العيد والتواصل الاجتماعي
كتبهاد.محمد المسفر ، في 12 نوفمبر 2011 الساعة: 13:49 م
العيد والتواصل الاجتماعي
كان للعيد (عيد الفطر وعيد النحر) في مجتمعنا العربي الإسلامي ميزة خاصة يتباشر بها الأطفال ويفرح بها الشباب ويعمل الكبار على تأصيل تلك العبادات والعادات والتقاليد عند الجيل الصاعد، كانت الأسر وأبناء الحي الواحد يتزاورون ويتبادلون التهاني نهارا والسمر ليلا، كل ذلك ترسيخا للألفة بين الأهل والجيران والأصدقاء، في زماننا هذا اختلت الموازين وضاعت هيبة العيد وإن بقي من تلك التقاليد والعادات شيئا فإنها تكون في أضيق الحلقات وليوم واحد، وقد لا تجد في تلك اللقاءات دفء المحبة والألفة والمودة وإنما واجبات تؤدى في أقصر وقت بلا روح .
(2)
وصلني عشرات الرسائل من داخل الدوحة عبر الهاتف الجوال، لم أرد على أي رسالة منها ليس ترفعا وإنما رفضا لهذه الطريقة التي جعلتنا آلة بلا روح ولا ألفة، كأن الواحد منا يريد أن يقول لنفسه إنني تواصلت معكم في مناسبة العيد، كنت أتمنى أن أستقبل أصدقائي في منزلي كما زرت معظمهم في منازلهم تقديرا واحتراما للمودة والألفة والمحبة والإمعان في تواصل الأجيال الشبابية في حضرة الآباء. صديق أو قريب قد يتعذر عليه الوصول إلى أحبائه أو بعض منهم فإن أفضل وسيلة وأضعفها مقاما التواصل بالصوت في حده الأدنى وليس الرسالة الهاتفية.
كنت في زيارة أحد الأصدقاء يوم العيد قبيل صلات الظهر ورحت أشكو له من علة الرسائل الهاتفية التي تحمل التهاني بالعيد من أناس ليسوا بعيدين عنا مسافة، بادرني بإخراج هاتفه الجوال من جيبه وقرأ علي رسالة وصلته من ابنه الذي يسكن مع زوجته وابنيه في فيلا مستقلة بهم في ذات الحوش يهنيه بحلول العيد السعيد، ورسالة أخرى من أخوه الذي لا يبعد عنه إلا بضعة أمتار في ذات الشارع تحمل له التهاني بهذه المناسبة.
سألته أليس الأفضل أن يكون الاتصال عبر مكالمة هاتفية بدلا من الرسائل؟ وهل أجبتهم برسائل عبر الهاتف أيضاً، أرجو ألا تكون قد فعلت.
قد أفهم استخدام الرسائل الهاتفية واستقبلها بصدر رحب إذا كانت مرسلة من خارج الحدود، أما إذا كانت من داخل المدينة فإنها غير محببة ولا أعيرها انتباه.
(3)
لا جدال بأن العادات والتقاليد في المجتمع الواحد تشكل الجسر الرابط بين الأجيال المختلفة وعلى ذلك يجب تشجيعها والإصرار على فعلها في كل المستويات الاجتماعية وفي كل المناسبات، ويجب أن ندرك جيدا أن المعايدات عبر الرسائل الالكترونية بين مكونات المجتمع في المدينة الواحدة تلغي الخصوصية الثقافية والاجتماعية. إن تبادل الزيارات الاجتماعية بين الأسر والأصدقاء على كل المستويات العمرية للتهنئة بالعيد ووصل الأرحام ومعاودة المرضى وتفقد حال المحتاج من أهل الحي والمدينة كل تلك الممارسات وظائف اجتماعية ترفع مستوى التضامن والتكافل الاجتماعي وتعمق الألفة بين الناس.
أعرف كما يعرف غيري أن المجتمع الإنساني في الغرب أكثر تواد وتواصل في مناسبات أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية وتتزين واجهات المحلات التجارية والشوارع والأبنية التجارية بجميع ألوان الإضاءة الكهربائية احتفالا بتلك المناسبات، ويتكاثر زوار المرضى في المستشفيات وتقوم الكنيسة بدور فعال في هذه المناسبة وقد مررت بهذه التجربة عندما كنت أعيش في أوروبا، وقدر لي أن أرقد في أحد المستشفيات لفترة زمنية قصيرة، وأشهد أن رواد الكنيسة لم تنقطع عني زياراتهم حتى خرجت من المستشفى. السؤال مَن من أئمة مساجدنا وخطباء صلاة الجمعة قام بزيارة مرضى في المستشفى؟ كم واحدا منا يوم العيد زار دار المسنين ومرضى في المستشفى بعيدين عن أهلهم وذويهم؟ هل للمسجد ورواده دور في هذه المناسبات؟ هل يمكن أن يقوم الدعاة بواجبهم الديني والاجتماعي بزيارة من يرقدون على أسرة الرحمة في المستشفيات وأن تكون تلك الزيارة من واجباتهم الوظيفية؟
آخر القول: كل عام وأنتم بخير، وتواصل مستمر مبني على المحبة والمودة بين الأهل والأصدقاء والجيران.