يشكل وقود السيارات هاجسا كبيرا لدى الكثير من الدول، وخاصة تلك التي تعتمد على استيراد مشتقات النفط مثل البنزين، ويعود ذلك إلى ارتفاع سعر الوقود الذي يجبر أصحاب السيارات على الاقتصاد الشديد في استهلاك الوقود وحصر استعمال السيارات في تغطية الاحتياجات الضرورية فقط. ويضيف علماء البيئة إلى ذلك مشكلة أخرى لا تقل عنها إثارة للاهتمام، ويعنون بذلك ما تنفثه هذه السيارات من عوادمها من غازات تتسبب في تلوث الجو وارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بصفة عامة.
وصناعة السيارات لها من التقنيات ما يمكنها من التجاوب مع هذه الهواجس والتغلب على المصاعب الآنف ذكرها. وذلك باستخدام السيارات الهجين التي يوجد منها في الأسواق الآن العديد من الأنواع والموديلات، كما أعلن العديد من الشركات الصانعة للسيارات عن خطط لصناعة السيارات الهجينة الخاصة بها.
فكيف تعمل هذه السيارات؟ وما الذي يحدث في محرك السيارة لتزداد سرعتها مقارنة بسرعة السيارة العادية؟ وهل هي فعلا أقل تلويثا للجو؟
الكثيرون منا امتلكوا سيارات هجينة إلى درجة ما. فالدراجة المزودة بمحرك وسيلة نقل هجينة لأنها تجمع بين طاقة محرك البنزين وقوة التبديل بقدم الراكب. والسيارات الهجينة في الواقع تحيط بنا من كل الجوانب، ومنها على سبيل المثال المحركات التي تسحب القاطرات، التي تجمع بين طاقة الديزل والطاقة الكهربائية. ومنها كذلك بعض أنواع الباصات التي نجدها في بعض المدن، ونعني بها تلك التي تجمع بين محرك الديزل والطاقة الكهربائية التي تستمدها من أسلاك علوية. والغواصات أيضا ناقلات هجينة تجمع بين الطاقتين النووية والكهربائية حينا وطاقتي الديزل والكهرباء في أحيان أخرى.
ونخلص من هذا إلى أن أية ناقلة تجمع بين مصدرين من مصادر الطاقة أو أكثر لتحصل منها على قوة الدفع تعد ناقلة هجينة. وأكثر أنواع السيارات الهجينة شيوعا هي تلك التي تجمع بين البنزين والطاقة الكهربائية، ولذلك سنركز على هذا النوع.
ولتكتمل معرفتنا بهذا النوع من السيارات الهجينة دعنا في البداية نوضح الفرق بين سيارات البنزين والسيارات الكهربائية. سيارات البنزين مزودة بخزان وقود يزود المحرك بالبنزين، ومن ثم يشغل المحرك ناقل الحركة، الذي ينقل الحركة إلى العجلات. أما السيارة الكهربائية فمزودة بعدد من البطاريات التي تمد المحرك بالكهرباء، ومن ثم يشغل المحرك ناقل الحركة، ومنه تنتقل الحركة إلى العجلات. وتتألف السيارات الهجينة من هذين النوعين، والهدف من هذا التهجين هو محاولة التغلب على عيوب كلا النوعين، كأن تقلل من انبعاثات غاز العادم مثلا، وهي من عيوب سيارات البنزين. و لا بد أن تتوافر فيها بعض المتطلبات، ومنها على سبيل المثال:
- القدرة على السير لمسافة300 ميل بعد ملء خزان الوقود
- سهولة وسرعة التزود بالوقود
- القدرة على مجاراة السيارات الأخرى في الطريق
سيارة البنزين تتوافر فيها هذه المتطلبات ولكنها تنتج قدرا كبيرا من التلوث. أما السيارة الكهربائية فلا تنتج ملوثات تذكر ولكنها لا تستطيع السير لأكثر من 100 ميل بعد شحن بطارياتها، وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه السيارات بطيئة وغير مريحة في الشحن. وتتلخص أهمية السيارة الهجينة المؤلفة من هذين النوعين في أنها توفر نظاما موحدا يمكنه التغلب على هذه العيوب.
تركيب السيارة الهجينة
تتألف السيارة الهجينة من الأجزاء الأساسية التالية:
- محرك البنزين: وهو يشبه المحركات التي نجدها في السيارات العادية، ولكن المحرك هنا أصغر حجما ويستخدم تقنيات عالية لتقليل الانبعاثات وزيادة الكفاءة.
- خزان الوقود: هو الخزان الذي يحفظ الطاقة لاستعمال السيارة. والبنزين أفضل بكثير من البطارية في حفظ الطاقة (جالون واحد من البنزين يكفي لخزن كمية من الطاقة تتطلب حوالي ألف رطل من البطاريات).
- المحرك الكهربائي: المحرك الكهربائي في السيارة الهجينة محرك متطور جدا ومعقد إلى حد كبير، حيث تسمح الإلكترونيات المعقدة فيه بأداء عمل المحرك والمولد في وقت واحد.
- المولد: يشبه المحرك ولكن وظيفته تنحصر في إنتاج الطاقة الكهربائية فقط.
- البطاريات: هي وحدات خزن الوقود في السيارة الهجينة لاستعمال المحرك الكهربائي. والمحرك الكهربائي في السيارات الهجينة يأخذ طاقته من البطاريات ولكنه في نفس الوقت يستطيع تزويد البطاريات بالطاقة.
- ناقل الحركة: يؤدي ناقل الحركة في السيارة الهجينة نفس الوظيفة التي تؤديها في السيارة التقليدية.
ويمكن وصل مصدري الطاقة في السيارة الهجينة بطريقتين: التوصيل على التوازي والتوصيل على التوالي. وفي التوصيل على التوازي يزود خزان الوقود المحرك بالبنزين، بينما تزود البطاريات المحرك الكهربائي بالطاقة، وبإمكان كل من المحرك الكهربائي ومحرك البنزين تشغيل ناقل الحركة في نفس الوقت. وفي التوصيل على التوالي يشغل محرك البنزين المولد، الذي يقوم بدوره بشحن البطاريات أو تزويد المحرك الكهربائي بالطاقة، ويدير المحرك الكهربائي ناقل الحركة، ويعني هذا أن محرك البنزين لا يؤدي أي دور في تزويد السيارة بالطاقة.