الاحبة الكرام إن للشيطان رسل وأدوات يعينونه على ابن آدم منها:
1- الغضب: عن سليمان بن صرد قال كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد)) فقالوا له إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعوذ بالله من الشيطان)) فقال وهل بي جنون. [عن عطية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ))
والغضب وسيلة للتحريش بين الناس والتفريق بينهم وهو غاية للشيطان قال الله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} [المائدة:90-91]. {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينـزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً} [الإسراء:53]. ومن نزغه ما صنع بإخوة يوسف {من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي} [يوسف:100].
عن جابر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش ))
ومن ذلك أيضاً التحريش بين الزوجين وإفساد قلبيهما، فعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال فيدنيه منه ويقول نعم أنت)) قال الأعمش أراه قال: فيلتزمه.
2- فتنة النساء: عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان)) قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب.. قال أبو الطيب في قوله: ((استشرفها)) أي زينها في نظر الرجال.
عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهي تمعس منيئة لها فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه فقال: ((إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه)). قال النووي: "قال العلماء: معناه الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء"
خطب عمر الناس بالجابية فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في مثل مقامي هذا فقال: ((أحسنوا إلى أصحابي . . . .ولا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان))
قال سعيد بن المسيب: ما آيس إبليس من أحد إلا وأتاه من قبل النساء.
3- الغناء: قال تعالى: {واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورَجلك} [الإسراء:64]. قال مجاهد هو الغناء والمزامير..
عن عائشة قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبو بكر فانتهرني وقال مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل عليه رسول الله عليه السلام فقال: ((دعهما. . .)). فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم تسمية الغناء بمزمار الشيطان ولكنه أذن فيه لأن ذلك اليوم يوم عيد.
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الجرس مزامير الشيطان)).
4- العجلة وما تؤدي إليه من أخطاء ومعاصي: وعن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الأناة من الله والعجلة من الشيطان))
5- النسيان: {استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله} [المجادلة:19]. {وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين} [الأنعام:68]. {فأنساه الشيطان ذكر ربه} [يوسف:42].
6- الوسوسة وإلقاء الشبهات على القلب: عن ابن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به فقال: ((الله أكبر الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة)) قال ابن قدامة رد أمره مكان رد كيده..
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته)).
عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم)) ثم قرأ: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء} الآية. [قال أبو الطيب: لمة الشيطان الوسوسة.. ما يقع في القلب بواسطة الشيطان.
{قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس}
7- التدرج في الإغواء واتباع طريقة الخطوات {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}
ومن ذلك تدرجه في إضلال قوم نوح فعن ابن عباس رضي الله عنهما: (صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد أما ود كانت لكلب بدومة الجندل وأما سواع كانت لهذيل وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجوف عند سبإ وأما يعوق فكانت لهمدان وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسّخ العلم عبدت) ومن ذلك استدراجه لعابد من بني إسرائيل حتى أوقعه في الزنا ثم الكفر ثم تخلى عنه، والقصة رواها الحاكم وعامة المفسرين في تفسير قوله تعالى: {كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين}
وهذا الاستدراج حذر النبي من أمته فعن مطرف قال: قال أبي انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا أنت سيدنا فقال: ((السيد الله تبارك وتعالى قلنا وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا فقال قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان) نسأل الله أن يعصمنا منه, والله تعالى أعلم .. م ن ق و و ل