إذاعة ود مدني .. غصن اخضر ريان نمت وترعرعت بسواعد خضر.. امتدت جذور تربتها عطاءً وإبداعا وتفاني .. وأم درمان احتضنتها في روعة فاقت المثل حتى أصبحت صرحاً شامخاً يطال السماء .. فنالت استقلاها الكامل وصارت مثلاً يحتذي..
كانت البداية الأولى هي إرهاصات وتكوينات ما قبل الميلاد والنشأة .. فقد كانت بذرة العمل الإذاعي تنمو وتتبرعم داخل مكاتب الثقافة والإعلام بود مدني والتي كانت قد أنشئت في الستينات وكان القسم الإذاعي من أبرز أقسامها وكان ذا صلة وثيقة بالإذاعة القومية من خلال الرسالة الإخبارية اليومية .
وكانت البداية الثانية في عام 1980م في إطار مشروع إعلامي مشترك بين وزارة الثقافة والإعلام الاتحادية وإذاعة أم درمان تقرر إنشاء استوديوهات اذاعية ريفية بعواصم الأقاليم .. سارعت ود مدني وأكملت المباني الخاصة بالاستديو والمكاتب الإدارية التابعة له وتم استجلاب الأجهزة الخاصة به من الإذاعة القومية .. كما تم تدريب كوادر لإدارته من العاملين بإعلام ود مدني .. وانطلق الاستديو الإذاعي الريفي في أداء رسالته الإعلامية الإذاعية حيث قام بتجربة أول إرسال إذاعي لمدة شهرين على الموجة F.M .
وفي عام 1985 قام مشروع سوداني ياباني يهدف إلى إنشاء محطات تقوية إذاعية بعواصم الأقاليم كسلا – الأُبيض – دنقلا – عطبرة– ود مدني والشركة اليابانية هي شركة NEC .
وبالفعل انطلق العمل في إعداد موقع المحطة بود المجدوب تحت إشراف مكتب الثقافة والإعلام بقيادة الأستاذ عبدالله الحسن محمد احمد وقد كان الإشراف الهندسي الباش مهندس صلاح طه حيث اكتمل العمل بالمحطة في ديسمبر 1985م وتم البث التجريبي من داخل المحطة لمعرفة مدى البث وجودته وكانت النتائج رائعة إذ تخطى البث حدود الإقليم الأوسط بكثير .
وفي نفس الوقت تزامن إعداد استديو للبث المباشر ملحق بالمحطة وذلك بمبنى تلفزيون الجزيرة .. إضافة إلى الاستديو السابق بإعلام ود مدني .
وقد بثت المحطة الجديدة أولى برامجه المحلية التجريبية في الأول من يناير 1986م على شرف عيد الاستقلال المجيد وكانت برامج على الهواء مباشرة وبالكوادر الإذاعية الخاصة بالاستديو الإذاعي الريفي بود مدني .
بعد ذلك انطلقت المحطة في مجال تقوية البرنامج العام والتدخل من الاستديو لبث الموسيقي والأغاني في حالة انقطاع الإرسال من أم درمان.
في السابع من يناير 1986م تم افتتاح محطة الإرسال بود المجدوب رسمياً على يد وزير الثقافة والإعلام الاتحادي وقتها الأستاذ/ محمد بشير حامد .
وقد تطور المشروع من محطة تقوية إلى إذاعة إقليمية وبدأ الإعداد على هذا المنحى حيث تم إيفاد الكادر المساعد من أم درمان في العشرين من فبراير 1986م ويضم كوادر في الهندسة والتشغيل والإخراج والرادار إضافة إلى الكادر الإذاعي المتميز بالاستديو السابق وانطلقت الإذاعة في أول دورة برامجية لها في الثالث عشر من مارس 1986م .
في أواخر الثمانينات قام مشروع رائد هام هو المباني الجديدة لإذاعة الإقليم الأوسط حيث كانت الإذاعة موزعة بين الإعلام والتلفزيون وقام المشروع على مبدأ العون الذاتي بحيث تستنفر كل المؤسسات والخيريين من أبناء الإقليم الأوسط وانطلق المشروع برعاية العميد سليمان محمد سليمان حاكم الإقليم الأوسط وقتها وإشراف المهندس صلاح طه مدير الإذاعة حينذاك .
وكانت ضربة البداية بدعم سخي مادياً ومعنوياً من المرحوم الشهيد الزبير محمد صالح .. تلا ذلك مساهمات من جميع محافظات الإقليم عبر أيام إذاعية مفتوحة من المحافظات كانت تشكل في حد ذاتها طفرة هائلة في مجال العمل الإذاعي الإقليمي.. كما تبرعت العديد من المؤسسات والشخصيات الرأسمالية حتى اكتملت المباني في عام 1990م حيث ضمت ثلاثة استوديوهات ومكتبة وغرفة تحكم ومكاتب إدارية وحديقة.
وفي عام 1995م وبدعم من الوالي المرحوم إبراهيم عبيد الله تم تأهيل المكاتب الإدارية بالمبنى وبذلك تحول العاملون من المكاتب السابقة بالتلفزيون إلى المباني الجديدة.
وجاءت المرحلة الأخيرة من التطور لإذاعة ود مدني بدعم الوالي السابق الشريف احمد عمر تم تأهيل محطة الإرسال بود المجدوب بعد أن توقفت تماماً ومن ثم بدأ التخطيط لتأهيل الاستوديوهات الجديدة بدعم من حكومة الولاية وواليها الشريف احمد عمر بدر وبالمواصفات الهندسية والفنية المطلوبة ... وعقب تسلمه مهام الولاية أبدى الفريق أول ركن عبد الرحمن سر الختم والى الجزيرة اهتمامه البالغ بتكملة الاستوديوهات بأحدث الأجهزة الرقمية وقد تم رصد الدعم المطلوب حيث اكتمل العمل في الاستوديوهات والمكتبة وغرفة المراقبة.. ومن ثم بدأ العمل بالاستوديوهات الجديدة في بث تجريبي مع بداية الدورة البرامجية الخاصة بشهر رمضان المعظم .
أما المرحلة الأهم من التطور فتتمثل في استجلاب محطة إرسال جديدة بقوة 12 كيلو واط تكفلت حكومة الولاية بتكلفتها وهي من المحطات الحديثة التي تم تصنيعها عام 2004م وبذلك تكون إذاعة ود مدني في مصاف الإذاعات العالمية خاصة بعد إدخال نظام العمل بالكمبيوتر وشبكة الانترنت والتأهل للبث عبر القمر الفضائي نايل سات .
لقد أسهمت إذاعة ود مدني في تخريج كوادر إذاعية متميزة انتشرت على مستوى الإذاعة القومية والولايات والى خارج السودان.. والشكر لوزراء المالية الذين تعاقبوا بالولاية وأسهموا في توفير الدعم اللازم ومنهم الإخوة عمر الفاروق – أبو بكر يحي الفضلى وجعفر محمد على .
المدراء الذين تعاقبوا على إدارة إذاعة ود مدني الأستاذ الخاتم عبد الله وكان حينها المدير العام ومدير الإذاعات الإقليمية والمتخصصة ومدير البرامج بامدرمان وجاء بعده الأستاذ صلاح طه ثم الأستاذ عبود سيف الدين .
وهاهي إذاعة ود مدني.. تمتطي جياد الإبداع بكل التميز.. عشرون عاماً من العطاء ولونيات التفرد.. أثير عامر بكل ألوان الجمال .. عطاء عبر الأثير مابين أستوديو المنوعات والإيقاعات الملونة .. إبداع مابين الشذى والرحيق ولوحات على درب الزمان .. فريق إذاعي متكامل حمل هذه الرسالة الإعلامية بكل الحب لهذه الإذاعة الفتية ..