علي هامش التشكيل الوزاري المعوق للتحول الديمقراطي
ب. سيف الدين حمد عبد الله ... نسيج وحده ؟؟؟
محمد الامين عبد النبي
.... هاهي الانقاذ في جمهوريتها الثانية تمارس عادتها القديمة المتجددة في نقضها للعهود والوعود التي قطعتها علي الشعب السوداني حينما قالت وبالفم المليان أن الخروج من أزمة الاقتصاد ومأزق الفساد وتدهور الأمن سيكون قريباً وإنها سوف تخفض الإنفاق الحكومي وتقليص الوزارات لـ 18 وزارة لتصبح حكومة " رشيقة " خصوصاً جاء هذا الوعد بعد زيادة خرافية في الأسعار في السلع الضرورية ، وظل الشعب السوداني منتظر الوعد الإنقاذي وهو يعلم علم اليقين ان شيمة أهل الانقاذ الكذب والنفاق " إذا وعدوا اخلفوا وأذا حدثوا كذبوا واذا اوتمنوا خانوا " وظلوا يرددون سراً " الكذاب وصلو الباب " وعلناً " ربنا يكذب الشينة " ، جاء التشكيل الوزاري بعد إرهاصات وخطابات " جوفاء " تبشر الشعب بالرفاه والإستقرار في كل شى وجعل الكل ينتظرون انتظار المخلص والمنقذ القادم ، كان التشكيل محبطاً حتي لعضوية المؤتمر الوطني ولم يخيب حسن سوء الظن به تمخض الجبل فولد فاراً.. حكومة " مترهلة " أهم ما يميزها بقاء الاسماء واستمرار السياسات اللذان يمثلان " ثوابت الانقاذ " وصفها الاقل تشاؤماً انها حكومة " مواجهة " مع زيادة مساحيق التجميل بإشراك ابناء السيدين " الطائفية " في ردة كبيرة كما يراها شباب المؤتمر الوطني ووصفوها بحالة الهرولة نحو الطائفية مما ضرب بشتائم وتهكم نافع علي نافع علي الطائفية عرض الحائط . كما أنها إتسمت بالترضيات الجهوية والقبلية والحزبية وقد ولج للوزارة أناس أقل تجربة وكفاءة وعلماً ومعرفةً . الامر الذي جعلها تشكيلة متناقضة شكلاً ومضموناً تحوي في طياتها الاكثر تطرفاً من السلفيين والاكثر تطرفاً من المتصوفة كما طغي عليها الجلباب العسكري والأمني والحرس القديم خاصة آولئك الذين يتهمون في ملفات الفساد وجرائم الحرب ، وظل الفكر الاصلاحي والبرنامج السياسي الغائب الدائم في كل تشكيلات الإنقاذ الأمر الذي ارجعه بعض المراقبين للدعم السياسي للولايات المتحدة للإنقاذ لتنفيذها لكل الاجندة الأمريكية ، وحالة الهلع من رياح الربيع العربي التي إقتلعت أعتي النظم العربية الإستبدادية كان المعيار الرئيسي للتشكيل هو قفل أبواب الثورة والتغيير عبر البحث عن زعامات قبلية وحزبية وطائفية ومذهبية كترياق للسخط السياسي والاحباط الإقتصادي والغضب الجماهيري الناجم عن سياسات التهميش والتجويع واغتصاب الاراضي والتهجير والتشريد . وغاب معيار القدرة علي المعالجة الحقيقية لأزمات البلاد المزمنة ومجابهة المشكلات الراهنة والمحتملة بعقلانية ودراية وحصافة عبر شخصيات متخصصة " تنقراط " ، وإشراك الدماء الشابة المدركة لمتطلبات العصر ، وإعلاء مصلحة الوطن علي المصالح الحزبية والقبلية والشخصية الضيقة ، وتقديم اغلي التنازلات لصالح التوافق السياسي بعد ما تيقن الحزب الحاكم أن اقصاء الاحزاب السياسية السودانية من ساحة العمل الوطني عبر القوانين المقيدة للحريات والاعلام المشوه لصورتها في عقول الشعب السوداني وحظر نشاطها وإعتقال قياداتها لايجدي بل فتح الباب واسعاً للبحث عن اليات للعمل المعارض عبر بوابة الحركات الحاملة للسلاح. ولكن المؤتمر الوطني شاء لها ان تكون تشكيلة إستفزازية للشعب السوداني الذي ما فتي يتلقي الخزلان والمهانة بصورة متكررة من قبل الحزب الحاكم مما ضاعف حجم التحديات بعد فقدان الجنوب وتصاعد الحرب في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان وتململ الشرق وإعتصامات في الشمال والضائقة المعيشية فاصبح مطلب تغيير الاسماء والسياسات مطلب للسواد الاعظم من الشعب السوداني .
....بعد أن طاشت سهام الانقاذ وهي تبحث عن الشرعية المفقودة والمخرج من التغيير القادم والحل لازماتها الكبري مع دولة جنوب السودان او بقية جيرانها بعد ان فشلت في المحافظة علي مصالح السودان الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية ، وبعد ان بلغ السيل الزبي وتضاعفت المصائب خاصة في القطاع المائي بالبلاد بل أصبح احد ملفاته " حوض النيل " ينذر بحرب قد تكون حرب القرن في ظل ازمة حقيقية بين دول المنبع والمجري والمصب ، وظلت مشاكل العطش تضرب باطنابها كل المشروعات الزراعية بالاضافة لكل التظلمات التي خلفتها السدود والاستخدام الكارثي للموارد المائية والصراعات المتكررة بين الري والسدود والشركات والمشاريع التي لا تخلو من الغرض السياسي ، مع غياب الاستراتيجية والرؤية الشاملة لما سيكون عليه الوضع المائي في السودان . ومن خلال البحث في السيرة الذاتية للاشخاص الذين إختارهم الحزب الحاكم لتولي الحقائب الوزارية وجدت ان الاختيار كان موفقاً فقط لوزير للري والموارد المائية البروف سيف الدين حمد عبد الله الرجل الأكاديمي والمهني والمتخصص في مجال الري والموارد المائية وله إسهاماته ومبادراته وبحوثه ودراساته ومشاركاته الدولية التي تعكس قدراته وخبراته وبذلك سيكون تواجده في هذا الموقع اكثر دعما وتأثيرا لقضية المياه التي افسدتها السياسات الانقاذية العرجاء !!.
كما أن الرجل إنساني من نوع فريد له فلسفته واسلوبه في الحياة ومعظم الذين التقوا به حبوه من خلال اريحيته وعفويته مع رزانة تتخللها ابتسامة عريضة فهو رجل مبذر في العطاء الانساني ومتواضع يتمتع بـ " حرارة قلب " ويعمل في صمت وإخلاص وتفاني يودي واجبه بكل إتقان وامانة دون تقاعس او ضجر معترضاً ومنبهاً علي مخاطر القرارات الارتجالية التي اضرت كثيراً بالبلاد . فعلي الرغم من مرجعيته الانصارية والتي دفع ثمن الانتماء اليها كثيراً وصار وصفه بها لقباً اضافياً الإ انه ظل دوماً يلعب دور " المعارض الايجابي " يقدم النصح والدراسات والتحزيرات لمتخذي القرار يسفهون جهوده ولايلقون لها بالاً ، والان جاءوه مجبورين باحثين عن الحلول والمخارج من معينه الفياض .
.. ولعل التحديات التي تواجه السيد الوزير كبيرة وصعبة اقلها انه يعمل في إطار مجموعة ادمنت الفشل والاخفاق ومجموعة اخري متنافسة علي رضاء الرئيس " الزعيم " ومطالب بقرارات صعبة وعظيمة تتعارض مع مصالح الزمرة النافذة في الحزب الحاكم خاصة وان الرجل لم ياتي للوزارة بأي لافتة حزبية اوحتي شبهة قبلية يمكن ان تمثل له "ضهر" كما ان الملفات الممسك بها بالحساسية بمكان ومتشابكة مع وزراء اخرين تعيد للاذهان صراعات الري مع " الكهرباء والسدود وإدارة مشروع الجزيرة والخارجية ...الخ " هذا بالاضافة للتحديات التي تواجه الحكومة مجتمعة سوي الملفات العالقة بين الشمال والجنوب والفساد والمطاردات الدولية والحروب وملفات حقوق الانسان والدستور والازمة الاقتصادية وغيرها . والرجل امام إمتحان حقيقي وصعب وكل الانظار تشير اليه ويعقد عليه العشم الذي انقطع من الاخرين . مع يقيني بحجم التحدي الذي يواجهه يحضرني قول المتنبي:
أعيذها نظرات منك صادقة أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
ختاماً رسالتي الى السيد الوزير اعلم انّ مسوؤليتك كبيرة ولتكن نظرتك للمنصب ليس إستحقاق بل واجب وطني وأعلم انك تودي الامانة في زمن فقد فيه الشعب الثقة في الحكام ويتطلع لواقع افضل وليكن وجودك في هذا المنصب عربونا لتغيير السياسات والوسائل والا بادر بالاستقالة وهناك الكثير من المواقع التي تخدم من خلالها هذا الوطن في ظل حكومة رشيدة !! ..