منتديات ابناء منطقة الهدى
تدبر القرآن  تبيرا 49aw4
اهلا بك ايها الزائر الكريم شرفتنا ونورتنا يزيارتك.
ملحوظه : عند التسجيل الرجاء كتابة الاسم الحقيقى كاملا
(لا للاسماء المستعارة من اجل مزيدا من التواصل)
و نرجو ان تجد ما هو مفيد
منتديات ابناء منطقة الهدى
تدبر القرآن  تبيرا 49aw4
اهلا بك ايها الزائر الكريم شرفتنا ونورتنا يزيارتك.
ملحوظه : عند التسجيل الرجاء كتابة الاسم الحقيقى كاملا
(لا للاسماء المستعارة من اجل مزيدا من التواصل)
و نرجو ان تجد ما هو مفيد
منتديات ابناء منطقة الهدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مرحبا بك يا زائر نور المنتدى بوجودك
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

معا لترقية مستشفي الهدى معا لترقية مستشفي الهدى معا لترقية مستشفي الهدي معا لترقية مستشفي الهدى

المواضيع الأخيرة
            goweto_bilobedنقل عفش بالرياضتدبر القرآن  تبيرا LX155508السبت 24 يوليو 2021 - 16:36 من طرف             goweto_bilobedشركة تخزين اثاث بالرياض شركة البيوتتدبر القرآن  تبيرا LX155508الثلاثاء 18 مايو 2021 - 22:18 من طرف             goweto_bilobedأفضل شركة كشف تسربات المياه بالرياض شركة البيوتتدبر القرآن  تبيرا LX155508الثلاثاء 18 مايو 2021 - 22:17 من طرف             goweto_bilobedشركة نقل اثاث بالرياض تدبر القرآن  تبيرا LX155508الثلاثاء 18 مايو 2021 - 22:16 من طرف             goweto_bilobedلكم التحية اين انتمتدبر القرآن  تبيرا LX155508الثلاثاء 18 يوليو 2017 - 4:15 من طرف             goweto_bilobedعودة بلا خروجتدبر القرآن  تبيرا LX155508السبت 30 أبريل 2016 - 14:06 من طرف             goweto_bilobedسلام مربع تدبر القرآن  تبيرا LX155508السبت 30 أبريل 2016 - 14:04 من طرف             goweto_bilobedد/تهاني تور الدبة تدق أخر مسمار في نعش مشروع الجزيرةتدبر القرآن  تبيرا LX155508الخميس 25 فبراير 2016 - 1:14 من طرف             goweto_bilobedمعا لترقية مستشفي الهدىتدبر القرآن  تبيرا LX155508الأربعاء 10 فبراير 2016 - 17:58 من طرف             goweto_bilobedهل يمكن رجوع المنتدي لي عهده الأول تدبر القرآن  تبيرا LX155508الثلاثاء 9 فبراير 2016 - 0:21 من طرف             goweto_bilobedالدلالات الرمزية في مختارات الطيب صالح: "منسي: إنسان نادر على طريقته!"تدبر القرآن  تبيرا LX155508الإثنين 26 أكتوبر 2015 - 18:22 من طرف             goweto_bilobedتحية بعد غيابتدبر القرآن  تبيرا LX155508السبت 24 أكتوبر 2015 - 5:17 من طرف             goweto_bilobedتهنئة بعيد الأضحى المباركتدبر القرآن  تبيرا LX155508الجمعة 25 سبتمبر 2015 - 20:00 من طرف             goweto_bilobedشباب المنتدى المستشفى يناديكمتدبر القرآن  تبيرا LX155508الأربعاء 16 سبتمبر 2015 - 18:36 من طرف             goweto_bilobedتوحيد خطبة الجمعه لنفرة المستشفىتدبر القرآن  تبيرا LX155508الأربعاء 16 سبتمبر 2015 - 18:20 من طرف             goweto_bilobedدكتور اسلام بحيرى وتغيير الفكر الدينى تدبر القرآن  تبيرا LX155508السبت 15 أغسطس 2015 - 5:16 من طرف             goweto_bilobedمعقولة بس ... فى ناس كدة تدبر القرآن  تبيرا LX155508الخميس 13 أغسطس 2015 - 12:38 من طرف             goweto_bilobedيعني نسيتنا خلااااصتدبر القرآن  تبيرا LX155508الخميس 13 أغسطس 2015 - 12:35 من طرف             goweto_bilobedبيت البكى ااااااااااتدبر القرآن  تبيرا LX155508الثلاثاء 4 أغسطس 2015 - 6:59 من طرف             goweto_bilobedالحاجه فاطمه بت النذير في ذمة اللهتدبر القرآن  تبيرا LX155508الثلاثاء 4 أغسطس 2015 - 6:49 من طرف 

شاطر | 
 

 تدبر القرآن تبيرا

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 15:09

--------------------------------------------------------------------------------
(الْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ)

بقلم جمال البنا ١/ ٨/ ٢٠١١
فى كثير من الحالات- إن لم يكن فى معظم الحالات- تستأثر الشهوات بنفس صاحبها، فهو لا يحبها حبًا مقتصدًا بحكم الطبع البشرى، ولكنه يهيم بها ويسير فى آثارها ويسلك مسالكها حتى يتراكم لديه الشىء الكثير، وكلما زادت ثروته تفتحت شهيته للمزيد حتى لقد تبلغ أقصاها فى آخر دقيقة من حياته قبل الموت.

وقد عبر القرآن الكريم عن هذا أجمل تعبير «زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ».

فتأمل تعبير القرآن «الْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ»، وكيف أنها تبلغ من النفس ما لا يبلغه تعبير آخر، وقد يتصور أحد أن القرآن عندما استخدم تعبير ««وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ»، خاصة إذا كان صاحبنا من بيئة فقيرة لا يمكن أن يذهب خيالها إلى الْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ، ولكن الحقيقة غير ذلك، فقد تجاوز الثروة المليون إلى المليار والمليار إلى الترليون حتى تبلغ الْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ، بل وقد قرأنا عن عبدالرحمن بن عوف الذى ترك ذهبًا يكسر بالفؤوس.

لماذا هذا كله، والحياة محدودة، ولا يستطيع واحد أن يكون له أفواه متعددة يأكل منها ويتلذذ بطعمها، ولا أجسام متعددة يضع عليها ملابسه وزينته .

ورحم الله المتنبى:

يموت راعى الضأن فى جهـله ميتة جالينـــــوس فى طبِّــه

وربما زاد على عمره وزاد فى الأمن على سرْبه

والإنسان لا يمكن أن يبلغ هذا المبلغ من الثروة إلا إذا أعطاها عمره وأفنى فى سبيلها حياته، فأى فائدة ترجى بعد أن أفنى حياته فى سبيلها، وجعل من نفسه الوسيلة إليها .

وإذا كان الولع بالمال قد جعل الناس يختصرون من وقت أكلهم فلجأ إلى «ساندويتش» يأكله واقفاً بدلاً أن يجلس إلى مائدة حافلة، لأن الأول سيوفر له وقتاً يزيد من ثروته، فما فائدة ثروته إذا كان قد فقد نفسه، وما فائدة التكاثر وقد دنى الأجل.

أسئلة معقولة، ولكنها لا تقف أمام إغراء المال، وإغراء الثروة، وإغراء «الْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ» .

كان لابد للقرآن أن يستخدم تعبير «الْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ» لأنه كان يستشف فى المستقبل البعيد عهدًا تفوق ثروات بعض الأحاد ثروات دولة كاملة وتتجاوز الألوف إلى الملايين، والملايين إلى المليارات، ومن المليارات إلى ألوف المليارات مما يعجز الخيال عن تصوره، ومما لا يمكن أن يتأتى إلا إذا أضيف إلى عنصر العمل والكد السرقة والخداع والتزييف والتزوير وكله يهون فى سبيل المال.




عدل سابقا من قبل صديق الماحي في الخميس 25 أغسطس 2011 - 18:00 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 15:14

--------------------------------------------------------------------------------
(وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَان إِلاَّ مَا سَعَى)

بقلم جمال البنا ٢/ ٨/ ٢٠١١
هذا مبدأ من أخطر وأشمل المبادئ أن الإنسان لا يكون له إلا ما عمل له، أما إن جاءه من الحظ واليانصيب، أو جاءه بالميراث، أو لقيه فى الطريق فإنه لا يُعد فى عداد المال الذى يأتى به العمل، وتعبير «مَا سَعَى» أكثر دلالة من العمل لأنه يدل على مواصلة السير فى سبيل العمل.

إن الآية تقرر أن العمل هو أصل القيمة، وأنه بقدر ما يعمل الإنسان بقدر ما يحصل على عائد، وبقدر ما يزرع بقدر ما يحصد، والعمل بهذه الطريقة له لذة ومعنى، وهو الذى يأتى بالثمرة.

قد يكون من الصعب أن نتصور عالمًا لا يلبس رجاله ونساؤه إلا زيًا واحدًا كأنهم فى إحرام الحج، ولا يتجرأ واحد على الآخر وينطلق و«يَسْعَى» كل واحد لعمله ثم يأتون آخر النهار وقد أمضوا الساعات المقررة فى العمل، فيحاسب كل واحد على ما قدمته يداه.

فى هذا المجتمع قد يسبق النحيف السمين، وقد يغلب القوى الضعيف، وهكذا نرى أول «تميز» قامت به الطبيعة، ووضعت أفرادًا فوق أفراد آخرين.

وهذا التميز هو ما يمكن أن يعود إلى عوامل ذاتية معينة سواء صحة البدن أو قوة الإرادة، وسنبرز المساواة عند البداية المتميزون بفضل العمل، ويُعد هذا التميز عدلاً.

ولو سرنا مع هذا العرض إلى النهاية، لكان من الممكن أن نصدر صكوكاً عملية.

فى الأيام الأولى للثورة الصناعية حاول «أوين» وزملاؤه إصدار صكوك عمل فهناك صك بعمل ساعة، وهناك صك بعشرة، وكأنما تطبق الآية «وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى»، ولكن التجربة فشلت بالطبع، وكان هناك متاجر ومصانع تطبق هذه الصكوك وتبيع سلعها طبقاً للأساس المتفق عليه للقيمة التى تكونها ساعة عمل.

إن المجتمع البشرى أشد تعقيدًا مما تصوره «أوين» وأصحابه، إنه تعبير عما فى النفس الإنسانية من فجوز وتقوى، إن أبوابه مفتوحة يدخلها البار والفاجر.. الصادق والكاذب، كما أن جنباته تتسع لكل ما يتفتق عن ذكاء البشر عن وسائل للتحايل، كما أن «يسعى» يمكن أن تتقبل ظهور رجال أعمال يملك كل واحد منهم عشرات الملايين، بل مئات الملايين، ولكن هذا لا يكون سعيًا لعمل ولكن اقتناصًا للأموال بكل الوسائل من خداع أو نفاق أو كذب وتزييف.

ولكن يبقى بعد هذا «وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى» شعارًا يفخر به الكثيرون، ويرون فيه العدل والصدق والحقيقة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 15:17

--------------------------------------------------------------------------------
(ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ)

بقلم جمال البنا ٣/ ٨/ ٢٠١١
كانت عادة التبنى موجودة فى العالم القديم، وبمقتضاها كان يمكن لأى فرد أن يعلن تبنيه لصبى أو فتاة، وإن لم يكونا من صلبه، ووجد من ظروف الحياة ما يسمح، بل ما يوجب هذا، هناك الفتى اليتيم الذى فقد أمه وآباه فأصبح الضياع يهدده، ولا يمكن إلحاقه بعمل، بل لا يمكن إلحاقه بمدرسة تشترط عند قبول الطالب أن يكون له «ولى أمر»، ومن ناحية أخرى نجد شيخًا تقدم به العمر ولم يوهب بولد أو ببنت، فأصبح وحيدًا وأصبح يخشى على ثروته وميراثه من الضياع، ولو أنه تبنى ولدًا نابهًا ذكيًا لأراح واستراح ولحل مشكلة إرثه واسمه بإجراء واحد.

ومعروف أن الرسول فى الأيام الأولى للدعوة تبنى زيد بن حارثة، وكان زيد قد اختطف من والديه فى إحدى الغارات التى قامت بين القبائل العربية وباعوه للسيدة خديجة التى وهبته للنبى، وبعد فترة طويلة عرف أبوه بأمره، فجاء ومعه إخوانه للرسول وطالبوا به النبى، وترك النبى الأمر لزيد نفسه ففضل البقاء مع الرسول، وأكبر أبويه الأمر، وحاولوا دفعه للذهاب مع أبيه، ولكنه تمسك، وأكبر الرسول هذا الوفاء، فأعلن تبنيه له ورضى والده وسافر مطمئناً إلى أن ابنه أصبح ابناً لمحمد، وظل زيد يطلق عليه ابن محمد حتى أنزل الله تعالى تحريم التبنى.

انتقد أناس كثيرون تحريم الإسلام للتبنى، ولم يروا فيه غضاضة أو ضيراً مادام الفريقان يريدانه، ولكنى أعتقد أن الإسلام كان لابد أن يحرمه لأنه مخالفة صريحة للحقيقة، وكذب يراد له أن يكون مشروعًا، وهذا أمر يرفضه الإسلام، فالإسلام يريد الحقيقة «ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِى الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا».

إن القرآن يعلمنا دائمًا أن الأمر ليس بالأمانى.. ولكن الحقيقة.

وواضح بالطبع أن إلغاء التنبى لا يمنع من أن يتولى رجل ما ابناً يعلمه كما لو كان ابنه ويعامله كذلك، ولكنه لا يغالط الحقيقة فى الاسم فليحمل اسم أبيه «فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِى الدِّينِ».


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 15:20

--------------------------------------------------------------------------------
(وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ)

بقلم جمال البنا ٤/ ٨/ ٢٠١١
قرأت تعليقات وتفسيرات عديدة لهذه الجملة من سورة، فيها اجتهاد وإبداع، ولكنى أحسست فى نفسى بمعنى آخر للآية، معنى يلمس جروحًا لم تندمل بعد. إن منظر البئر المعطلة، مع أنها هى التى يُستسقى منها الماء والكهرباء ورى الأرض وغيرها مما لا تبقى الحياة إلا بها. لكنها معطلة، فى حين ينتصب إلى جانبه قصر مشيد، أفلا يوحى جمع هذين بشىء من الخلل فى التنظيم الاقتصادى والاجتماعى للدولة؟ فكيف جاز أن تخرب وتعطل البئر التى على مائها يعيش الناس، وبجانبها قصر ممرد لا يسكنه أحد، لأن مالكه لديه من القصور ما يمكنه أن يسكن فيها قبل أن يحتاج إلى هذا القصر؟!

أفلا نرى صورة لهذه الآية فى حياتنا؟! ألا نرى المساكن العشوائية التى لا يصلها إلا ماء المصارف، ولا تنيرها الكهرباء، وتعصف الرياح بما صنعت من ورق كرتون أو صفيح، وتجد الأطفال لا يرتعون ولا يلعبون ولا يضحكون، لكن يجلسون ساهمين واجمين خائفين من عدو مجهول؟! ومع أنهم لا يكادون يجدون ما يسد الرمق، فعلى خطوات منهم يقف القصر ممردًا مشيدًا، داخله كل شىء، وفى ثلاجاته الأنواع المختلفة من اللحوم، ويضم مولدًا للكهرباء وآخر للمياه، ولا ينقصه إلا من يعيش فيه.

عندما زرت لندن، كان أبرز ما لفت اهتمامى منظر البيوت، إنها صفوف من بيوت لا يختلف واحد منها عن الآخر، ولها طريقة واحدة فى البناء، فكل منها له حديقة خلفية صغيرة، والأدوار ثلاثة، ولا يمكن التمييز بين البيوت إلا بالأرقام، وقد بدا لى المنظر مملاً، لكنه يحقق العدالة والمساواة، فمن حق كل واحد أن يأمل فى مثل هذا البيت، لكن لا يخطر بباله أن يبنى قصرًا مشيدًا، خاصة إذا كانت البئر معطلة.

إن يـد العدل عندما تعمل فى المجتمع فإنها تزيل كل صور التفارق وتشيع حاسة المساواة، بحيث لا يقع المجتمع فى مثل هذه المفارقات التى تقع فيها الدول النامية، والتى انتقدها القرآن عندما تحدث عن البئر المعطلة والقصر المشيد.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 15:25

--------------------------------------------------------------------------------
(وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ)

بقلم جمال البنا ٥/ ٨/ ٢٠١١
«الالتزام» كلمة تمثل أعظم تمثيل ما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الإنسان والإسلام.

وفى الحديث المشهور «إذا نهيتكم عن أمر فلا تأتوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»، فبين أن الالتزام السلبى قد يكون أعظم من الالتزام الإيجابى، لأنه يمثل شرًا مكفوفاً .. وهو أهم من أن يكون مغنمًا مطلوبًا، ولم يكن عبثاً أن تأتى معظم الأوامر الإلهية بصيغة النهى، ولعله كان الأصل فى المبدأ التشريعى: منع المضار مقدم على جلب المنافع.

وفى هذه الآية «وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ»، انتقد القرآن على فريق من المسلمين أباحوا لأنفسهم النيل من إخوانهم دون سند أو دليل، إلا دعاوى وأقاويل، وأنهم فى عملهم هذا لا يستشعرون مدى ما فيه من مخالفة لآداب الإسلام وبُعد عن الالتزام بها، وقد جاء فى وسط آيات تعلم أفضل تعليم ما يجب أن يكون عليه المؤمن عندما يترامى إليه شىء يمس أخاه، فعليه أن يرفضه وأن يأخذ أمر أخيه على أحسنه وأن يستبعد كل شائعة أو اتهام «لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ»، ووضح لهم «وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِى مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ»

فإذا أضيفت إلى ذلك آيات سورة الحجرات «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ».

نقول إذا أضيفت هذه الآيات بعضها على بعض، لوجدنا لدينا وجبة من الإتيكيت الإسلامى تصلح حال الأفراد.. والجماعات أيضًا.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 15:43

--------------------------------------------------------------------------------
(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا)

جمال البنا ٦/ ٨/ ٢٠١١


هذا جزء من الآية ٩ من سورة الحجرات، وفى يوم ما ألهمتنى هذه الآيات أن أكتب رسالة صغيرة باسم «محكمة السلام الإسلامية الدولية» أو «محكمة الآية ٩ من سورة الحجرات».

لقد وجدت فيها كل ما هو مطلوب فى محكمة دولية، فأوجبت الصلح عندما ينشب نزاع بين طائفتين من المؤمنين، وهو أمر يجعل إجراء الصلح أمرًا يجب تطبيقه، ولا ينتظر فى هذه الحالة طلب إحدى الدولتين التدخل، أو رفض إحدى الدولتين هذا التدخل باعتباره تدخلاً فى شؤونها الداخلية، فإذا كللت مساعى الإصلاح بالنجاح، فقد قضى الأمر، أما إذا بغت إحداهما على الأخرى ورفضت الصلح فعلينا أن نقاتل الدولة الباغية، فإذا فاءت إلى أمر الله، أى إذا سلمت بخطئها ففى هذه الحالة يُعاد أمر الصلح، ولا يتخذ رفضها وتحديها علة لتشديد العقوبة، وإنما يكون العدل هو الرائد.

ونطوى هذه الصفحة التى بدأت بالبغض وانتهت بالعدل مع ختام وتذكير أن المؤمنين جميعًا إخوة، وأن الصلح واجب دائم لهذا.

عند مقارنة ما جاء فى هذه الآية بما تقضى به بعض أصول المحاكمات الدولية من أن الدولة لا تتدخل إلا إذا طلب الطرفان أو طرف واحد التدخل، لأن الإسلام يرى فى هذا نوعاً من البغى الذى يجب عدم الاستسلام له، كما أنه يقضى بأن يكون الغرض من التدخل هو منع التعدى وحفظ الحقوق وتذكير المعتدى أنه إذا كان يستطيع بحكم القوة أن يهزم جارته الضعيفة، فإن الدول الأخرى لا يجوز لها أن تجرى هذا فتسمح للقوة بأن تنال حقاً، إنها تتدخل وعندما تنتصر فلا يسمح لمشاعر الانتقام أن تتدخل، فقصارى ما يمكن أن نصل إليه أن نصلح ما أفسدته، أما ما هو أكثر من ذلك فيمكن أن يثير عاطفة الدولة الأخرى ويجعلها تتربص وتنتظر الفرصة الملائمة لتاخذ بتأرها، وعندئذ تستمر الحرب.

لو طبقت الدول الإسلامية نص هذه الآية لما قامت بينها حروب ومنازعات ولو قامت لما تركت حتى يفترس الأقوى الأضعف أو حتى تقضى كل واحدة على الأخرى، وتسوى كل الخلافات بروح العدل والقسط والإنصاف
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 15:46

--------------------------------------------------------------------------------
(الْكِتَاب وَالْمِيزَان)

جمال البنا ٧/ ٨/ ٢٠١١
كان العرب أمة وثنية تحتفى بسبق جواد، وتفتخر بظهور شاعر، وتعكف على الخمر، وعندما تشح السماء فإن بعضها يهاجم البعض الآخر، ويستاق ما عنده من أنعام، ويسبى النساء والأطفال، وكان دور الإسلام أن يجعل من هذه القبائل المتنافرة «أمة» تؤمن بالله الذى تتناهى إليه كل الآمال وتصغر أمامه كل الأهوال، ويجعلهم إخوة متحابين تربط ما بينهم القيم الإيمانية من مساواة ومحبة وإيثار وشجاعة تصغر أمامها الحياة، وأعطى هذه الأمة ما تدعو إليه وما تفخر به «الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ».

وهكذا انطلق العرب وقد خلقهم الإسلام خلقاً جديدًا، وقضى على العداوة والتعصب القبلى، واستبعد الفخر بالجواد السابق أو القصيدة العصماء، كما جعلهم يترفعون عن «شرب الخمر» التى تقضى على العقول وتستحل المحرمات، وأهم من هذا كله أنه وضع فى يدها «الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ».

انظر إلى البلاغة الساحرة فى تعبير «الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ»، وكيف أن هذين يوجبان من المعانى ويثيران من العزائم ما يعجز عنه أى تعبير صريح آخر.

هذه الأمة الشابة الفتية التى انبثقت من عرب الجاهلية بعد أن صقلها الإسلام، انطلقت حاملة «الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ»، رافعة المعرفة والعدالة إلى شعوب الحضارات الطبقية القديمة التى كانت تحكم بالسيف وتقنن الرق وتتفنن فى ظلم الناس فحررتهم وساوت بينهم، فلا فخر لعربى على أعجمى إلا بالتقوى و«لا طبقية بعد اليوم» وفتحت أمام الأهلين المسترقين كل الأبواب، ولا يفرق بين أصغر فارسى وابن أنبل عربى إلا أن يقولوا «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله»، فقالوها عن إيمان بسماحة الإسلام والأمل فى مستقبل أفضل وأطلقوا عليهم آفاق العلوم والفنون الإسلامية فغلبوا العرب، وأصبح الفقهاء المعتمدون فى الحجاز منهم بنسبة ٥ إلى ١ عربى، بل لم تقف أمامهم اللغة العربية إذ أصبح عميدها وشيخها «سيبويه» وأصبح كتابه هو «الكتاب».

كان الإسلام ميلادًا جديدًا لشعوب هذه المناطق التى كانت مستعبدة لإمبراطورية الرومان والفرس، بل إن هذه المناطق أصبحت هى عوالم الخلافة بعد أن كانت مدناً مستعمرة محتلة لا تملك من أمر نفسها شيئاً، فأصبحت سورية عاصمة للخلافة الأموية، ثم أصبحت بغداد عاصمة الخلافة العباسية، ثم أصبحت القاهرة عاصمة الدولة المصرية، وكانت هذه المناطق كلها من قبل ترسف فى إسار الفرس أو الرومان.

لقد أثبتت ثورة «الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ» أنها أقدر على التقدم من أى عامل آخر، فلا المال ولا الموارد ولا الموقع...إلخ، يمكن أن تعدل ما يرمز إليه «الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ» من المعرفة والعدالة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 15:50

--------------------------------------------------------------------------------
«قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا»

جمال البنا ٨/ ٨/ ٢٠١١
هذه آية من الآيات التى تلهم الكثير، تلهم أن الله- تعالى- فى سماواته السبع «يسمع» صوت تلك المرأة الأعرابية التى جاءت تشتكى إلى الله من زوجها، الذى قال لها أنت علىَّ كظهر أمى، وهى كلمة تقطع العلاقة الزوجية بين الزوجين، وجعل الله بها الزوج لباسًا للزوجة والزوجة لباسًا للرجل، والرسول يفكر فيما يفعل، وقد أوقع هذا الزوج على نفسه هذه اليمين الغليظة ونزل عليه الوحى بالحل وهو أن هذه اليمين ليست إلا لغوًا، لأنها لا حقيقة فيها: «الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ»، والقرآن هنا يؤكد ما ذهب إليه عندما أبطل التبنى لأنه يخالف الحقيقة، وحتى يستأصل هذه القالة، فقد أوقع عقوبة على من يقولها هى تحرير رقبة «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً».

ولعلنا نلحظ فى هذه الآية الأساس الذى قام عليه تحريم التبنى، وهو عدم قيامه على الحق، وعدم الاعتداد بما يبنى على هذه المخالفة، كما نلحظ فى آيات الملاعنة كيف جعل الله- تعالى- «الشهادة» محل «الشاهد»، الذى لا يتيسر أصلاً فى مثل هذه الحالة، وهنا أيضًا نجد أن الآية جعلت للفقير الذى لا يملك شيئاً أن يصوم، فإن كان لا يستطيع الصيام «فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً»، فالإسلام يلحظ حالة المذنب كما يلحظ حالة المحسن ولا يريد أن يضيق على أحد منهم، وإنما يفسح أمام الجميع مجال البدائل بحيث يختار ما يطيق، وأجمل ما فى هذه العقوبات أنه ليس فيها جلد أو حبس، ولكن «إفراجات» عن مملوكين أو إطعام لجائعين.

بعد هذا بسنوات طوال، كان الخليفة عمر بن الخطاب يسير فى إحدى طرقات المدينة، عندما استوقفته عجوز، وجهرت له بقول طويل.. وصوت عالٍ، وعمر مُصْعٍ.. ساكت، فتعجب من ذلك أحد الناس، وعبر عن ذلك لعمر الذى قال له: «ويلك.. إن هذه هى خولة التى استمع الله- تعالى- لصوتها وشكايتها من فوق سبع سموات، فكيف لا يصغى لها عمر؟».

■ ألا سقيا لعهد كانت الأرض تتصل فيه بالسماء، وكانت السماء تخاطب الأرض


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 15:52

--------------------------------------------------------------------------------
(قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ)

جمال البنا ٩/ ٨/ ٢٠١١
يأتى هذا الثالوث فى كثير من آيات القرآن، يقصد به فى بعض الحالات فرعون مصر ووزيره قارون وصاحب ماليته هامان، كما يلحظ فى حالات أخرى أن يقصد به كل القادة الذين يسيرون سيرتهم ويعملون عملهم.

وواضح بالطبع أن القرآن يرفض سياسة هذا الثالوث جملة وتفصيلاً، فهؤلاء هم «أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا» وهم الذين يتحملون المسؤولية الأولى عما أصاب قومهم من انحراف فى العقيدة واستبداد فى الرأى ومفاسد فى المال، وهو يرى فيهم أسوأ صورة لنظام سياسى.

لقد عبر القرآن فى العديد من الآيات عن الحكم الرشيد، بقدر ما تجنب أن يذكر أسماءً، لأن الحكم هو واسطة عقد الحكم، وعليه تتوقف سعادته وتعاسته وفاقته وشقاؤه.

القرآن يبشر بالذين «لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى الأَرْضِ وَلا فَسَادًا»، «الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِى الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ»، وحذرهم «فهل عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ» .

وإذا أخذنا بحكم القرآن على الملوك يكاد أن يكون نقدًا خالصًا «إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ»، «إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِى الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْىِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ».

إن القرآن الكريم لا يأتمن ملكاً على سفينة فى أرضه «وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا».

فإن الحديث المشرق كذلك يفيض بالرضا والحمد لحكم المؤمنين الذين لا يسعون فى الأرض علوًا، وبين هذه النماذج من الطغاة والفراعين الذين شغلوا صفحات التاريخ بأنباء حروبهم واستبدادهم- ولا يزالون على ظلمهم وغرورهم- حتى تأتى ساعتهم الأخيرة ويبدو لهم سيئات ما عملوا، ولكن هيهات فإن الموت أسرع منهم وقد ختم حياتهم على ما فيها من مساوئ.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 15:55

--------------------------------------------------------------------------------
(أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا)

جمال البنا ١٠/ ٨/ ٢٠١١
يأتى هذا التعبير فى أكثر القراءات شيوعًا بجعل «أَمَرْنَا» من فعل «أَمَرْنَا» من الأمر والنهى، ولكن هناك قراءة أخرى تجعله من «التأمير والإمارة» بمعنى وليت ولاية وهذا هو المعنى الذى نفضله.

وتمام الآية «وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا»، وهى تعبر عن ظاهرة يعرفها كل من يدرس النظم السياسية ويتابع ظهورها وتحللها، وتعد الأكثر شيوعًا وتأثيرًا فى تدهور المجتمعات، تلك هى أن يلى الأمر المترفون الذين ألفوا حياة الترف، ويرون أن الولاية يجب أن تزيد لهم فيها، وقد ظهر من قال «كان عمر بن الخطاب يحرم آله فى سبيل الله، وأنا أعطى آلى فى سبيل الله!»، وأصبح ذلك دأبًا ووسيلة للاستحواذ على المال حتى قال قائلهم :

أحار بن بـــدر قد وليت ولاية فكن جرذاً فيها يخون ويسرق

(أحار بن بدر اسم المخاطب واختصارًا له واسمه حارث)

فماذا ننتظر من دولة تنصرف كل يد تعمل فيها للكسب من منصبه بالرشوة أو الاختلاس أو اهتبال الفرص لكى ينمى ثروته وأن يفقر الدولة بقدر ما يثرى نفسه.

إن النهاية آتية لا ريب فيها، لأن الحكم لا يجوز أن يكون تجارة وكسبًا، وإنما هو خدمة وقيامًا بواجب.. وتحقيقاً لهدف عام هو أن يسهم عمله فى ارتقاء الأمة.. فى حل مشاكلها.. فى مساعدة عامة الناس ليحيوا حياة طيبة فى أمن وسلام.

الذين يقدرون العمل العام لا يطمعون فى أكثر من أن ينجوا بأنفسهم من إغراءاته، لأن السلطة مفسدة، ولابد لكل من يشغلها أن يتعرض لذلك ولا ينجو من ذلك إلا بفضل حرية المعارضة وأن تقوم الصحافة بفضح كل صور الانحراف وأن تحاسب الأحزاب كل العاملين من الرئيس حتى الخفير، فهذا وحده ما يعصم الرجل الشريف.

إن كل من يلى منصبًا خطيرًا أو مسؤولية ضخمة لا يمكن أن يكون أكبر من يوسف الذى تعرض للإغراء، فدعا الله من صميم قلبه «وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ».

إن كل من يشغل منصبًا هو على شفا خطير عظيم، وسيكون محظوظاً لو نجا بنفسه منه.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 16:13

--------------------------------------------------------------------------------
(وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ)

جمال البنا ١١/ ٨/ ٢٠١١
موقف الأديان من الفتنة واحد، فالمسيحيون يدعون ألا يدخلوا فى تجربة، والمسلمون يقولون لا تتمنوا لقاء العدو، وهناك حديث مشهور «الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهم مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام كالراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه»، وعلى أساس هذه الفكرة وضع الفقهاء مبدأ من أكبر مبادئ الفقه الإسلامى وهو «سد الذرائح»، اعتبر فيه أن كل ما يؤدى إلى الحرام فهو حرام.

والقضية هى قضية الضعف البشرى وتقدير كل واحد مدى مقاومته أو استسلامه، وقد عرضت سورة يوسف هذه الناحية من الطرفين، طرف الغاوى وطرف المقاوم الذى رأى أن «السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِى إِلَيْهِ»، ولكنه مع هذا يعترف «وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ».

فدل ذلك على أن الإنسان قد لا يستطيع أن يقاوم الإغراء إن لم يخصه الله برعايته، فإذا كان هذا هو الأمر بالنسبة لنبى كريم، فكيف يكون بإنسان عادى؟

هل معنى هذا أن المبدأ المقرر الذى أشرنا إليه فى مستهل الكلمة، أعنى أن البعد عن الفتنة أو الشر، هو المسلك الأسلم؟ هل يدعم هذا المثل الشعبى الذى يقول «ابعد عن الشر وغنى له!»، وهو مثل يبدو غاية فى الحكمة والإصابة، أم أن هذا يُعد نوعًا من الجبن والاستخزاء والفرار من المعركة، وأن عليه أن «يقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ» لا بمعنى أن يستسلم للإغراء، ولكن أن يقاوم وينتصر، وحتى إذا لم ينتصر فحسبه أنه دخل المعركة وأبلى بلاءً حسناً، ورب هزيمة مشرفة أفضل من انتصار هزيل.

إنه خيار صعب ما بين حماية يحققها المبدأ أصلاً ومغامرة قد يخرج منها مثخناً بالجراح، حتى عند الانتصار، يظل ابتهال يوسف «وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ»، لأنه مهما كانت ثقتنا فى أنفسنا، فإن ثقتنا فى الله أكبر وأعظم.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 16:17

--------------------------------------------------------------------------------
(لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ)

بقلم جمال البنا ١٢/ ٨/ ٢٠١١
عجيب أمر الإسلام، كل دين يتحدث عن نفسه باعتباره طريق الهداية والنجاة، ولا يشير إلى الأديان الأخرى، وقد يشير إليها بما لا ينصفها إلا الإسلام، فالإسلام يسرد لنا الكثير من أنباء الأنبياء السابقين ومن كفاحهم وجهادهم فى سبيل الله ويضفى عليهم ما هم أهله من الثناء. أغلب الظن أن جزءاً من هذا يعود إلى أنه آخر الأديان، ومن ثم فإنه يعلم عن الأنبياء ما تعلمه الأديان السابقة، ولكن الإسلام لا يسوق الحديث عن هؤلاء الأنبياء من باب الذكر التاريخى ولكن وهذا هو المهم من باب فرض الإيمان بهم على المسلمين، وهو يذكر أسماء لفيف منهم، ويضيف «لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ»، كما أنه يذكر فى مجال آخر أنه لم يقصص على الرسول قصص كل الأنبياء.

إن المسلم يقرأ فى سورة البقرة «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ»، كما يقرأ فى سورة آل عمران «قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ».

إن القارئ المسلم لهذه الآيات لا يشعر بحساسية نحو هؤلاء الأنبياء الكرام ولا يجد ما يدعوه للتفرقة بينهم ويجب عليه ألا يجد فارقاً ما بينه، بل يجد تحريم أى تفرقة بينهم.

فهل يعقل أن يكـِّن لهؤلاء الأنبياء ولما جاءوا به من دين نفوراً أو صدوداً؟

إن هذا أمر بعيد، والأقرب هو أنه سيؤمن بأن الأديان واحدة فى أصلها، وأن الأنبياء أخوة، وأن العلاقات التى يجب أن تكون ما بين الأديان بعضها بعضاً هى علاقات الأخوة والمحبة، وأن الجميع يقفون فى خندق الإيمان ليواجهوا عولمة شرسة تحارب بكل سلاح للتفرقة بينهم وإضرام العداوة والبغضاء حتى تستطيع أن تهزم كل دين على حدة وتجعل من العالم بأسره سوقاً للمنتجات الأمريكية، ومن الشعوب مستهلكين يأكلون البيتزا ويشربون الكوكاكولا.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 16:22

--------------------------------------------------------------------------------
(ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه)

بقلم جمال البنا ١٣/ ٨/ ٢٠١١
قال صاحبى «أوقعت نفسك فى مأزق، كنت تريد أن تقول إن الإسلام يعترف بكل الديانات ويؤمن بكل الأنبياء وذكرت الآية (٨٤) من سورة آل عمران، ونصها (قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون)، وأغفلت الآية التى بعدها مباشرة (٨٥)، وهى (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين)، فقد نصت الآية على أن الدين حقاً هو الإسلام وأن أى دين آخر (لن يقبل منه)، أفلا ترى أن ذلك يتناقض مع الآية السابقة وما تنص عليه من الإيمان بكل الديانات والأنبياء والذين ذكرتهم»، قلت له ليس هناك تناقض، إذ يجب أن نفهم الآية التى جاءت بعد آية (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) وهى الآية (٨٦) نجد أنها تقول (كيف يهدى الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدى القوم الظالمين).

إن أى واحد يتصدى لتفسير آية يكون عليه أن يقرأ الآيات الخمس أو الست قبل هذه الآية والآيات الخمس أو الست بعدها، حتى يتبين له المقصود، لأن الآيات تبدو كما لو كانت آية مستقلة عما سبقها وعما بعدها، ولكن الحقيقة أن الآيات متصلة، فهى كموجات البحر، تظهر كل موجة كما لو كانت مستقلة، فى حين أنها كلها مترابطة، والقرآن باعتباره كتاباً فنياً بلغ الغاية من الفن يكثر من الاستثناء أو التخصيص أو غير ذلك مما لا يرد فى الآية الأولى التى تحكم صياغتها الفنية بأن تكون ما كانت عليه، ثم يأتى بعدها ما يبين المعنى، فإذا قرأنا الآية التى سبقتها وهى الآية التى توجب الإيمان بكل الديانات وكل الأنبياء، مما يبدو كما لو كانت متناقضة، ولكن الآية التى بعدها (كيف يهدى الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدى القوم الظالمين) توضح أن المقصود بالآية جماعة خاصة آمنت بالرسول (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون)، إذا أرادوا الرجوع من ردتهم الغليظة وأفعالهم العدوانية فلن يقبلهم الإسلام، وأوضح مبررات ذلك، فالحديث إذن ليس على مطلقه وإنما هو حالة خاصة بعينها.

ثم دعنى أقل لك لماذا تعترض على رفض الإسلام.. إسلام فئات بعينها لظروف بعينها، فى حين أنه اعترف بالأديان السابقة، وهل تتوقع أن ديناً يعلن أن الدين الآخر أفضل منه؟ هذا مستحيل عملياً، وإلا يوجب عليه أن يؤمن بهذا ويهجر دينه، ولكن الإسلام فى الوقت الذى آمن بهذه الديانات وهؤلاء الأنبياء، فإنه لم يوجب على هؤلاء ترك أديانهم والإيمان بالإسلام، ولكنه كان ينتظر منهم الإشارة إليه وألا يفرقوا بينه وبين أديانهم، كما قررت الآية (٨٥) مع التمسك بدياناتهم، كما أن المسلمين يؤمنون بهذه الأديان ويؤمنون أيضاً بكل الأديان الأخرى، ولا يرون فى هذا مجافاة لحرية الفكر والاعتقاد، ولربما لو شرح الإسلام لأتباع أريوس وأتباع نسطور لآمنوا بالإسلام، لأن الأول يؤمن بأن المسيح رسول ونبى، ولأن الثانى يؤمن بأن مريم ولدت رسولاً لا إلهاً.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 16:26

--------------------------------------------------------------------------------
الإسلام ديـن الجميع

بقلم جمال البنا ١٤/ ٨/ ٢٠١١
يرى الإسلام أن كل الأنبياء والرسل السابقين هم مسلمون، لأن الإسلام لا يرتبط بشخص أو بقبيلة أو بمدينة، ولكنه يشتق من إسلام القلب والوجه لله، وهذا هو الخصيصة العظمى للأديان، وقد ركز القرآن عليها وأغفل ما هو دونها، وعلى هذا الأساس قررت الآية «مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ» (آل عمران: ٦٧)، «وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِى أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ» (العنكبوت: ٤٦).

وأخيراً فيجب أن يذكر أن الإسلام قنن وأبَّـد وجود الأديان وضرورة التعايش بينها على أساس Status quo فى سورة «الكافرون» قرر أن الكفار لن يسلموا وأن المسلمين لن يكفروا وعلى هذا الأساس بنى مبدأ «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ» (الكافرون: ٦).

أما ما جاء من اختلافات ما بين هذه الديانات فالله يحكم فيها يوم القيامة، ويعتبر أى حكم من دين على دين نوعاً من الافتيات، لأن كل ما بين الأديان إلى الله يوم القيامة.

إن أمر الأديان يمكن أن يكون سهلاً.. مبسطاً إذا أخذناها إيماناً بالله.. وبالأنبياء.. وبالكتب.. واليوم الآخر، فهذا ما يوجد فى كل الأديان وما يجعلها واحـدة فى الحقيقة، ولكن الذى عقَّدها هو ما دُسَّ على الكتب المقدسة على الأقل عند ترجمتها، وقد ترجمت كلها من لغتها الأصلية، أو نتيجة للخلافات المذهبية فى الأديان أو ما جاءت به المؤسسة الدينية تدعيماً لها وكانت النتيجة ليس فحسب تعدد الأديان بل أيضاً رغبة كل مؤسسة دينية فى الاستحواذ على الآخر، بما فى ذلك الإسلام الذى يقول قرآنه بفصيح العبارة «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» (المائدة: ١٠٥)، ويقول «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» (آل عمران: ٦٤).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 16:54

--------------------------------------------------------------------------------
(لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ)

بقلم جمال البنا ١٥/ ٨/ ٢٠١١
مكانة الرحمة فى الإسلام تثير التساؤلات، فهناك مقولة منتشرة عن الإسلام هو دين الحرب والقتال، دين السيف والسنان، وأنه دين «عملى» لا يعترف بالعاطفة ولا يجد الحب مكاناً فيه.

هذه الفكرة المنتشرة خاصة لدى المستشرقين تخالف- بل تضاد- روح الإسلام إن اسم الإسلام نفسه يكشف عن طبيعته فهو السلام، والمسلمون يتبادلون تحيتهم بالسلام، والسلام من أسماء الله تعالى وأن رحمة الله تفوق بمائة مرة رحمة الحمامة بوليدتها، وأن ما يتراحم به الناس جميعًا فى هذه الحياة إنما يتم بواحد من مائة من رحمة الله، وسور القرآن مبدوءة دائمًا باسم الله الرحمن الرحيم، ورسول المسلمين مرسل رحمة للعالمين.

وخذ صفة الله «قُلْ يَا عِبَادِى الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»، فهل ترك شيئاً استثناه من رحمة الله، أنه لم يستثن شيئاً بل قال «إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا».

آية شاملة.. كاملة.. ليس فيها استثناء وليس فيها تحفظ، بل هى تنادى الذين يأسوا من رحمة الله لأنها «وَسِعْتَ كُلَّ شَىْءٍ».

إن الإسلام يعترف بالضعف البشرى.

واستكشف أحد الصحابة ويدعى حنظلة فى أحد تأملاته أنه يكون عند رسول الله خاشعًا.. تقيًّا.. راضيًا.. مرضيًا، ثم يعود إلى بيته فيعيش فى عالم آخر عالم الأكل والشرب.. عالم الهوى والشهوة، فتصور أنه قد دخله النفاق، وسار ليشكو حاله للرسول فقابل أبو بكر الذى سأله، قال نافق حنظلة، فسأله أبوبكر وكيف ذلك؟ فقص عليه ما استشعره فقال أبوبكر وأنا أيضًا أستشعر هذا، وذهبا للرسول وقصا عليه ما استشعراه، فابتسم الرسول وقال «لو تكونوا مع أهلكم كما تكونون معى لصافحتكم الملائكة.. ولكن ساعة وساعة»، فأى سماحة مثل هذه.. وأى اعتراف بما أباحه الله من لهو واستمتاع مثل هذا.

ومما يتميز به الإسلام مبدأ «البراءة الأصلية»، الذى يعنى أن كل الأفعال تعد بريئة ما لم ينزل فى تحريمها نص جلى من القرآن ليس فيه تأويل أو احتمال، فأى سعة وسماحة وحرية مثل هذا.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 16:59

--------------------------------------------------------------------------------
(وَلَوْ أَنَّمَا فِى الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ)

بقلم جمال البنا ١٦/ ٨/ ٢٠١١
كثيراً ما يضرب القرآن المثل ليقرّب على القارئ المعنى المطلوب، ولا تكون هناك صعوبة أو لبس فى فهمه، وفى الوقت نفسه يُوجِدُ الأثر المطلوب، ومما ينفرد به القرآن، ولا يمكن لكتاب آخر أن يلجأ إليه أو يأتى بمثله، أن يضرب المثل «وَلَوْ أَنَّمَا فِى الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ».

فيا له من مثال يعطى القارئ فكرة عن عظمة «كَلِمَاتُ اللَّهِ» وهو مع هذا حقيقى، لأن الأرض كلها بما فيها من محيط هادئ، حجمه أكبر من القارات، وعمقه يصل إلى ستة آلاف متر، وبعده البحار - فأين هى الأرض من ملك الله، إن الكرة الأرضية كلها ليست إلا رملة فى هذا الكون.

إن تأمل هذا المثال يجعل الإنسان «يدوخ»، فأى شىء أكثر من أن تكون قارته حبة رملة فى صحراء، فأين هو، وهل يكون له وجود وكيان وحجم؟ طبقاً لهذه القياسات لا يمكن تصور مدى ضآلة الكائن البشرى، ولكن الله تعالى اختص هذا الكائن البشرى وقارته تلك الصغيرة بالنسبة للكون، والكبيرة بالنسبة، لما تحمله على ظهرها وما تدخره فى أعماقها، ما يكفى لإطعام المليارات الستة من الآدميين الذين يعيشون، فما أعظم إحسانك يا الله عندما أعطيت الإنسان العقل والفكر والقلب الحساس والحرية فى العمل، وبهذا جعلت له حيوات فى عالم واحد.

كان الإمام أحمد بن حنبل يشبّه الرجل الذى يبحث عن المعرفة بالذى يسبح فى وسط المحيط، أين يذهب وكيف ينجو؟ ولم يدر بخلده أن هذا الإنسان قد يتوصل إلى صنع «صاروخ» يضع فيه عدداً من الرجال ويطلق ليجاوز بهم الأرض ويذهب بهم إلى القمر.

إن التأمل فيما تضمه الأرض فى جوفها وعلى سطحها، وفى دراسة الإنسان غذاءه وملكاته لآيات على عظمة الله وعلى إحسانه وعطائه الجم للإنسان، بحيث لو أمضى عمره كله ساجداً عابداً لما أوفى بما قدمه الله تعالى له، كما يمنحه القوة والشجاعة بحيث لا يغريه ما يكسبه ولا يحزنه ما يفقده، وإنما هو واثق من أن ما يأتى به الله أفضل مما يفكر هو فيه، وبهذا لا يفقد الرضا والسكينة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 17:02

--------------------------------------------------------------------------------
«لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ»

بقلم جمال البنا ١٧/ ٨/ ٢٠١١
يتنزل القرآن من سمواته ليخاطب الإنسان، وليعلمه ويهديه، ويقف منه موقف المعلم من الطالب، ويتحدث إليه كما يتحدث المعلم مع طالب جاهل ومشاكس فلا ييأس أنه يضرب له الأمثال آونة، ويكشف له عما ينتظره فى الآخرة من ثواب وعقاب، ووسيلة القرآن وطريقته طريقة فريدة فى تذكير الإنسان، وفى التغلغل إلى أعماقه وفى ترغيبه وترهيبه، بحيث يخلص فى النهاية مما هو فيه من الضلال، ويحدث هذا فى أسلوب جزل قوى متمكن غاية التمكن، بحيث ينفد من التوصيات التى يحض وراءها،

بحيث تتنافس البلاغة فى المبنى بالنبالة فى المعنى: «مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى الأَرْضِ وَلا فِى أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَــوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ».

هذا الأدب الرفيع يساق بهذا الأسلوب الأنيق ويدخل النفس دخولاً رفيقاً. إن طريقة القرآن فى الهداية أعظم من أن تكون ما فى الأسلوب فخامة، ولكن فى الثقة والتأكيد اللذين لا يفسحان مجالاً للشك، فينتهى الأمر بالإيمان.

ولو أن الدعاة والمعلمين طالعوا القرآن مرة بعد أخرى، لاكتسبوا من روح الثقة وعمق الإيمان ما يعطى أقوالهم قوة، وما يجعل لها نفاذاً، فالمسألة ليست البلاغة كما يصفها اللغويون، ولكنها قبس من قدرة الله وشعاع من أشعة نوره الثاقب.

وانظر إلى هذا السطر الصغير «لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ»، فإنه يحذرهم من الأسى لما قد يكون فاتهم أو ما خسروه، وفى الوقت نفسه يحذرهم أن يستخفهم الفرح بما يكسبونه، وكان يمكن أن يأخذ منه صفحات وصفحات.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 17:06

--------------------------------------------------------------------------------
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [١ ـ ٢]

بقلم جمال البنا ١٨/ ٨/ ٢٠١١
هذه الآية السادسة والأخيرة من سورة الكافرون ترسى مبادئ على أعظم جانب من الخطورة والأهمية، وتحدد العلاقة ما بين الإسلام وبين بقية الديانات.

وهى تبدأ بتوجيه إلهى للرسول بأن يقول إنه لا يؤمن بأديانهم، وأنهم لن يؤمنوا بالإسلام، وتكرر هذا المعنى لتنتهى بالنهاية «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ».

«قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ».

وليس هناك مبرر لتكرير الآية ذات المعنى الواحد إلا أنه مؤشر على أهمية خاصة تستحق التكرير.

لقد أثار اسمها «الْكَافِرُونَ» حساسية لدى بعض الأقباط، وهى حساسية لم يكن لها داع، لأن معنى «الْكَافِرُونَ» لا يتضمن سبًا أو قذفاً وإنما معناه الذين لا يؤمنون بالمعتقد الذى يؤمن به الآخر، فالمسلم يُعد كافرًا بالنسبة للمسيحيين، والمسيحى يُعد كافرًا بالنسبة للمسلمين، وقل مثل ذلك بالنسبة لكل الأديان، والآية تريد أن تقول كل الذين لا يؤمنون بالإسلام، فهل كان لازمًا أن تقول أيها المسيحيون، أيها اليهود، أيها البوذيون، أيها الهندوكيون وتأخذ فى سرد الباقى بالاسم.. إلخ، فضلاً عن ملل ونحل ستظهر بعد الإسلام.

من أجل هذا كان لابد للقرآن أن يقول «يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ».

إن هذه السورة على قصرها تقرر المبادئ الآتية:

أولاً : أن غير المسلمين لن يكونوا مسلمين.

ثانيًا : أن المسلمين سيظلون مسلمين ولن يغيروا دينهم.

إذن «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ»، وهذه بدورها تعنى:

(أ) تقرير تأبيد التعددية الدينية واستمرار الحالة الراهنة Status quo.

(ب) أن تقوم العلاقات ما بين الأديان المختلفة على أساس التعايش واحترام كل واحد للآخر، وهذا هو الحل الأمثل، لأن البديل الآخر هو المشاكسة والعداوة والحرب ولا يمكن أن يكون أساسًا لمعايشة، وإذا كان هناك ميل فإن الميل فى الحل الأول هو ما يسمح به التعايش، لأن الميل فى البديل الآخر قد يتفاقم إلى الحرب.

وأعتقد أن المسلمين ــ وإن لم يقدروا هذه السورة قدرها ــ فإن مسلكهم بصفة عامة كان تطبيقاً لها، وإن لم تجعلهم يفهموا أن المسلم المرتد لا عقوبة عليه ولا كلام فيه، فهذه إرادته وهو المسؤول عنها، وهذا ما يصدق على المسيحيين أيضًا


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 17:11

--------------------------------------------------------------------------------
(لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) [٢ ـ ٢]

جمال البنا ١٩/ ٨/ ٢٠١١
إن استلهام هذه الآية لا يقف عندما انتهينا إليه فى كلمة الأمس ألا وهى تأبيد التعددية الدينية، وجعل العلاقة ما بينها على أساس التعايش الودى ومبدأ «لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ»، ذلك لأننا لو مددنا توجيهات السورة لوجدنا أنها تمتد لكى تمنع التبشير من ناحية المسيحية والتبليغ من ناحية المسلمين، لأن هذا وذاك لن يكون لهما إلا أثر ــ سيئ ــ لأن كل واحد منهما لابد أن يتضمن عناصر تميز لدين على دين، وهذا ما يخالف مبدأ التعايش الودى ويجب أن يتنازل المسلمون والمسيحيون عن فكرة التبشير العزيزة عليهم، والمسيحيون بوجه خاص يرون أن التبشير أساس المسيحية «الويل لى إن لم أكن مبشراً» بطرس، كما يتصور المسلمون أن المسلم عليه أن يعرِّف بدينه، وهذه التوجيهات كانت معقولة ومبررة فى الأيام الأولى لكل دين، ولكن الأديان نجحت وبسطت سلطانها على دول بعينها، كما قد يثير النظر أن المسيحية لم تمد تبشيرها إلى اليهود مع أنهم أولى الناس بهذه الهداية، وأن المسيح قال «إنما بعثت لهداية خراف بنى إسرائيل الضالة».

وليس معنى هذا أن يكون حديث فريق إلى فريق آخر عن الأديان «تابو» لأن من الممكن الإشادة بالسيد المسيح وبالرسول محمد وبدورهما العظيم فى إشاعة الخير، ويمكن أن يدور الحديث حول جانب مثل الرهبنة فى المسيحية والتصوف فى الإسلام كما يمكن الحديث عن عناصر الاتفاق فى الأديان وهى أكثر من عناصر الاختلاف، والمهم فى هذا كله أن يصدر عن روح طيبة خيرة وعن أعلى من المستوى الشائع الذى تشوبه دائماً ما يكدر صفوها، وعلينا أن نؤمن بأن طيبة القلب وسلامة النفس هما أهم مقصد فى الأديان.

وقد ثار كلام كثير عن الحوار بين الأديان، ولكنه لم ينجح وكان لابد أن يفشل لأن القائمين عليه هما المؤسستان الدينيتان، والمؤسسة الدينية هى آخر مكان يلتمس فيه الإنصاف والعدل والموضوعية لأنها ليست إلا المحامى الرسمى للديانة، ولهذا لم تنجح المحاولات بين الأديان، والمفروض أن يقوم بها أحرار الفكر الدينى من المسيحيين والمسلمين، وأن تتناول القـيم العليا التى استهدفتها الأديان مثل السلام ــ الخير ــ المعرفة ــ مقاومة التعذيب ــ مقاومة الحروب.. فهذا هو المدخل السليم والناجح للحوار بين الأديان.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 17:14

--------------------------------------------------------------------------------
(إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا)

جمال البنا ٢٠/ ٨/ ٢٠١١
جرت العادة فى أوروبا وأمريكا بأن يقولوا لكل من يأخذ إجازة أو يبدأ رحلة «استمتع بوقتك»، لأن الاستمتاع بالوقت يكون أهم ما يحرص عليه فى هذه المناسبات ولعلهم يقيمون معادلة ما بين العمل المرهق فى المصانع والمكاتب، وما فى الإجازة من استرخاء واستمتاع.

وليس فى الإسلام ما يمنع ذلك، ولكن الإسلام يذكر الإنسان دائماً «ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا»، فلعله محتاج إلى هذه التوصية أكثر من «استمتع بوقتك» الذى سيفعله بالفعل حكم الإجازة أو الرحلة.

إن نقطة الإبداع فى الآية هى «ولا تقف ما ليس لك به علم» التى تقيم أحكاماً أو تعرض مفاهيم مما «ليس لك به علم» فتسىء إلى الحقيقة، وقد تلحق الضرر بناس، إن المؤمن يجب أن يكون كيساً فطناً يقف عندما يوقفه الحق.

وهى توضح أن الإنسان مسؤول وأن كل شىء يقوله أو يفعله، بما فى ذلك «خائنة الأعين وما تخفى الصدور»، وأنه سيحاسب عليه يوم القيامة حساباً يضم كل صغيرة وكبيرة، كما أنه سيثاب بكل صغيرة أو كبيرة فى عمل الخير كائناً ما كان، بحيث لا يظلم «مثقال ذرة»، وكيف يظلم وفى الحساب الإلهى تحسب السيئة بسيئة واحدة بينما تحسب الحسنة بعشر أمثالها، وقد تصل إلى سبعمائة.

فالله تعالى حريص على عباده، وهو عندما سن الثواب والعقاب، فذلك لأن أمور الدنيا كلها لا تسير أو تنتظم إلا على أساس الثواب والعقاب.

وقد يتصل بهذا أن الله تعالى يريد من المؤمنين أن يكونوا من الواعين لا الغافلين، ومن المحسنين لا المسيئين.

ويتجلى النظم الموسيقى فى جمع كلمات متجاوبات تكاد تكون متحابة «إن السمع والبصر والفؤاد»، واستخدام صيغة المصدر واتساق الآية مع الآيات التى سبقتها، والتى لحقتها مما يجعل السورة كلها تتجاوب وتتماشى تماماً مع الآيات التى سبقتها، والآيات التى لحقتها، والتى تجعل هذه السورة عقداً نظيماً ويتلاقى السياق والأسلوب بالأوامر والنواهى دون أى نشوز، وهذا بدوره هو مما يسهل حفظها ويثبتها فى الفؤاد وعلى اللسان.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 17:19

--------------------------------------------------------------------------------
(وَقَالُوا مَا هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ)

جمال البنا ٢١/ ٨/ ٢٠١١
هذه هى شيمة جماهير عديدة من الناس، دق عليها سر الوجود فتصوروا أن الأيام والشهور هى التى أوجدتهم وهى التى أطلقوا عليها «الدهر» أو الطبيعة كما يسميها «نيتشر»، وهى الكلمة الأولى فى الرسالة التى كتبها السيد جمال الدين الأفغانى بعنوان «الرد على الدهريين».

وقد انتقد القرآن هذه القالة، ورفض أن تكون علمًا «وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ» فى حين أن أصحابها يظنون أنهم حلوا بها مشكلة الوجود وتخلصوا من فكرة «الله» وما توجبه عليهم من تبعية والتزامات، وهذا هو مضمون «العلمانية» فى أعمق تفسيراتها أو ما يقال إنها «الدنيوية» إشارة إلى الحياة الدنيا، وهو التفسير الذى ترفضه الأديان جميعًا لأنه يتحلل من فكرة «الله» ويضع تعبيرًا مجردًا هو الدهر أو الطبيعة يحتمى وراءه.

ولك أن تتصور المدى البعيد فى فكر لا يرى فى الوجود إلا الحياة الدنيا، وأنه لا يعيش إلا حياة واحدة، فهو لا يرى التزامًا أو تبعة من أى نوع، وهو حر بالتالى، وعليه أن يستمتع قدر طاقته فليس إلا حياة واحدة، وفى ظل هذا الانفلات من الالتزام أو الانتماء فإن كل نوع من السلوك يحقق النجاح يُعــد أسلوبًا مقبـولاً ولا غضاضة عليه.

أما زيف دعوى «الدهرية» أو «الدنيوية» التى لا تعترف بإلـه، وإنما الأمر للطبيعة، فيتضح لو تساءلنا: هل فى هذه الطبيعة عقل، أو أنه ليس لها شىء منه، فإذا كان لها عقل فإنها تكون تعبيرًا فجًا عن الله، وإذا لم يكن لها عقل فكيف تتوصل إلى خلق أعظم وأدق المخلوقات، وهل يتلاءم هذا مع طبيعة الأمور؟

المفارقة المدهشة أن الذين يدعون هذه الدعوى هم فى حقيقة أمرهم أول من يفترض ضمناً أن كل ما فى الوجود من أحكام وفائدة وجمال ودقة يتطلب وجود خالق يمثل النهاية فى الكمال والقدرة، ولكنهم لا يريدون الاعتراف بذلك، لأن ذلك سيفرض عليهم الاعتراف بالتزامات وهم لا يريدون شريكاً، فضلا عن سيد أو إله، ولهذا يعيشون المفارقة التى أشرنا إليها، عالم عجيب فى إعجازه ودقته دون الاعتراف بخالق لهذا الإعجاب والدقة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 17:23

--------------------------------------------------------------------------------
«إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً»

جمال البنا ٢٢/ ٨/ ٢٠١١
فى آية أراد الله تعالى أن يصور طموح الإنسان وتصديه لما تعجز عن التصدى له الأرض والسموات والجبال قال «إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً».

وقد كان ختام هذه الآية مما أثار فى نفسى حيرة لبعض الوقت، فالله تعالى هو الذى اختار الإنسان خليفة له مما يفترض فيه الكمال، أو ما يقرب من الكمال، ولكن الآية تفاجئنا بأن الإنسان ظلوم جهول، لأن طموحه يفرض عليه تحديات قد يُغلب أو يسىء استخدامها.

خذ مثلاً استطاع ميكانيكى بريطانى فى أوائل القرن التاسع عشر وبفضل المصادفة معرفة أن البخار، الذى يتصاعد نتيجة لغلى الماء، إذا حبس ووجه فإنه يكون قوة مركزة، وأن هذه القوة يمكن أن يستخدمها فى إدارة الآلات فظهر القطار البخارى وآلة النسيج الميكانيكية وأطلق على هذا الاكتشاف الثورة الصناعية لأنه اكتشف طاقة يمكن أن تعمل ليل نهار لا تكل ولا تمل مادام تحتها نار تشتعل وبخار يتصاعد.

وبهذا استنقذت هذه القوة عمال النسيج وهى الصناعة الأولى التى استخدمت فيها قوة البخار، وظهر روبرت أوين وهو يبشر العمال أنهم لن يعملوا بعد اليوم إلا أربع ساعات لأن إنتاج هذه الساعات الأربع يعادل إنتاج اليوم كله وسيكون عليهم أن يقضوا بقية اليوم فى التنزه أو القراءة وممارسة الهوايات المحببة.

وكان هذا ادعاءً حقيقيًا لولا أن أصحاب المصانع قالوا لأنفسهم ولماذا لا يشتغل العمال كما كانوا يشتغلون من قبل؟ ونكتنز الأرباح الكبيرة لكى نكبر المصنع وننهض به.

وصنع أحد العلماء لعمال مناجم الفحم مصباحًا إذا انطفأ دل ذلك على عدم وجود الأكسجين الذى يعرضهم للاختناق ولكن هذا جعل أصحاب المناجم يحفرون لأعماق أبعد مما يعرض المناجم للانهيار ويصبح المنجم مدفناً للعمال.

وأسوأ من هذا كله.

كان سيدنا سليمان قد طلب من الله أن يعطيه معجزة لم يعطها لأحد من قبله، فأعطاه الله بساط الريح الذى مكن سليمان أن يطير فى الهواء، ولم يتكرر هذا حتى تصدى إخوان رايت لصنع طائرة من خشب وذات محرك.

وتقدمت صناعة الطيران حتى أصبحت الطائرات قصوراً طائرة.

وبالطبع فإن هذا خدم البشر خدمة عظيمة ولكنه عند فترة أصبح لعنة البشرية، فهذا الاختراع جعل الحرب تجرى فى السماء، وجعل من الممكن أن تدمر الطائرات بالصواريخ والقنابل مدناً بأسرها وتبيد سكانها من رجال ونساء .

ومع التقدم أصبحت صناعة التسليح هى أكبر صناعة فى الولايات المتحدة، وأصبح الاقتصاد العالمى رهناً بالاقتصاد الأمريكى الذى أصبح رهناً بصناعة التدمير والهلاك.

فهل هناك جهل وظلم أعظم من هذا؟

ولماذا يسمح الإنسان بأن يطلق العنان لغريزته، وأن يستغل كل علمه فى القتل والتدمير فيصبح العلم أسوأ من الجهل، ويصبح الظلم وليس العدل هو ما يعمل له.

من هنا كان الإنسان «ظَلُومًا جَهُولاً».


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 17:30

--------------------------------------------------------------------------------
«وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ»

جمال البنا ٢٤/ ٨/ ٢٠١١
وقف بنا الحديث عند الأموال العديدة التى قدمتها البنوك قروضًا فى حماية ما أطلقت عليه «الائتمان» وأغرقت الأسواق به، وشرح ذلك أمر يطول، لأنه يفسر سر معاملات البلايين بعد الملايين، ويكون علينا أن نعود للوراء قروناً فنجد أن بعض الحكام أو التجار الأغنياء يرسلون بذهبهم إلى الصاغة طلبًا للأمن وفرارًا من المصادرة أو الضرائب...

إلخ. كان هؤلاء الصاغة من الذين يقدرون سر المهنة وقداستها بحيث نمت العملية نموًا كبيرًا شجع هؤلاء الصاغة على أن يتحولوا إلى «بانكير» أى رجال بنوك، والفرق بين الرأسمالى والبانكير أن الأول يتعامل فى أمواله، أما البانكير، فهو يتعامل بأموال غيره. تفتق ذهن هؤلاء «البانكيرات» فى إصدار بطاقات، كل بطاقة بخمسة جنيهات أو بعشرة جنيهات... إلخ،

وأرسلوا هذه البطاقات إلى الحكام والتجار لقاء أموالهم المودعة، وعندما يريد أحد العملاء مبلغاً فما عليه إلا أن يرسل عددًا من البطاقات مع رسول فيعود إليه بذهبه، وبالخبرة والممارسة والتجربة ظهر أن المودعين لا يطلبون إلا جزءًا محدودًا من أموالهم، وهذا طبيعى لأنهم إنما أودعوا الأموال كنوع من التوفير وحماية المال من السرقة أو المصادرة وظهر لرجال البنوك أن ما يصرفونه لا يمثل إلا ٢٠% من قبل أن يطلبها أصحابها الأصليون فأخذوا يقرضونها، بل وصلت بهم الجرأة إلى أن اعتبرت الأموال التى قدمت إليها «ودائع» يمكن تسليف أضعاف أضعافها .

من ناحية أخرى، كان أصحاب المصانع يتوسعون فى أعمالهم بعد أن أحكموا الطريقة التى تحقق لهم ربحًا وفيرًا كان فى حقيقته سرقة من قيمة عمل العامل، بحيث اختل التوازن ما بين العرض والطلب، ما بين الأجور والأثمان، لأن جزءًا من أجور العمال اغتصب وأضيف إلى الأرباح، وهذه الصورة من صور التناقض مغروسة فى صميم الرأسمالية، ولا يكشف عوارها إلا عند الأزمات أو حدوث أحداث غير عادية.

وتلاقت فى السوق أموال لا حد لها مما تضخه البنوك والمؤسسات الصناعية والتجارية، لكن لا يقابله عمل أو إنتاج، وكانت النتيجة هى ما يسمونه «التضخم» والاختلال ما بين عرض السلع والمنتجات وما بين الأموال التى تكفى لامتصاص هذه السلع التى تمثلها الأجور التى اختلس الرأسماليون أحياناً كثيرا من الربح لأنفسهم، ولكن النقود المتاحة فى السوق وهى قيمة الأجور المبخوسة نتيجة للاستغلال الرأسمالى محدودة فتظهر ظاهرة «التضخم» أى زيادة العرض على الطلب أمام الأجور، فلو أن شخصًا اقترض مائة جنيه لمدة ثلاثة أعوام وعندما دفعها لصاحبها لكان من حق هذا الصاحب أن يقول لقد ظلمت فالمائة جنيه كانت تشترى منذ ثلاث سنوات جاكت وبنطلون ولكنها الآن لا تشترى سوى جاكت وعليك أن تعطينى الفرق بحيث أستطيع أن أشترى به البنطلون.

ومعنى هذا أن الزيادة فى الدين نسيئة، وهى أصرح أنواع الربا تحريمًا لم يعد كذلك عندما ارتفق عليها عامل التضخم، وأن القرآن قد تقبل هذا عندما اعتبر أن المُـقرض يكون قد ظلم عندما أخذ رأس ماله فحسب، وهذا التفسير يختلف تمامًا عن التفسير المأثور والمشهور وإذا أخذ به فلا يكون هناك فرق ما بين بنك ربوى وآخر غير ربوى مادامت الزيادة تكون بنسبة التضخم.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 17:34

--------------------------------------------------------------------------------
(وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ»

جمال البنا ٢٣/ ٨/ ٢٠١١
كان الربا فى الزمن القديم هو الطريق لاستعباد الفقراء، ذلك أن الفقير عندما يقترض فإنه لا يقدم ضماناً لأنه لا يملك شيئاً، وبالتالى يكون جسمه هو الشىء الوحيد الذى يمكن لدائنه أن يضع يده عليه، وكان من حقه أن يقتله أو يسجنه أو يشغله سنين عددًا، وكان هذا مطبقاً فى روما القديمة، كما كان مطبقاً فى مكة فى عهد الرسول فقد كاد بلال يسترق عندما أغراه أحد المشركين بالاقتراض منه وحان الأجل وليس فى يده حتى استنجد بالرسول فأعطاه ما سدد به الدين، من أجل هذا حرّم الإسلام الربا وأعلن أنه حرب على الله ورسوله.

وحدد القرآن بصرامة «وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ».

فبّين بهذه الآية أن على أصحاب القروض أن يأخذوا من المدين رأس المال الذى اقترضه حتى لا يُظلم المدين، ولكن الآية ذكرت بعد ذلك «وَلا تُظْلَمُونَ» بضم التاء.

وقد عجز المفسرون عن تفسير «تُظْلَمُونَ» الثانية إذ لم يروا وجهًا لأن يظلم الدائن مادام قد استوفى دينه، وحدث هذا لأن الآية كانت تومئ إلى عهد جديد لم يكن للعرب أو البشرية عهد به وقتئذ.

ففى هذا العهد كانت المعاملات تتم بقطع ذهبية أو ماشية أو سلع.

كانت القيمة للأشياء والسلع تظل ثابتة، ولكن عندما استبحر العمران وتضخمت المداولات، ظهر أن كميات الذهب المتاحة للتداول أقل ولا تكفى سد حركة تداول البيع والشراء فأعلنت الدولة أنها ستطبع أوراقاً نقدية بضمان الحكومة، وظهرت الأوراق المالية بفئات بدءً. من جنيه حتى مائة جنيه مختلفة الأثمان والأجور سدت حاجة التعامل بحيث لم يختل ميزان التعامل ما بين البيع والشراء.

ولكن بعد فترة اتضح أن ما أصدرته الدولة من عملات ورقية أقل من أن يفى بحاجة السوق، وعندئذ تقدمت البنوك وأخذت تقدم عملات ورقية هى الشيكات التى أعطتها الدولة صفة الإبراء، بل إنها عندما توصلت إلى فكرة «الكريدت» فإنها أغرقت السوق بالعملات.

ولكن حديث ذلك أمر يطول فإلى الحلقة المقبلة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الخميس 25 أغسطس 2011 - 17:37

--------------------------------------------------------------------------------
«أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ»

جمال البنا ٢٥/ ٨/ ٢٠١١
فى ثمان كلمات يحسم القرآن قضية الخلق والوجود، وفى الصحيحين عن جبير بن مطعم قال سمعت رسول الله يقرأ فى المغرب بـ«الطور» فما سمعت أحدًا أحسن صوتاً أو قراءة منه، فلما سمعته يقرأ «أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ»، خلت أن فؤادى انصدع، وكان جبير حين سمع هذا لا يزال مشركاً وإنما كان قد قدم فى فداء الأسارى بعد بدر، وكان الرسول نفسه يعيش هذه الأحاسيس عندما يسمع هو القرآن الكريم، كما فى الواقعة المشهورة عندما طلب إلى عبد الله بن مسعود أن يقرأ عليه سورة النساء حتى جاء إلى: «فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا» فقال: حسبك، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان [أخرجه البخارى ومسلم] .

وكان هذا أمرًا معقولاً ومنتظرًا، فها هو القرآن بمنطقه السهل وفى الوقت نفسه القاطع كنصل حاد يسأل المشركين، وها هو الرسول يقرأ آية تنزلت للتو من السماء تسأل المشركين «أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ»، أى أنهم خلقوا أنفسهم بأنفسهم.

هذا هو «صوت القرآن» يكاد يكون بديهيات لا تحتاج إلى مجلدات فى الفلسفة وفى الوجود.

إن اللاهوت الإسلامى يقوم على أمرين:

الأول: هو وجود الله- تعالى.

الثانى: وحدة الله- تعالى.

أما الأول فقد عرضته الآيتان الكريمتان فى سورة الأنبياء:

«وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ»، «لو كان فيهما آلهة إلا اللهُ لَفَسَدَتْا»، وأما الثانى فقد عرضه القرآن فى سورة الإخلاص «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ».

إن الإسلام لم يكن أبدًا فى حاجة إلى لاهوت، ولا علم الكلام الذى هو استنساخ لفكر يونانى، ولا دلالة فلسفية أن الإسلام جاء للناس كافة، وهو لا يفترض أنهم سيلمون بقواعد الفلسفة والمنطق وإنما يؤمن الناس بما تطمئن إليه قلوبهم، وما تتشربه نفوسهم، وما تدركه بعقلها الفطرى، وقد تلاقت فطرتهم مع الإسلام لأنه دين الفطرة.

لم يقدم الإسلام إثباتاً لوجود الله إلا «الخلق» لأنه يعلم أن الخلق هو أوضح الدلالات وأعظم الإثباتات، وإذا كان الأمر يتعرض بالسماوات والأرض وخلقهما فماذا يقدر عليهما إلا الله.

ولكن القرآن فى علمه بالناس وما يطرأ عليهم، وكيف يفكرون قد يضرب المثل بأقل شىء «ذبابة» ويتحدى أن يخلق المشركون ذبابة، بل وأن يستنقذوا ما أخذ الذباب «يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ».


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صديق الماحي
 
 
صديق الماحي

عدد المساهمات : 3466
تاريخ التسجيل : 25/04/2010

تدبر القرآن  تبيرا Empty
مُساهمةموضوع: رد: تدبر القرآن تبيرا   تدبر القرآن  تبيرا Icon_minitime1الجمعة 26 أغسطس 2011 - 17:41

--------------------------------------------------------------------------------
(فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ)

بقلم جمال البنا ٢٦/ ٨/ ٢٠١١
يوجه القرآن الكريم خطابه للناس جميعاً، أنه ليس كالطبيب الذى لا يتعامل إلا مع المرضى، إن القرآن نزل لبنى آدم «للبشر» على اختلاف ألسنتهم ومشاربهم وأفهامهم، وقد يوجه فى بعض الحالات حديثه لأكابر مجرميها بما يتفق مع ما يحدثون من فساد، وقد يسوق الحديث عن «مقتصد» وهو الذى يؤدى المفروض من العبادات دون أن يزيد عليها أو عن سابق للخيرات ومنهم البحار الذى نشر قلوعه واندفع فى البحر العميق لا يخشى عاصفة ولا يثنيه موج، القرآن يتعامل مع هؤلاء جميعاً ويخاطب كلاً بما يطيقه، كما يرسم له طريق الاستغفار والتوبة عندما يجد أنه «ظلم نفسه» بهذه الذنوب، والقرآن يتقبل الجميع بمن فيهم من خلط عملاً سيئاً بعمل حسن، ويلتمسون عطاء الله «وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً»، منهم من يريد حرث الدنيا ومنهم من يريد حرث الآخرة، والله تعالى يشرق شمسه على الجميع ويُنزل غيثه على الجميع.

إن ما يمكن أن نفهمه من هذا أن وجود مستويات مختلفة، ووجود أشرار وأخيار، عاملين ولاهين يُعد هو الوضع الذى لابد أن يوجد فى كل مجتمع، قد تحتلف النسب أو الدرجة ولكن النوعية هى هى، وما علينا أن نقول لمن أحسن أحسنت ولمن أخطأ فاتك التوفيق.

وقد لفت انتباه بعض المفسرين تقديم الذين ظلموا أنفسهم، وبعدهم يأتى المقتصدون، وفى النهاية يأتى المحسنون، وفيما أرى فإن القرآن قد لاحظ النسب العددية، ونحن عادة نرى أن «ظالمى أنفسهم» يمثلون الأغلبية ويأتى بعدهم المقتصدون وآخر من يأتى السابقون بالخيرات، فالمجتمع كهرم قاعدته العريضة من الذين ظلموا أنفسهم يتلوها طبقة من المقتصدين وأخيراً يأتى فى القمة السابقون بالإحسان، وفيما نرى فإن القرآن قد قدم تصويراً حقيقياً للمجتمع البشرى، وتتضح كل أبعاد الصورة عند إبراز فكرة المقاصة، والعفو، عند التحاكم يوم القيامة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

تدبر القرآن تبيرا

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

-
» مفاتيح تدبر القرآن
» تدبر القرأن
» أنواع هجر القرآن..............
» من حقوق القرآن
» الأعجاز في القرآن
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء منطقة الهدى :: المنتديات العامة :: المنتدى الإسلامى-
انتقل الى: