يولد و يكبر و يترعرع الإنسان في بيئة معينة يعيش فيها و تصقل حياته و تحدد ملامح شخصيته ، و يبدأ كل فرد في تكوين شخصية مستقلة تميزه عن غيره من الناس ، فمن الناس من يرى أن لديه من القدرات و الطاقات و الكفايات ما يساعده على تحقيق النجاح في جميع أمور حياته من خلال ثقته بنفسه و عمله الجاد الطموح في جميع مناحي الحياة ، و عند مواجهته لمشكلات أو إخفاقات معينة يقف صادما و مواجها و معلنا التحدي ، فيبذل جهودا مضاعفة لتحقيق الفوز و إحراز النجاح معتبرا أن مثل هذه المشكلات أمورا لا بد منها في حياة الناس ، مؤمنا بالمثل القائل " إن اليوم الذي لا تواجهك فيه أية مشكلة فتأكد أنك في الاتجاه الخاطئ " ، و مثل هذا الشخص يحترم نفسه و يقدرها و لا يرضى لها الدنية أو الذل أو الهوان لأن من تهون عليه نفسه يهن عند الناس جميعا .
بينما نرى صنف آخر من الناس قد تربى معتمدا على غيره في تدبير معظم متطلبات حياته ، فنراه دائم الشكوى و التبرم ، و نراه دائم السب و الشتم و إلقاء المبررات على الغير ، و إذا ما احتاج أمرا أو وقوع في مشكلة معينة فسرعان ما يسارع للآخرين طالبا العون و المساعدة بسبب و بدون سبب و جاهزا لدفع أي ثمن مقابل هذه الخدمة أو تلك ، مما يجعله رخيصا أمام نفسه فيزداد رخصا و حقارة لدى الآخرين ، و ربما تكون المساومات ، و تزداد التنازلات يوما بعد يوم حتى يفقد هذا الإنسان احترام الناس بالكامل له .
و من هنا فإنني أدعو كل شاب من شبابنا لوضع نفسه في أعالي ما فوق النجوم ، و أن تكون كرامته هي الأساس الذي يبني عليه كل حياته ، و لكن ذلك يتطلب الاعتماد على النفس و بذل المزيد من الجهد الذي يحقق النجاح و الفوز دون التنازل عن الكرامة متذكرا دائما أن الإنسان هو الذي يجلب لنفسه الكرامة و الاحترام لدى الآخرين و هو الذي يتسبب في فقدانها و احتقار الناس له و لا ننسى في هذا المقام أن المرء حيث يجعل نفسه, إن رفعها ارتفعت وإن وضعها اتضعت .
و هذا ينطبق أيضا على الشعوب و الدول و الأمم ، فالدول و الشعوب التي تعتاد الانحناء و الانكسار و ترضى حياة الذل و الهوان لن ترفع رأسها أبدا ، بينما تكتب الحرية و الحياة و الازدهار لتلك الشعوب الأبية الصامدة الواعدة بمستقبل تبنيه سواعد شبابها و عقول رجالها و حكمة كبارها