التواضع صفة محمودة تدل على طهارة النفس وتدعو إلى المودة والمحبة والمساواة بين الناس وينشر
الترابط بينهم ويمحو الحسد والبغض والكراهية من القلوب ويؤدي إلى رضا المولى سبحانه وتعالى.
والتواضع خلق حميد وجوهر يستهوى القلوب ويستثير الاعجاب والتقدير وهو اخص خصال المؤمنين
المتقين ومن شيم الصالحين.
التواضع أعظم نعمة أنعم الله بها على العبد قال تعالى : (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ
القلب لانفضوا من حولك ).
إن الله يحب تواضع العبد عند امره امتثالا وعند نهيه اجتنابا والشرف ينال بالخضوع لله والتواضع
للمسلمين ولين الجانب لهم واحتمال الأذى منهم والصبر عليهم .
قال جلا وعلا موجها خطابه للنبي صلى الله عليه وسلم : (واخفض جناحك للمؤمنين).والمسلم يتواضع
مع الخلق لا يتكبر عليهم ولا يتعالى على احد بل عليه أن يحترم الجميع مهما كانوا فقراء او اقل منزلة
وقد امرنا الله تعالى بالتواضع فقال : (تلك الدار الأخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا
فسادا والعاقبة للمتقين ).
والتواضع أن تخضع للحق وتنقاد اليه لو سمعته من صبي او اجهل الناس قبلته وقد قال ابوبكر الصديق
رضى الله عنه (لا يحقرن احد احدا من المسلمين عند الله كبير ).
التواضع يتولد من العلم بالله سبحانه ومعرفة اسمائه وصفاته وتعظيمه ومحبته وهو انكسار القلب لله
خفض جناح الذل والرحمة بعباده فلا يرى له على احد فضل ولا يرى له عند احد حقا بل يرى الفضل
للناس عليه.
عن ابي هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :ما نقصت صدقة من مال ومازاد
الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع احد لله إلا رفعه الله.
فيها وجهان احداهما برفعة في الدنيا ويثبت له بتواضعه في القلوب منزلة ويرفعه الله عند الناس ويجل
مكانه.
التواضع يكون مع الله ومع رسوله ومع الخلق اجمعين فالمسلم يتواضع مع الله بان يتقبل دينه ويخضع
له سبحانه ولا يجادل ولا يعترض على اوامر الله ويتواضع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بان
يتمسك بسنته وهديه فيقتدي به في ادب وطاعة دون مخالفة لاوامره ونواهيه ويتواضع مع الخلق ولا
يتكبر عليهم ويعرف حقوقهم ويؤديها اليهم.
والتواضع من ابرز اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم والنمازج التي تدل على تواضعه صلى الله عليه
وسلم كثيرة منها.
إن السيدة عائشة رضى الله عنها سئلت ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع مع اهله ؟فقالت :كان
في مهنة اهله يساعدهم فاذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة.
كان يبدأ من يقابله بالسلام ويصافحه ولا يفرق بين صغير وكبير وكان صلى الله عليه وسلم لا يتميز على
اصحابه بل يشاركهم العمل ما قل منه وماكثر.
وعندما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة دخلها صلى الله عليه وسلم خافضا راسه تواضعا لله رب
العالمين.
الحمدلله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد
ان نبينا محمد عبد ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله واصحابه اجمعين.