لا حاجة للتحليلات , فهناك سرعة البديهة
سرعة البديهة هي إصدار الحكم على الأشياء بسرعة خاطفة بناء على إدراك سريع خاطف. فمثلاً حين يسألك فلان من الناس من أين أنت؟ أدركتَ بسرعة خاطفة قصده من السؤال، وعما يكمن وراء هذا السؤال، فحكمتَ بسرعة خاطفة على السؤال، وبذلك تكون لديك سرعة بديهة، وبناء على سرعة البديهة هذه أجبتَ السائل الجواب الذي ينبغي في مثل هذه الحال. ومثلاً حين تسمع خبر زيارة أحد المسؤولين لبلد ما، أدركتَ من سماعك هذا الخبر غاية هذه الزيارة بسرعة خاطفة، وبذلك تكون لديك سرعة بديهة، وبناء على سرعة البديهة هذه عيّنتَ لنفسك الإجراءات التي تلزم في هذا المجال. ومثلاً حين تفاجَأ بدخول شخص عليك لم تكن تنتظر قدومه أدركت بسرعة خاطفة سبب قدومه عليك، وبذلك تكون لديك سرعة البديهة. وبناء على سرعة البديهة قمت بالإجراء المتفِق مع هذا الإدراك السريع.
فسرعة البديهة وإن كانت تعني بالأصل سرعة الإدراك أو سرعة التفكير، ولكنها تعني سرعة الحكم على الشيء الذي واجهك بناء على سرعة الإدراك. فالأصل وإن كان هو السرعة في الإدراك أو السرعة في التفكير، ولكن المقصود من ذلك هو السرعة في الحكم، فتكون سرعة البديهة هي سرعة الحكم على الأشياء، لأن الحكم على الأشياء هو الإدراك أو هو التفكير وإن كان ذلك نتيجة الإدراك ونتيجة التفكير.
فالبديهة تعني الإدراك الفطري، أو الإدراك الطبيعي.
هل ينطبق ما سبق على تفاصيل الحياة اليومية ؟؟؟
ولو افترضنا أن سرعة البديهة عبارة عن دائرة , فهل مركزها يكون سوء الظن ؟؟؟
و أضيف أن أي سلوك يكون بناء على مفاهيم معينة , فسلوكي تجاه شخص معين يعكس المعلومات المتوافرة لدي عن هذا الشخص , فبغضي له يكون بناء على ما لدي من معلومات , والأمر سيان بالنسبة لمحبتي له .
لذا لا يوجد شيء اسمه صدفة , و أضرب مثالا هنا :
لنفترض أن محمد وعد أحمد بأن يقوم بشيء ما , ولكن محمد لم ينفذ ما وعده , أو على الأقل لم ينتج عنه السلوك المطلوب , هنا محمد إما أن يكون متقصدا في عدم تنفيذ الأمر , أو أنه نسي ذلك
والتقصد في عدم فعل ذلك بحاجة الى سرعة بديهة , ولكن الحكم بهذه الطريقة يحتاج إلى قرائن , ولكن لو تكرر سلوك محمد بهذه الطريقة أكثر من مرة , فهنا لسنا بحاجة الى سرعة بديهة حتى نعي أن محمد متقصد ذلك
و أما مسألة النسيان , فهي أيضا بحاجة الى سرعة بديهة , فمن الناس من ينسى لمجرد النسيان فقط , ومنهم من ينسى بسبب عدم اكتراث الشخص بالشيء الذي نسيه ,ومنهم من ينسى لايصال رسالة معينة يريد من خلالها ان يشرح وجهة نظره حول مسألة معينة وهنا سرعة البديهة تلعب دورا في تفسير ما حدث .
ولا يغيب هنا أن سرعة البديهة يجب ان تتوافر في علاقة الأفراد ببعضهم , أي علاقة الرجل بالمراة , أو علاقة الابن بابيه , أو علاقة أي فرد بأي فرد آخر , وهذا يطول تفسير العلاقات الدولية في فهم الحدث و تحليله بناء على سرعة البديهة .
ولا يُقال أهل مكة أدرى بشعابها , يعني ما أدراك بفلسطين يا عراقي , هنا لا ينطبق المثل ,ولا تلعب المسافة أي دور مطلقا , والبُعد لا يكون حجة من أجل أن لا نسرع في سرعتنا البديهية و إطلاق الأحكام على أحد .
ودمتم سالمين