مدونات السيرة من قضية المرأة؟
السيرة والمرأة
إن كل الروايات في سيرته صلى الله عليه وسلم تدل على مكانة عالية للنساء، لقد كانت خديجة رضي الله عنها شريكة الرسول (ص) وربة عمله قبل الرسالة، وكانت وزيرته بعد الرسالة.
وحينما دهمه الوحي لجأ لخديجة فزملته ودثرته وطمأنته إلى أنه رسول هذه الأمة وأشارت عليه بورقة بن نوفل فاستمع لما قال، لقد كانت خديجة أول من آمن بل من قذف بالطمأنينة في قلب الرسول الأمين. وخديجة هي التي نصرته حين خذله الناس وأيدته بمالها ووقفت إلى جانبه حين تفرق عنه الناس، وحينما توفيت سمي العام الذي توفيت فيه عام الحزن- فقد توفي فيه أكثر شخصين نصرا رسول الله وأيداه خاصة إبان شعب أبي طالب (الحصار الذي فرضته قريش عليه وعلى المسلمين): خديجة وأبو طالب عم رسول الله.. وقد توفيا بعد انتهاء الحصار.
وكانت السيدة فاطمة موضع ثقة النبي (ص) المطلقة ومحل حبه الكبير. وقال عن عائشة رضي الله عنها “خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء" وهذه مسئوليه خطيرة أسندها للسيدة عائشة. بل لقد كان تعامله معها قمة في الحضارة والحداثة، فليس الحداثة بالتاريخ بل هي جملة مفاهيم يمكن أن تطلق على أي شخص حتى ولو كان تاريخ حياته متقدما على الآخرين. لقد كان تعامل رسول الله مع زوجاته لينا عطوفا ودودا حتى أن عمر رضي الله عنه لم يكن يرضى بما يسمع أن زوجات رسول الله يجترئن عليه به من قول وعمل، ويعنف على ابنته حفصة فيما يعلمه عنها، ويروى عن رسول الله (ص) أنه قال لعائشة أنه يعلم متى تكون راضية عنه ومتى تكون غضبى لأنها في حالة الرضى كانت تقسم قائلة ورب محمد وفي حالة الغضب تقول ورب موسى وهارون.. فأي سعة صدر تلك التي تجعله يقبل منها ذلك بل يمازحها بما علم عنها..
وتروي الصحاح كيف أن سيدنا عمر دخل على رسول الله وكان معه نساء المهاجرين يتحدثن بحرية فلما دخل وجمن : "اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قُمْنَ فَبَادَرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ فَقَالَ عُمَرُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ فَقَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَ نَعَمْ أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".. كل ذلك لأن تعامل الرسول عليه الصلاة والسلام مع النساء لم يكن يشبه تعامل ذلك الزمان.. كان يدعو لتجاوز ذلك التعامل وتطويره بالفعل مما ظهر في السيرة وفي القول مما وشت به كثير من الأحاديث.
ولإقامة المجتمع الإسلامي اهتم رسول الله بالنساء فبايعهن علي أساس المساواة التامة في جميع المسؤوليات التي ينبغي أن يهتم بها المسلم. وكان يعقد لهن مجالس العلم يسألنه في أمور دينهن ودنياهن جميعها فلا حياء في الدين، وقد أوردنا كيف كان يعطيهن الحرية في تلك المجالس ويعلو صوتهن صوته في بعض الأحيان.
لقد قاتلت النساء مع رسول الله فِعل نسيبة بنت كعب وأمية بنت قيس على سبيل المثال، وكن يطببن الجرحى. وحفظت حفصة الكتاب حتى نسخ في عهد عثمان، وأشعرت النساء فعل الخنساء بعد إسلامها وكان رسول الله يقول لها "إيه يا خناس" يستزيدها من الشعر منشدة إياه..
إننا ندعو المرأة المسلمة عامة والمرأة فى الهدى خاصة أن تعلم شؤون دينها وأن تسلك كل السبل المشروعة الممكنة وأن تتسلح بسلاح العلم والمعرفة والوعي لأن على عاتقها مهمة عظيمة. مهمة .
إن سيرة المصطفي حجة قوية تؤكد أن الجذوة التي أشعلها محمد بن عبد الله ما زالت مشتعلة وأن المجتهدين والمجتهدات والمجددين والمجددات ما برحوا يتعهدونها من جيل الي جيل وهذا النشاط المتكرر المتقد بنور الحق حجة قوية تتلقفها المرأة المسلمة عامة لتبلغ الثريا لا أقل.
والسلام عليكم ورحمة الله