وم النصر وام المعارك
وقعت معركة شيكان يوم الإثنين 5 نوفمبر 1883م.
وقبل أن يعلن المؤذن صلاة الفجر يوم الاثنين 5 نوفمبر 1883م، انطلق حمدان أبوعنجة على صهوة جواده متبختراً أمام صفوف الرأية الزرقاء وينشد بصوته الجهوري.
وعندما حاذت صفوف الراية الزرقاء مكان المهدي عليه السلام، هتف حمدان: «الخير قرّب». فابتسم الإمام المهدي وأجاب: صدقت يا حمدان ـ الخير قرّب.
ثم يرفع النداء - ان الله اكبر- مخاطبا جموع الفرسان الاماجد - ان قوموا الى الصلاة, فيصطف الاشاوش الفقراء صفا بصف و كتفا بكتف ,ويؤم المهدى الجموع فى صلاة وابتهالات وصفت بانها الاطول والاجمل مابين دمعات تزرف شوقا للقاء الاعداء واخرى تزرف فرحا بقرب الخلاص
الله اكبر – الله اكبر – الله اكبر
النصر لنا
كان ذلك هو اليوم الموعود.
ووقف المهدي تحت التبلدية، تمرّ به صفوف الرايات العسكرية، في طريقها لتأدية صلاة فجر الإثنين 5 نوفمبر.
اصطف المصلّون.. على اليمين الراية الزرقاء... بكتائبها الكثيفة بقيادة الامير يعقوب... على اليسار الراية الحمراء... بقيادة عبد الرحمن النجومي ومكين ود النّور وميرغني سوار الذهب والياس أم برير.... وفي الوسط الراية الخضراء... بقيادة موسى ود حلو.... ثمَّ البشير عجب الفيّة وقرشي ود أحمد ومحمد إبراهيم الهديلة وإبراهيم أبو عاشة وسراج الدين أبو خويدم وعبد القادر ود مديح وجاد الله ود بليلده وأبوبكر عامر.
وتماوجت الصفوف خلف الإمام المهديّ، وقوفاً وركوعاً وسجوداً...
وفي إفادة الشيخ محمد آدم، وهو شاهد عيان علي معركة شيكان، «كان يوم الإثنين 5 نوفمبر يوم حار. وقد كانوا خلف المهديّ خلقاً لا يعدّ ولا يحصى، منهم من يبكي متشوّقاً للقاء ربّه.. ومنهم من يَنِمّ، ومنهم من يتكلّم بالترجمة السريانية».
أما جيوش الغزاة الأجانب، وقوات الاحتلال، فكان مظهرها مثيراً للرهبة، وقد تسلّحت بمدافع «كروب» ومدافع «نوردفلدت»، ورشاشات «مترليوز» وبنادق «رمنجتون».
وكان يقودها الجنرال الإنجليزي هكس باشا القائد العام ورئيس الأركان الكولونيل فركهار، وفي هيئة الأركان الكابتن هرلث.
وكانت البرقيات المتداولة بين الجنرال هكس والسيّر ماليت ووزارة الخارجية البريطانية، تعكس تطورات الوضع السياسي والعسكري، وتعكس تفاؤلاً فى غير محلّه.
وتقدم المهدي الجيوش وتوقف تحت تبلديّة ضخمة. وتوضأ وقام على فروته مستقبلاً القبلة، وبدأ يصليّ. وحسب إِفادة الشهود ـ كانت صلاة طويلة أطال فيها الركوع والسجود، حتى ألهبت الشمس الواقفين خلفه، فقد أزف الضحّي، وبدت في الأفق البعيد، طلائع جيش الغزاة بقيادة هكس.
منذ ان ترآءى الجيشان الي نهاية المعركة، حسب افادة علي المهدي، كانت 63 دقيقة. حيث زحف جيش المهدي علي الغزاة. وخلال معركة لم تدم اكثر من 15 دقيقة، أبادت القوات السودانيّة المجاهدة جيوش الغزاة إبادة كاملة.
ووقف اللورد فتز مورس حزيناً في مجلس اللوردات وهو يقول« لعلّ التاريخ لم يشهد، منذ أن لاقى جيش فرعون نحبه في البحر الأحمر كارثة، مثل تلك التي حلّت بجيش هكس في صحاري كردفان، حيث أُفني عن آخره، وقضي عليه قضاءً مبرماً».
قال البطل الثوريّ «أرنستوشي جيفارا» فى مذكِّراته... عندما نحتفل بالنّصر..علينا أن نتذكّر دائماً ...الذين قدموا أرواحهم فى الطريق إلى النصّر