حدود البصر
ندى الطاسان
تحاط بصور كثيرة تحدد الصورة المثالية للإنسان للفرد او ما نعتقد انها الصورة المثلى والتي تركز على الشكل في كثير من الأحيان. في عالم بصري يزداد تعلقه بالشكل الذي نربطه أحيانا بالأزياء والماركات والمكملات المظهرية الاجتماعية مثل السيارة ومدرسة الأولاد ونوعية المكان الذي تشرب فيه القهوة والمكان الذي تجتمع فيه مع الأصدقاء. تتغير معاني هذه الأشياء وتنحرف عن أهدافها حين ترتبط بالمظهر وتصبح مجرد أدوات تحدد مكانتك في السلم الاجتماعي أو في عيون البشر، فيصبح قسط المدرسة ومبانيها أهم من نوعية الأساتذة ودرجاتهم العلمية ويصبح انشغالنا بإعادة توزيع الدهون في أجسامنا عبر العمليات التجميلية أهم من نسبة الكوليسترول التي تثقل الشرايين وتصبح مناسبات العزاء فرصة للبحث عن خطيبة للفتى المغوار الذي مازال في اعدادي الجامعة ينجح في مادة ويسقط في ثلاث لكنه يملك سيارة "كشخه" ويحتاج أن يتزوج كي يعقل ويصبح مسؤولا (أترك تبرير هذا المنطق لكم!). وتقدم المؤسسات الإعلامية صورا معينة تحدد ما نسميه "السقف الشكلي" في الجمال والرشاقة، ونضحك على أنفسنا في برامج المواهب التي كثرت هذه الأيام ونخترع جملة "بس إنت عندك قبول" لنغطي على تغلب الشكل على قيمة الصوت والأداء والموهبة لنبرر اختياراتنا المبنية على تسريحة الشعر ونوعية الابتسامة. هذه حدود العالم البصري، التي تحرمنا من النظر لاختلافتنا الشكلية، تحرمنا من التأمل في أنفسنا بعيدا عن القشور التي قد تحرقها الشمس أو يغطيها الغبار، وتجعلنا نقف في البقعة المظلمة من حدود البصر فنفقد فرصة التعرف على كل ما يميزنا ونخجل منه ونخفيه!