الوسع هو طاقة الانسان الفرد أو الجماعة التى تمكنه أو تمكنهم بالقيام بفعل ما،ويعبر عنه بالاستطاعة ،والقران يربط بين التكليف والوسع بحيث يوجد التكليف أو ينعدم تبعا للوسع وهكذا تؤكد آياته "وافوا الكيل والميزان بالقسط لاتكلف نفسا الا وسعها" "ولايكلف الله نفسا الا وسعها" ،وورد فى خواتيم البقرة ابلغ تبيان ان التكليف لايصدر الا وفق وسع الانسان ،وأن هذا القيد يشكل ارضية لكل التكاليف كما جاء فى الحديث أن جبريل قال للرسول (ص) "أن الله احسن الثناء عليك فسل تعطى،فسأل (ص) أن يعطى "لايكلف الله نفسا الا وسعها....الى اخر السورة" أى لا يكلف أحد فوق طاقته.
الوسع فى القران انواع منه الجسمانى ويعنى طاقة الجسد "ليس على الاعمى حرج..." ومنه الوسع العقلى هو وسع التمييز والادراك وقامة الوعى،وهذا يقتضى رفع التكليف عمن لايدرك طبيعة فعل التكليف كما فى "اذا بلغ الاطفال منكم الحلم فليستأذنوا"أما الطفل فهو غير مكلف لانه لديه درجة وعى ولكنها غير كافية لتحمله للتكاليف ،ولذلك ابيح للنساء ابداء زينتهن امامه،ولكنه عندما يرتفع وعيه وادراكه يصبح مكلفا وهذا يعنى ان التكاليف مربوطة بدرجة وعى الفرد والجماعة.
هنالك الوسع الحضارى الانسانى ،فحضارة المجتمعات تتعلق بوسائل وأدوات واليات الانتاج من وسائل اتصال ،تنقل ،انواع المساكن وادوات المأكل والمشرب اضافة الى ادوات اللبس والزينة وغيرها ،وحضارة اى مجتمع مرتبطة بدرجة تطوره كما انها محكومة بطبيعة المكان وموقعه،والزمان واحواله ،والبيئة ونوعها ولذلك خاطب القران وبفكر عميق العرب حسب قامتهم الحضارية حين قال"والخيل والبقال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لاتعلمون""وجعل لكم من جلود الانعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم اقامتكم""وتحمل أثقالكم الى بلد لم تكونوا بالغيه الا بشق الانفس"،لم يخاطبهم بناطحات السحاب أو سيارات ،قطارات أوطائرات والا لما فهموا الخطاب ولا امنوا به ولاصدقوه لانه فوق قامة وسعهم العقلى والحضارى.
هنالك وسع اجتماعى ومن اشهره صلاة الجماعة والجهاد اضافة الى التكاليف المتعلقة بالمراة ،وهذا اكثر انواع الوسع اتساعا وتنوعا وأهمية ،حيث انه يصعب على مجتمع اليوم ان يجاهد كما سبق أو يلزم النساء بأن يقرن فى بيوتهن،كما أن كل التكاليف المرتبطة بالزواج لا مجال لمن لم يتزوج ان يقوم بها ،وكذلك تكليف الاباء بأن يرعوا الابناء والابناء برعاية الاباء فهذا التكليف لا يقوم الا فى وجود الاباء والابناء،فالانسان اللقيط مثلا لاتوجد حوله هذه التكاليف.
هنالك الوسع الاقتصادى كما ورد "ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا"وهنالك الزكاة حيث لاتجب الا على من يتوفر لديه النصاب،والقران يقول "ليس ...على الذين لايجدون ما ينفقون حرج"،هنالك ايضا وسعا سياسيا حيث ان هنالك تكاليف لايمكن تنفيذها ما لم يوجد منظم فى دولة أو على هيئة دولة كالشورى واطاعة ولى الامر ومراعاة شرع الله وتطبيقة ،ولهذا نزلت آيات الاحكام فى المدينة بعد نشوء دولة المدينة النموذج.
من كل ماسبق يتضح ان قاعدة الوسع هى اصل التكاليف فى القران وتنطبق حسب نوع الوسع على كافة التكاليف،واذا نظرنا الى مجتمع المسلمين اليوم نجد انهم ضيقوا ما هو واسع فى القران وبالتالى اصبح نطاق العقل المسلم وتدبره وتفكره فى القران محبوسا بماورد فى الفقه واصوله دون اعمال ذهنى كما طلب القران ،القران يامر باعمال العقل بالتفكر والتدبر فى كل اياته لان الله يعلم ان الحياة والناس فى تغيير مستمر ،وهذه دعوة للنقاش حول مدى فهم المسلمين للقران وتوجيهاته