خطبة الجمعة 4/11/2011م بمسجد ودنوباوي مالكم كيف تحكمون . التي القاها
الحبيب ادم احمد يوسف
من دائرة الإعلام الامانة العامة في 04 نوفمبر، 2011، الساعة 04:20 صباحاً
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الخطبة التي القاها الحبيب آدم أحمد يوسف نائب الأمين العام بمسجد
الهجرة يوم الجمعة 4/نوفمبر/2011م الموافق 8 ذي الحجة 1432هـ
الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على سيدنا محمد وآله مع التسليم
قال تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ
الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا
تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ
خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ).
(البقرة – 197)
الحج لغة القصد إلى عظيم
أما شرعاً فهو أداء مناسك في مواسم هي أشهر الحج قال تعالى (الْحَجُّ
أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ
وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ) وقال صلى الله عليه وسلم:
خذوا عني مناسككم. وبتلك الطريقة أداه الخليل إبراهيم عليه السلام عندما
أمره ربه بقوله: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً
وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) الحج 27.
وفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث طاف بالبيت سبعاً.
قال تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ
وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) الحج29. ثم سعى سبعاً قال
تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ
الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا
وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) البقرة 158
ثم ذهب يوم الثامن من ذي الحجة الذي هو يوم التروية ذهب إلى منى
وبات فيها فإذا كان يوم التاسع من ذي الحجة ذهب إلى عرفات وصلى فيها
الظهر والعصر قصراً بخطبة أشبه بخطبة الجمعة أو العيد ودعا الله حتى غروب
الشمس وقال صلى الله عليه وسلم وقفت هنا وعرفة كلها موقف وقال الحج عرفة
ولم يصل المغرب إلا جمعاً مع العشاء في مزدلفة حيث جمع الحجارة للرمي
وعند المشعر الحرام ذكر الله كثيراً في ساعات السحر وعند الفجر قال
تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن
رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ
الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن
قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ) البقرة 198.
ثم غفل راجعاً إلى منى حيث رمى جمرة العقبة في صبيحة يوم النحر ثم رجع
إلى مكة حيث طاف طواف الإفاضة ثم رجع إلى منى ومكث بها أيام التشريق حيث
رمى في ثاني أيام العيد ثلاثة جمرات وفعل ذلك فيما تبقى من أيام التشريق
قال تعالى:
(وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي
يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ
لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ
تُحْشَرُونَ) البقرة 203.
وبذلك يكون النبي قد أكمل مناسك الحج وقال الحج المبرور ليس له
جزاء إلا الجنة.
والحج أيها الأحباب عبادة مالية بدنية فيها ينفق المرءُ ماله
ويجهد بدنه وهو سياحة روحية فيها تتفتح أعين الحاج على قوميات وجنسيات من
قارات العالم المختلفة فيرى الحاج الغني والفقير والحاكم والمحكوم والناس
باختلاف الوانهم والسنتهم كلهم يطوفون حول بيت واحد ويعبدون إلاهاً واحد
ويستنون بسنة نبي واحد فتلك هي الوحدة التي أرادها الله للمؤمنين قال
تعالى:
(وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ
فَاتَّقُونِ) المؤمنون 52.
وقال صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد
الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى وقال:
المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.
ويمكننا أن نستخلص من حكمة الحج وحدة المسلمين والتي ذكرها الله في مواطن
كثيرة في كتابه العزيز والتي بينها رسول الله في أكثر من مكان ولكن حال
المسلمين اليوم يقول خلاف ذلك فقد تفرق المسلمون أيادي سبأ بل واصبحوا
يكفرون بعضهم بعضا واصبحت العداوة والبغضاء بينهم أكبر من العداوة مع
غيرهم وهنا تحضرني طرفة أن أحد المسلمين في الهند كان لا يشتري من صاحب
بقالة بجواره فعندما سأله صاحب البقالة لماذا لا تشتري مني قال له أنت
مخالفني في المذهب فقال صاحب البقالة ولكن أنا لست مسلماً فقال الرجل إذن
سأشتري منك. إلى هذا الحد وصل الخصام بين المسلمين وقد بدأت تلك المأساة
منذ ظهور الخوارج والذين أسروا أحد المسلمين فسألوه عن مذهبه فقال أنا
مشرك مستجير فتركوه لأن القرآن يقول (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ
اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ
أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ)
التوبة 6.
إن حال المسلمين اليوم يقتضي أن يتنادى المفكرون والعلماء المسلمون إلى
وحدة معالم الخطاب الإسلامي الذي يجمع الصف في وحدة الهدف الذي يبرز
الإسلام الذي يحترم الإنسان لمجرد إنسانية قال تعالى: (وَلَقَدْ
كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ
مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) الإسراء 70.
ويتخذ من العدل منهجاً لحياة الناس ويحترم الرأي الآخر. كم نحن تواقون
لأن نعيش هذا الدين في حياتنا اليومية وفي مناهج مدارسنا وسلوكنا وكم نحن
مشتاقون لأن يكون الدين هادياً وموجهاً للبشرية جمعاء.
الدين أيها الأحباب لم يكن شعائر عبادية تؤدى بجانب سلوك علماني يفصل
الدين عن الحياة ، إن الإسلام دين ودولة وإن الإسلام محبة ورحمة.
أيها الأحباب يصادف يوم غدٍ السبت الذكرى الثامنة والعشرون بعد
المائة لواقعة شيكان والتي كانت في 5/نوفمبر 1883م وشيكان جاءت بعد هزائم
متكررة الحقها أنصار الله بدولة بريطانيا العظمى حيث كانت المعركة الأولى
هي واقعة أبا الأولى وبعدها راشد بك أيمن ثم الشلالي ثم جبل الجرادة ثم
تحرير الأبيض لذلك تأثرت بريطانيا العظمى بتلك الهزائم التي قللت من
شأنها بين الدول وهي الرائدة بل المستعمرة لمعظم دول العالم. إن واقعة
شيكان تعتبر نصراً كبيراً للمهدية وفي تلك المعركة تجلت مهارة وقدرة
المقاتلين الأنصار والتي صحبتها عناية الله حيث أبيد جيش هكس عن بكرة
أبيه. وجيش هكس قد أختير بعناية ودقة وهو نفسه يعتبر من أعظم الجنرالات
الأوربيين. وعند إرساله كانت الملكة مطمئنة من أنه سيحقق لها النصر ويقضي
على المهدية ولكن أبت العناية الالهية إلا أن ينتصر جند الله الغالبون.
شيكان أيها الأحباب يوم نصر وتحرير وعلى كل أهل السودان أن يحتفلوا بتلك
الذكرى التي كانت حجر زاوية في دولة المهدية التي حررت البلاد في وقت لا
يظن الاستعمار أن يقهر فيه وخاصة الاستعمار البريطاني الذي ساد العالم
وتربع على عرشه عقوداً بل قروناً من الزمان. نحي ذكرى شيكان ونحي كل
شهداء الأنصار والله نسأل أن يحفظ الكيان والسودان.
قال تعالى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ
فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ
وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل
عمران 159.
استغفروا الله العظيم
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة السلام على أفضل خلق الله محمد بن عبد الله وآله ومن والاه
قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد أهلها يفرحون بيومين
يزعم اليهود أن الله جعلهما لموسى فقال صلى الله عليه وسلم إن الله قد
أبدلكما بهما يوم عيد الفطر ويوم عيد النحر.
والعيد أيها الأحباب مناسبة فرح وعبادة ويوم غدٍ هو يوم الوقوف
بعرفة فقد جاء في الأثر إن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب عام مضى وعام آتٍ وهو
سنة مؤكدة لغير الحاج والعيد فيه يتصافى الناس ويتركوا الخصام ولا ينبغي
للمسلمين أن يتنافروا فيما بينهم.
والعيد أيها الأحباب يمر على بلادنا ونحن نعيش حياة معيشية صعبة
فيها بلغت أسعار السلع الضرورية أرقاماً خرافية وأصبحت الحياة جحيماً لا
يطاق فأرباب الأسر ذوي الدخل المحدود تلاحقهم طلبات الصغار من شراء ملابس
وحاجات الصغار الذين يفرحون بها أيام العيد فلا يستجاب لهم. والحياة
أصبحت مظلمة والمستقبل مجهول ولسان حال الكل يقول بقينا نخاف من يوم بكرة
وكثير من الناس عدمان حق الكسرة. وفي هذه الظروف تطالعنا الصحافة في يوم
الاثنين الموافق 31 أكتوبر بأن مسؤول كبير في الحزب الحاكم يبلغ الشرطة
قد سُرق منه ما يعادل مبلغ 300 مليون جنيه سوداني وأن المبلغ المسروق
يتكون من تسعة عملات أجنبية..!! يا سبحان الله تسعة عملات أجنبية بحوزة
فرد واحد في وقت يصعب على مرضى الفشل الكلوي وما شاكله من الأمراض
المستعصية أن يتحصلوا على مبلغ ألف دولار فقط للعلاج في خارج البلاد وبعض
طلاب العلم الذين ذهبوا للدراسة في خارج البلاد ينتظرون بفارق الصبر
التحويلات التي تصلهم من أولياء امورهم فلا يجدوا سبيلاً لذلك مما أضطر
بعضهم لقطع دراسته والعودة إلى البلاد..!! تسعة أنواع من العملات
الأجنبية بحوزة مسؤول كبير وقد حُكم على مجدي وجرجس بالإعدام شنقاً حتى
الموت عندما وجد بحوزتهما نوع واحد من العملة وهو الدولار. وتقول الصحافة
عندما مثل المسؤول أمام القاضي ليعطي تفاصيل ماله المسروق كانت قاعة
المحكمة مكتظة بالناس وعندها فوجئ المسؤول وبدأ يتحدث بصوت منخفض مما
اضطر القاضي لأن يطلب منه أن يرفع صوته (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ
وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا
لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً)
النساء 108.
والغريب في الأمر تقول الصحافة في الوقت الذي أُبلغ فيه المسؤول
بالسرقة كان في الأراضي المقدسة لأداء العمرة. إن مصيبة كثير من المسلمين
الفهم الخاطئ للدين فكثير من الناس يعتقد أنه مهما اقترف من ظلم للناس
وذهب للحج أو العمرة فإنه سوف يكفر عن ذنوبه.. والرسول صلى الله عليه
وسلم يقول لأصحابه أتدرون من المفلس ؟ فيقول الصحابة رضوان الله عليهم
أجمعين: المفلس من لا درهم له ولا متاع. يقول الحبيب المصطفى صلى الله
عليه وسلم: المفلس من أمتي رجل يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وحج وعمرة
(وعدد صلى الله عليه وسلم أبواب الخير). ويأتي وقد ضرب هذا وسفك دم هذا
وأخذ مال هذا وظلم هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فُنيت
حسناته ولم يقض عليه من دين أخذت من سيئاتهم وطرحت عليه ثم سُحب في نار
جهنم...
مالكم كيف تحكمون هل نسي هؤلاء يوماً مقداره خمسون ألف سنة هل نسي
هؤلاء يوم الحشر يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق فمن الناس من يلجمه
العرق ومنهم من يغطيه العرق.. هل نسي هؤلاء الصراط وحدته وظلمته هل نسوا
القبر ووحشته.
اللهم لا تجعلنا من المحرومين أهل الغفلات اللهم أرمي الظالمين
بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين يا رب العالمين.