من أسعد الناس بشفاعة المصطفى يوم القيامة؟
قال سبحانه وتعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31].
ليقف كل مسلم صادق مع نفسه سائلاً: هل امتثلت أمر الرسول ؟ هل اجتنبت نهيه ؟! هل ارتبط اللسان بالجنان والجوارح ؟!
هل التزمت بهدى النبى فى شتى الأمور بحب واتباع وإخلاص !!
يفد مــن هديـه فسفاهـةُُ وهراءُ
مــن يَدَّعِ حُـــبَّ النبـى ولم
إن كان صدقـاً طاعـةُُ ووفــاءُ
فالحب أول شرطــه وفروضـه
أخى فى اللـه: من أسعد الناس بشفاعة الرسول يوم القيامة؟
والجواب مباشرة من صحيح البخارى: قال أبو هريرة: من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة يا رسول اللـه؟ فقال المصطفى ((لقد ظننت أنه لا يسألنى عن هذا السؤال أحد قبلك لما رأيت من حرصك على الحديث ياأبا هريرة. أسعد الناس بشفاعتى من قال لا إله إلا اللـه خالصاً مخلصاً من قلبه))([10]).
وفى رواية ابن حبان ((أسعد الناس بشفاعتى من قال لا إله إلا اللـه خالصاً من قلبه يصدق قلبه لسانه، ويصدق لسانه قلبه))
وفى صحيح مسلم أنه قال: ((لكل نبى دعوة مستجابة وإنى اختبأت دعوتى شفاعةً لأمتي، فهى نائلة إن شاء اللـه تعالى من مات من أمتي لا يشرك باللـه شيئاً))([11]).
إذاً حتى يشفع لك رسول اللـه يوم القيامة يجب توفر شرط هام جداً هذا الشرط أن تحقق التوحيد. أن تقول كلمة التوحيد خالصة من قلبك.
فمن الناس الآن من يردد هذه الكلمة بلسانه ولا يدرى ما يقول، ومن الناس من لم يخلص العبادة لله جل وعلا بل راح يصرف العبادة لغير اللـه.
فهو لا يعرف لكلمة التوحيد معنى ولا يقف لها على مضمون ولا يعرف لها مقتضى.
ومن الناس من يردد بلسانه: لا إله إلا اللـه وقد انطلق حراً طليقاً ليختار لنفسه من المناهج الأرضية والقوانين الوضعية الفاجرة ما يوافق هواه.
ومن الناس من ينطق بالكلمة ولا يتبع منهج الحبيب محمد !!
ومن الناس من يردد كلمة لا إله إلا اللـه وهو لم يحقق الولاء والبراء !!
ومن الناس من يردد بلسانه كلمة لا إله إلا اللـه وقد ترك الصلاة وضيع الزكاة وضيع الحج مع قدرته واستطاعته، وأكل الربا، وشرب الخمر، وأكل أموال اليتامى، يسمع الأمر فيهز كتفه فى سخرية و كأن الأمر لا يعنيه، يسمع المواعظ فيهزأ وكأن الأمر لا يعنيه!!
فلابد من إخلاص التوحيد، كلمة التوحيد ليست مجرد كلمة يرددها الإنسان بلسانه وفقط، بل إن الإيمان قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالجوارح والأركان.
ليس الإيمان بالتمنى ولا بالتحلى ولكن الإيمان ما وقر فى القلب وصدقه العمل، فمن قال خيراً وعمل خيراً قُبِلَ منه. ومن قال خيراً وعمل شراً لم يُقْبَل منه.
وفى الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت أن النبى قال: ((من شهد أن لا إله إلا اللـه وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد اللـه ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله اللـه الجنة على ما كان من العمل))([12]).
وفى رواية عتبان بن مالك: ((فإن اللـه حَرَّمَ على النار من قال لا إله إلا اللـه يبتغى بها وجه اللـه)).
واللـه لن يسعد بشفاعة المصطفى إلا من أخلص التوحيد للعزيز الحميد واتبع المصطفى وأخلص له الاتباع.
ففى الحديث الذى رواه مسلم والترمذى واللفظ للترمذى من حديث أنس أن النبى قال: قال اللـه تعالى فى الحديث القدسى: ((يا ابن آدم إنك ما دعوتنى ورجوتنى غفرت لك على ما كان منك ولا أبالى، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتنى غفرت لك على ما كان منك ولا أبالى، يا ابن آدم لو أتيتنى بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتنى لا تشرك بى شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة))([13]).
إنه التوحيد. . فأسعد الناس بشفاعة الحبيب النبى من قال لا إله إلا اللـه خالصاً من قلبه، فكلمة التوحيد قد قيدت بشروط ثقال عند قبولها من الملك المتعال.
فهى شجرة طيبة جذورها الحب والإخلاص وساقها اليقين والقبول وأوراقها الانقياد ومن غير الماء والضوء لاتعيش، فالعلم لها ضوء والصدق لها ماء.
أسأل اللـه العظيم رب العرش الكريم أن يحسن خاتمتنا. إنه ولى ذلك والقادر عليه.