نالت على يدها مالم تنله يدي
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه القصيدة المنقولة والتي تعتبر من أجمل ما قيل في الغزل . وقد اختلف في نسبتها إلى / يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فمن قائل أن القصيدة ليست ليزيد بن معاوية إطلاقا وهذا ما أود أن أشير إليه للأمانه العلمية . إنما هي لشاعر الواواء الدمشقي وهي مطبوعة في ديوانه الشعري وإنما نسبت ليزيد بن معاوية خطأ ونقلتها بعد قرأتها والاعجاب بها لما تحمله في طياتها من عذوبة الكلمة والتعبير الروحي الصادق المحبب إلى النفس وإن أردنا أن ندون حقائق تأريخية فليس عيباً أن نسأل من لديهم خلفيات عن الأدب العربي والشعر في صدر الإسلام خصوصا في الدولة الأموية وكذلك ما قيل في شعر الغزل في زمن سيف الدولة الحمداني لأنها نسبت لأبي المطاع وجيه الدولة ابن حمدان وأكثر أصحاب الشأن في هذا المضمار قد اختلفوا في نسبتها للحمداني أو ابن طباطبا وسوف أنقل بعض مما قاله أهل الأدب السابقين في كتبهم خلال إيرادهم وذكرهم لهذه الأبيات الجميلة ولمن عزوها . فأقول : عزاها لأبو المطاع وجيه الدولة ابن حمدان الثعالبي في يتيمة الدهر (1/118) وقال : ومما ينسب إليه . وعزاها لابن طباطبا الثعالبي في يتيمة الدهر (1/497) وعزاها ابن كثير لابن طباطبا في البداية والنهاية (11/231) وذكرها ابن الجوزي في كتبه المدهش وبهجة المجالس بدون أن يعزوها لأحد للاختلاف الحاصل فيها . وعزاها الذهبي لابن طباطبا في تاريخ الإسلام (25/322) وقال : ومن شعره وقيل ذاك القرنين لابن حمدان ولم يصح . وعزاها الدمياطي لابن حمدان في المستفاد من ذيل تاريخ بغداد (19/115) وغيرهم ممن نقلها وفي ذلك كفاية . " قلت " إن أغلب الاختلافات في هذه الأبيات بين ابن حمدان وابن طباطبا كما بينا ذلك اّنفا وإن كنت أرجح ما رجحه الذهبي وهو أنها لابن طباطبا وذلك لقوة هذه الأبيات وجمالها وابن طباطبا ممن لديه هذه المميزات فهو مؤلف كتاب ( عيار الشعر ) والله أعلم وأحكم .
الأهداء الى كل من يهوى الفصحى
نَالَـتْ عَلَـى يَدِهَـا مَــا لَــمْ تَنَـلْـهُ يَــدِي نَقْشاً عَلَـى مِعْصَـمٍ أَوْهَـتْ بِـهِ جَلَـدِي
كَـأنــهُ طَـــرْقُ نَـمْــلٍ فِــــي أنَـامِـلِـهَـا أَوْ رَوْضَــةٌ رَصَّعَـتْـهَـا الـسُّـحْـبُ بـالـبَـرَدِ
كأَنَّـهَـا خَـشِـيَـتْ مِـــنْ نَـبْــلِ مُقْلَـتِـهَـا فَأَلْبَـسَـتْ زَنْـدَهـا دِرْعـــاً مِـــنَ الـــزَّرَدِ
مَــدَّتْ مَواشِطَـهَـا فِــي كَفِّـهَـا شَـرَكـاً تَصِيـدُ قَلْبِـي بِـهِ مِــنْ دَاخِــلِ الجَـسَـدِ
وَقَــوْسُ حَاجِـبِـهَـا مِـــنْ كُـــلِّ نَـاحِـيَـةٍ وَنَـبْــلُ مُقْلَـتِـهَـا تَـرْمِــي بِـــهِ كَـبِــدِي
وَخَصْـرُهَـا نَـاحِـلٌ مِثْـلِـي عَـلَـى كَـفَـلٍ مُرَجْرَجٍ قَـدْ حَكَـى الأَحْـزَانَ فِـي الخَلَـدِ
أُنْسِيَّـةٌ لَـوْ رَأتْهَـا الشَّمْـسُ مَـا طَلَـعَـتْ مِــنْ بَـعْـدِ رُؤيَتِـهَـا يَـوْمـاً عَـلَــى أَحَـــدِ
سَأَلتُـهَـا الـوَصْــلَ قَـالَــتْ لاتُـغَــرَّ بِـنَــا مَــنْ رَامَ مـنَّـا وِصَـــالاً مَـــاتَ بالـكَـمَـدِ
فَكَـمْ قَتِـيـلٍ لَـنَـا بالـحُـبِّ مَــاتَ جَــوًى مــن الـغَـرَامِ وَلَــمْ يُـبْـدِي وَلَـــمْ يَـعِــدِ قُلْـتُ أَسْتَغْـفِـرَ الرَّحْـمـنَ مِــنْ زَلَــلٍإِ إنَ الـمُـحِـبَّ قَـلِـيـلُ الـصَّـبْــرَ وَالـجَـلَــدِ
قَـالَـتْ وَقَــدْ فَـتَـكَـتْ فِـيـنَـا لَوَاحِـظُـهَـا مَــا إِنْ أَرَى لِقَتِـيـل الـحُـبِّ مِــنْ قَـــوَدِ
قَــدْ خَلَّفَتْـنِـي طَرِيـحـاً وَهـــي قَـائِـلَـه تَأَمَّـلُـوا كَـيْـفَ فَـعَـلَ الظَـبْـيِ بـالأَسَــدِ
قَالَـتْ لِطَـيْـفِ خَـيَـالٍ زَارَنِــي وَمَـضَـى بِاللهِ صِــفْـــهُ وَلاَ تَـنْــقُــصْ وَلاَ تَـــــزِدِ
فَـقَـالَ : خَلَّفْـتُـهُ لَــوْ مَــاتَ مِــنْ ظَـمَـأٍ وَقُلْـتِ : قِـفْ عَـنْ وَرُودِ المَـاءِ لَـمْ يَــرِدِ
وَاسْتَرْجَعَتْ سَألَـتْ عَنِّـي فَقِيْـلَ لَهَا مَـافِـيـهِ مِــنْ رَمَـــقٍ ، دَقَّـــتْ يَـــدّاً بِـيَــدِ
وَأَمْطَـرَتْ لُؤلُـؤاً مـنْ نَـرْجِـسٍ وَسَـقَـتْ وَرْداً وَعَـضَّـتْ عَـلَــى الـعُـنَّـابِ بِـالـبَـرَدِ
وَأَنْـشَــدَتْ بِـلِـسَــانِ الــحَــالِ قَـائِـلَــةً مِــنْ غَـيْـرِ كَــرْهٍ وَلاَ مَـطْــلٍ وَلاَ مَـــدَدِ
وَالـلّــهِ مَـــا حَـزِنَــتْ أُخْـــتٌ لِـفَـقْـدِ أَخٍحُـزْنِــي عَـلَـيْــهِ وَلاَ أُمٍّ عَــلَــى وَلَــــدِ
فَأْسْرَعَـتْ وَأَتَـتْ تَـجـرِي عَـلَـى عَـجَـلٍفَ عِـنْـدَ رُؤْيَتِـهَـا لَـــمْ أَسْـتَـطِـعْ جَـلَــدِي
وَجَرَّعَـتْـنِـي بِـرِيــقٍ مِـــنْ مَـرَاشِـفِـهَـا فَعَادَتْ الرُّوحُ بَعْدَ المَـوْتِ فِـي جَسَـدِي
هُمْ يَحْسِدُونِي عَلَى مَوْتِي فَوَا أَسَفِيحَتَّى عَلَى المَوتِ لاَ أَخْلُو مِـنَ الحَسَـد