواب الإحسان في الآخرة فإنه أجلُّ الثواب وأعظم الجزاء، قال الله تعالى: هَلْ جَزَاء ٱلإِحْسَـٰنِ إِلاَّ ٱلإِحْسَـٰنُ [الرحمن:60]، وقال تعالى: لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ [يونس:26]، والحسنى هي الجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم كما تواترت بذلك الأحاديث , والله تعالى أعلم .