منتديات ابناء منطقة الهدى
تأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع 49aw4
اهلا بك ايها الزائر الكريم شرفتنا ونورتنا يزيارتك.
ملحوظه : عند التسجيل الرجاء كتابة الاسم الحقيقى كاملا
(لا للاسماء المستعارة من اجل مزيدا من التواصل)
و نرجو ان تجد ما هو مفيد
منتديات ابناء منطقة الهدى
تأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع 49aw4
اهلا بك ايها الزائر الكريم شرفتنا ونورتنا يزيارتك.
ملحوظه : عند التسجيل الرجاء كتابة الاسم الحقيقى كاملا
(لا للاسماء المستعارة من اجل مزيدا من التواصل)
و نرجو ان تجد ما هو مفيد
منتديات ابناء منطقة الهدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مرحبا بك يا زائر نور المنتدى بوجودك
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

معا لترقية مستشفي الهدى معا لترقية مستشفي الهدى معا لترقية مستشفي الهدي معا لترقية مستشفي الهدى

المواضيع الأخيرة
            goweto_bilobedنقل عفش بالرياضتأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508السبت 24 يوليو 2021 - 16:36 من طرف             goweto_bilobedشركة تخزين اثاث بالرياض شركة البيوتتأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الثلاثاء 18 مايو 2021 - 22:18 من طرف             goweto_bilobedأفضل شركة كشف تسربات المياه بالرياض شركة البيوتتأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الثلاثاء 18 مايو 2021 - 22:17 من طرف             goweto_bilobedشركة نقل اثاث بالرياض تأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الثلاثاء 18 مايو 2021 - 22:16 من طرف             goweto_bilobedلكم التحية اين انتمتأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الثلاثاء 18 يوليو 2017 - 4:15 من طرف             goweto_bilobedعودة بلا خروجتأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508السبت 30 أبريل 2016 - 14:06 من طرف             goweto_bilobedسلام مربع تأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508السبت 30 أبريل 2016 - 14:04 من طرف             goweto_bilobedد/تهاني تور الدبة تدق أخر مسمار في نعش مشروع الجزيرةتأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الخميس 25 فبراير 2016 - 1:14 من طرف             goweto_bilobedمعا لترقية مستشفي الهدىتأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الأربعاء 10 فبراير 2016 - 17:58 من طرف             goweto_bilobedهل يمكن رجوع المنتدي لي عهده الأول تأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الثلاثاء 9 فبراير 2016 - 0:21 من طرف             goweto_bilobedالدلالات الرمزية في مختارات الطيب صالح: "منسي: إنسان نادر على طريقته!"تأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الإثنين 26 أكتوبر 2015 - 18:22 من طرف             goweto_bilobedتحية بعد غيابتأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508السبت 24 أكتوبر 2015 - 5:17 من طرف             goweto_bilobedتهنئة بعيد الأضحى المباركتأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الجمعة 25 سبتمبر 2015 - 20:00 من طرف             goweto_bilobedشباب المنتدى المستشفى يناديكمتأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الأربعاء 16 سبتمبر 2015 - 18:36 من طرف             goweto_bilobedتوحيد خطبة الجمعه لنفرة المستشفىتأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الأربعاء 16 سبتمبر 2015 - 18:20 من طرف             goweto_bilobedدكتور اسلام بحيرى وتغيير الفكر الدينى تأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508السبت 15 أغسطس 2015 - 5:16 من طرف             goweto_bilobedمعقولة بس ... فى ناس كدة تأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الخميس 13 أغسطس 2015 - 12:38 من طرف             goweto_bilobedيعني نسيتنا خلااااصتأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الخميس 13 أغسطس 2015 - 12:35 من طرف             goweto_bilobedبيت البكى ااااااااااتأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الثلاثاء 4 أغسطس 2015 - 6:59 من طرف             goweto_bilobedالحاجه فاطمه بت النذير في ذمة اللهتأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع LX155508الثلاثاء 4 أغسطس 2015 - 6:49 من طرف 

شاطر | 
 

 تأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هيثم إبراهيم محمد الشيخ
 
 
avatar

عدد المساهمات : 894
تاريخ التسجيل : 15/06/2010

تأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع Empty
مُساهمةموضوع: تأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع   تأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع Icon_minitime1الخميس 7 أكتوبر 2010 - 8:12

تأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع
د. حسن مكي

(المصدر: جريدة الرأي العام الأليكترونية)

المجتمع وهياكل الدولة السودانية يشهد السودان في الفترة الأخيرة الممتدة منذ العام 1983م إلى يومنا هذا 2008 حراكاً اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً كبيراً وستحدث نتيجة للتراكم الكمي والنوعي لهذه المتغيرات والمؤثرات نقلة كبيرة في شخصية المجتمع والدولة ، ويمكن الإشارة إلى عدد من هذه المؤثرات : 1- التحركات السكانية الكبيرة في اتجاه العاصمة القومية ، نتيجة لثلاثة مؤثرات : أ- التصحر والجفاف الذي ضرب أساسا دارفور وكردفان ومنطقة الساحل الإفريقي . ب -الهدام الذي أكل جزءا مقدرا من الأراضي الزراعية في شمال السودان وازدياد التطلعات. ج حروب السودان والتي أهمها حرب الجنوب ثم دارفور والشرق. د- تهالك المشروعات الزراعية التي كان يعول عليها الناس في الكسب كمشروع الجزيرة ، والزراعة الآلية بالإضافة إلى تهالك السكك الحديدية والنقل النهري التي كان لها دورها في الكسب وازدهار التجارة. هـ - الزيادة المتنامية للسكان ، حيث بدأت تقديرات السكان تتجاوز سقف الأربعين مليوناً بينما كانت التقديرات في العام 1983 بضعاً وعشرين مليونا من السكان. أدى هذا الحراك السكاني غير المعهود ، اساسا إلى ثلاث نتائج أساسية ونتائج أخرى ثانوية:- أولا : نمو الخرطوم بصورة عشوائية دون تخطيط ، حتى ارتفعت إلى مقام المدن الكبيرة المزدحمة بالسكان ، ومع أن تقديرات السكان الرسمية تضع العدد فيما دون الـ ( 7) ملايين إلا أن القراءة الأخرى تفيد بأن سكان الخرطوم تجاوز حاجز العشرة ملايين تكشف عن ذلك قراءة في حي متواضع من أحياء الخرطوم ، نما بصورة عشوائية وهو حي مايو ، الذي تعمل فيه أكثر من خمسة آلاف عربة كارو ويضم (63) مدرسة وأكثر من ستين مسجداً وتسع كنائس مما يضع سكان هذا الحي في حدود نصف المليون علماً بأنه لا يمثل شيئاً من تمدد العاصمة العمراني مقارنة بالحاج يوسف والثورات ، أو أمبدة ، او الشجرة والكلاكلات وسيكون لحي مايو هذا على الاقل من ثلاثة إلى إربعة نواب في البرلمان القادم اي من يمثلونه يشكلون حزب أقلية يمكن أن يرجح بسقوط وقيام الحكومة .. الخ ، أي أن سكان الخرطوم اليوم يعادلون كل سكان السودان حين اعلان الاستقلال ، وإذا كانت تقديرات الخرطوم في العام (83) في حدود مليونين من البشر فإن الخرطوم الكبري فى (25) عاماً تضاعفت خمس مرات . ثانيا : هجرة غير مسبوقة إلى خارج السودان ، جذبت العقول والكفاءات وتتفاوت تقديرات السودانيين في الخارج ما بين قراءة متواضعة ثلاثة ملايين إلى قراءة أخرى تضع العدد في حدود سبعة ملايين ، ولكن من المؤكد أن هناك ثلاث دوائر جذب لا يقل العدد في أية دائرة عن المليون ونصف المليون وهي: السعودية والخليج ، ومصر وليبيا، وأمريكا وأوروبا ، بالإضافة إلى الوجود السوداني في تشاد وغرب إفريقيا ، ويوغندا وكينيا واثيوبيا. ثالثا : أدى هذا الحراك السكاني الهائل على الضغط على الموارد في المدن وإفقار الريف ، كما أصبح جزء مقدر من المجتمع السوداني يعيش على ريع التحويلات القادمة من خارج الحدود ، كما أصبح جزء من المغتربين طبقة متميزة تشهد عليها بناياتها وأوضاع أسرها داخل وخارج السودان، ولكن الأثر المهم هو أن السودان بلد الخرطوم ، التي أصبحت عاصمة متعددة الشخصية ، تضم أكثر من خمسمائة قبيلة ويتحدث فيها بأكثر من مائتي لغة ولهجة " كل لغات إفريقيا موجودة في السودان طلاب جامعة إفريقيا وحدهم يستخدمون في تناولهم اليومي أكثر من تسعين لغة " ولكن كل هذا التعدد والتنوع يدور في إطار القدرة المذهلة التي استوعبت بها الثقافة الخرطومية أو الثقافة العربية الخرطومية هذا التنوع ، إذ أصبح أكثر من (50%) من كلام سكان الخرطوم باللغة العربية واصبح (90%) من سكان الخرطوم يعرفون ويتعاملون باللسان العربي - وتعد هذه ثورة في الإندماج والصهر - لقبائل السودان التي كانت إلى عهد قريب تعيش في عزلة سكانية وتقتصر كل مجموعة على لغتها ولسانها ،ومع ان التزايد كان عشوائيا كالحمل خارج الرحم إلا أن الثقافة السنارية المركوزة في إنسان الخرطوم نجحت في استيعاب هذا الحمل واعادته للرحم والتراحم . لم يتخلق هذا التكاثر السكاني والحراك الإجتماعي في ظل الاوعية السودانية القديمة وإنما برزت مسارات وأوعية جديدة ويمكن اجمالها في الآتي : ? إستغلال البترول الذي إكتشف في المناطق الاكثر تخلفاً اساساً جنوب السودان وجنوب كردفان والذي أصبح المورد الاساسي للخزينة القومية السودانية والذي رفع التطلعات وجعل الدولة تستغني جزئيا عن ضغوط القروض والمنح، كما فتح البلاد لحركة تنمية كبيرة بالإضافة إلى إرتفاع مقياس حديث قسمة الموارد والسلطة والثروة . ? ثورة الإتصالات والمواصلات والتعليم العالي التي زادت ورفعت الوعي وطوت المسافات وقربت بين المجتمعات . ? صعود الاتجاهات الجهوية والعرقية والقبلية واعادة هيكلة العلاقات السياسية وترتيبات الوظائف في الدولة على هذه الاعتبارات بدلا من الاعتبارات التقليدية المعروفة . ? اتفاقيات السلام التي أدت إلى هيكلة قوالب السلطة والثروة والبنية الدولية وبروز الدور الأجنبي في الهندسة السياسية للسودان والتدويل والجيوش الأجنبية . ? بروز قضية دارفور وصعود نجم قبيلة الزغاوة في تشاد ودارفور وتداخل المشكل التشادي مع المشكل السوداني وازدياد دور تشاد الإقليمي والدولي بعد أن اصبحت دولة مصدرة للبترول وتسهم كذلك في تشكيل أهم قطر إفريقي أي السودان . ? زيادة جذب الموارد السودانية للأجنبي الطامع والمتطلع والمستثمر ( يوغندا وارتريا وجزئيا إثيوبيا بالإضافة إلى المال العربي الباحث عن الإستثمار) . ? شيخوخة مدرسة السياسة السودانية القديمة وبروز مدارس سياسية جديدة تعتمد على العنف السياسي كحركات دارفور وشرق السودان وكردفان في ظل الوجود الراسخ للحركة الشعبية لتحرير السودان التي استلمت مفاتيح السلطة والثروة في الجنوب وتواصل المسعى للإستحواذ على المركز السياسي والعسكري في السودان الجديد. ? تداعيات انقسام الحركة الإسلامية واثر ذلك على الدولة السودانية والبنية الاجتماعية في ظل المتغيرات المحلية والدولية والخريطة السياسية والسكانية التي يشكل تراكمها مستقبل السودان . وفي الحلقة القادمة نحاول تحليل هذه المؤثرات ربما بشيء من التفصيل الحذر والمحرج واللازم للخروج بقراءة على نسبيتها قد تفيدنا في تحسس الوقائع والأوضاع.. والله أعلم .

رؤية تاريخية / تحليلية في الحلقة السابقة تمت الإشارة إلى التحركات السكانية غير المسبوقة في تاريخ السودان الحديث ، صوب العاصمة وخارج السودان ، وشيخوخة هياكل الدولة القديمة من سكك حديدية ونقل نهري وأحزاب سياسية وبروز ثورة الإتصالات والطرق والفضائيات والعربات الخاصة وازدياد الدور الأجنبي في السودان وبروز المعارضة المسلحة . قراءة في الجذور القريبة لهذه التحولات: لا يمكن لأية قراءة إلا أن تكون نسبية ، وفي إطار هذه النسبية يمكن القول ان رفع العلم ونيل الاستقلال ، مثلاً أهم حدث في التاريخ السوداني المعاصر ، ولكن قبل أن يتأكد الحدث وتبرز نتائجه ، بدأت حرب الجنوب في أغسطس 1955م وفشلت مدرسة السياسة السودانية وليدة مؤتمر الخريجين في الإنتباه لأمر الجنوب ، واستغرقتها خلافاتها الداخلية حول الزعامة والسلطة بين تيار الاستقلاليين والتيارات المتأثرة بمصر وثورتها بقيادة عبدالناصر وختم هذا الفصل من الصراع بدعوة مبطنة من الاستقلاليين للجيش باستلام السلطة بحجة الحفاظ على استقلال السودان . استلم نادي كبار الضباط السوداني السلطة السياسية في17 نوفمبر 1958م ، ليواجهوا مشكلة جنوب السودان ، التي قيل إن حلها عندهم، أي الحسم العسكري ، مما أدخلهم في صراع مع الكنيسة العالمية خارجياً ومع النخبة السياسية داخلياً وانتهى ذلك الصراع بمجيء الحكم المدني في ثورة أكتوبر 1964م والتي كان أبرز نتائجها: تجديد مدرسة السياسة السودانية ببروز المدرسة اليسارية بقيادة عبدالخالق محجوب، والمدرسة الإسلامية بقيادة د. حسن الترابي وتجدد دور بيت المهدي وحزب الأمة بقيادة السيد الصادق المهدي والإمام الهادي المهدي وبروز دور الشريف حسين الهندي في إطار الزعامة المركوزة للسيد اسماعيل الإزهري ، كما تم تطعيم النادي بزمرة من السياسيين الجنوبيين كان أبرزهم السيد وليم دينق ومدرسة حزب سانو التي قبلت بالحكم الفيدرالي للجنوب . وفي إطار ثورة اكتوبر اعتمد النادي السياسي في جدول أعماله قضية الحكم الذاتي لجنوب السودان، كما نظر لقضية الهوية السودانية من زاوية الدستور الإسلامي.. وكان من أهم المتغيرات الإقليمية هزيمة مصر امام اسرائيل في العام 1967 وانعقاد مؤتمر القمة العربي بالخرطوم وكذلك الدعم لمصر . وقبل أن يفرغ نادي السياسة السودانية من تداوله في أمر الجنوب والدستور الإسلامي ، استيقظ العقل السياسي السوداني على أهم حدث في تاريخ السودان ما بعد الاستقلال وهو استلام صغار ضباط الجيش السوداني السلطة السياسية بالتحالف مع نادي اليسار بقيادة الرئيس السابق جعفر محمد نميري ، وكان ابرز نتائج الحقبة المايوية التي استمرت قرابة الستة عشر عاماً حلاً مؤقتاً لمشكلة جنوب السودان في إطار الحكم الذاتي لجنوب السودان وبروز مدرسة ابيل الير وجوزيف لاقو . * صعود النادي اليساري في سلم السلطة على حساب التضحية بالحزب الشيوعي كقيادة ومؤسسة. * إنكفأ الإسلاميون على نادي السياسة السودانية التقليدي في إطار الجبهة الوطنية المعادية للنظام. * اصبحت التنمية أساساً للمشروعية السياسية ." طريق بورتسودان القضارف، الخرطوم، سكر كنانة ، جامعة جوبا ، شبكة الماكرويف، بدايات اكتشاف البترول في المجلد على يد شركة شيفرون ، بدء شق قناة جونقلي . توافق مجيء نظام مايو (69) مع متغيرات اقليمية ودولية ، أهمها اطلالة ثورة الفاتح في ليبيا ومجيء سياد بري في الصومال ثم نظام الثورة الإثيوبية في العام 1974م في اثيوبيا وسبق ذلك رحيل عبدالناصر والناصرية في سبتمبر 1970 في ظل توازنات الحرب الباردة وإن كان الميزان بدأ يميل في اتجاه أمريكا والغرب واسرائيل. مثَّل إتجاه نادي السياسة السودانية، بقيادة الجبهة الوطنية ، للأخذ بوسائل العنف السياسي لمجابهة نظام مايو أهم سمات هذه الفترة، عن طريق المظاهرات " شعبان / سبتمبر 73 والانقلابات سعد بحر ، أنس عمر ، حسن حسين ، ثم العمل الشعبي العسكري المباشر يوليو 1976م- ومثَّل ذلك بدايات التدخل الأجنبي في السياسة السودانية ، حيث ازداد الدور المصري والسعودي والليبي والأثيوبي كل يعزز حليفه . واستخدم نادي السياسة السودانية في هذا الصراع التوجهات العرقية والقبلية ، مستفيداً من البنية التحتية للعسكرية السودانية التي اجتذبت أساساً النوبة وفرسان غرب السودان وشهدت الفترة أكثر من بضع عشرة محاولة انقلابية تم اجهاضها في مهدها . وعصم الله البلاد من فتنة الحرب الأهلية بعد اطلالة المصالحة الوطنية في نهاية 1977م ، وتوافقت المصالحة الوطنية مع تغييرات عميقة في الساحة التشادية ، امتدت تأثيراتها في اقليم دارفور نسبة للتداخل القبلي بين دارفور وتشاد ، وكلا الشعبين يعيش قصة مأساة منسية ويقبعا دائماً في قاع أي مقياس للتنمية البشرية. ففي كل تشاد ، التي هي ضعف مساحة دارفور أو قل ضعف مساحة فرنسا ، يوجد اقل من أربعمائة ميل من الطرق المرصوفة ، في بلد ليس فيه سكك حديدية ولا خطوط طيران داخلية ونصف أطفاله خارج أسوار المدارس . بدأت قصة الإستعمار الفرنسي لتشاد بعد اغتيال البطل السوداني رابح فضل في العام 1900 ولكن لم تعتمد تشاد في دائرة إفريقيا الاستوائية الفرانكفونية إلا في العام 1920م وتعاملت فرنسا مع تشاد بأن (90%) منها أرض يباب أو خراب غير ذات جدوى وهي تشاد العربية المسلمة و(10%) تشاد ذات الجدوى جنوب نهر شاري والتي تقطنها المجموعات غير المسلمة . سلمت فرنسا تشاد في العام 1960م لنخبة السارا من جنوب نهر شاري ولكن لم تستمر الأحوال ، إذ بدأت الصراعات وقام عبدالقادر كموجي " وزير الدفاع الحالي - باغتيال الرئيس تمبل باي في العام 1975م ، في وقت نشطت فيه فرولينا من دارفور وتشاد ، وأصبح فليكس مالوم رئيساً للجمهورية والمحامي حسين هبري رئيساً للوزراء ولكن دخلت قيادة الثورة الليبية طرفا في صراع السلطة في تشاد ودعمت القبائل العربية ودخلت الحركة الإسلامية السودانية في هذا الصراع ، لأنها كذلك كانت تريد موقع قدم في تشاد وفقدت ثلة من خيرة أبنائها في حروب تشاد بقيادة المرحوم حافظ جمعة سهل الرئيس السابق لاتحاد طلاب معهد المعلمين العالي ، وأصبح جوكوني عويدي أول رئيس مسلم لحكومة وحدة وطنية في يناير1981م ، ولم تقبل أمريكا وفرنسا بهذا الدور الليبي وقامتا بدعم حسين هبري الذي كان مرابطاً في دارفور ونجح هبري بالدعم السخي العسكري الأمريكي / الفرنسي ليكون رئيساً لتشاد في يونيو 1982م بل ويقوم باجلاء الجيش الليبي من قطاع اوزو بعد هزيمة مولولة ، ولكن كان حكم هبري الداخلي دمويا وقيل إنه صفى اربعين ألفاً من خصومه ومع ذلك تم استقبال هبري في البيت الأبيض في العام 1987م في وقت استغنت فيه امريكا عن حليفها الآخر الرئيس نميري لتطبيقه الشريعة رغماً عن خدماته الجليلة المتعلقة بالخصومة مع ليبيا وتهريب الفلاشا . ولكن لم يدم شهر العسل طويلا ، حيث رأت فرنسا أن هبري مال كل الميل لامريكا ، لذلك قامت بمساندة خصمه العسكري الموهوب ادريس ديبي الذي احتمى بقواته في دارفور ونقل هبري جنوده لمطاردة ديبي داخل دارفور، بينما كانت ليبيا قد بدأت بتأسيس الفيلق العربي والإسلامي داخل دارفور لإضعاف خصمها اللدود هبري ، ونجح التنسيق الليبي / الفرنسي في دعم ديبي والإطاحة بهبري في النصف الثاني من العام 1990 وانطلاق من دارفور والتي اصبحت ساحة للصراع الليبي / التشادي والتشادي / التشادي . وفي هذه الفترة ، نجحت الحركة الشعبية لتحرير السودان ، والتي كانت مضروبة وجريحة ، بعد سقوط نظام منجستو في الدخول إلى دارفور باستقطابها للأخ المسلم السابق داؤود بولاد وعبدالعزيز الحلو- واللذين فشلا في اختراق دارفور عن طريق حملة عسكرية سيئة الإعداد تمت إبادتها ولم ينج إلا الحلو مع اعداد بسيطة. ومع فشل الحركة الشعبية لتحرير السودان في احداث اضطرابات في دارفور ، إلا أنها امسكت بطرف من صراع دارفور وبدأت في التعرف على نخب دارفور المستعدة للثورة ، خصوصاً بوجود شركاء بولاد في معية الحركة الشعبية.. وفي حين كانت الحركة الشعبية تبني البنية التحتية لتمرد في دارفور ، وجد الرئيس ديبي نفسه في وضع لا يحسد عليه ، لأنه يمثل حكم أقلية لا تزيد عن (2%) في تشاد ووجد أنه لابد أن يتحالف مع حكومة الإنقاذ في السودان وكذلك مع ابناء العمومة من الزغاوة في دارفور لذا بدأ في استقطاب كوادر الزغاوة إلى تشاد وبناء بنية تحتية لنفسه في دارفور وهكذا أصبحت دارفور محطاً لمشروعين: مشروع الحركة الشعبية وإدخالها في مشروع الثورة باسم السودان الجديد ومشروع الرئيس ديبي لتأمين استقرار تشاد .. ودخل على هذين المشروعين مشروع ظل قائماً وهو مشروع الحركة الإسلامية ، التي أخذ أمينها العام في التركيز على ابناء دارفور تمكيناً للمشروع في دارفور وموازنة لضعف النخبة النيلية التي جذبها مشروع الدولة الإسلامية اكثر عن مطلوبات موالاة مشروع الترابي، وأخذ الترابي يحيط نفسه أو تحيط به نخبة دارفور واصبح نائبه هو د . علي الحاج وذهبت كثير من المواقع في هذا الإتجاه ، وفي ظل هذا الاستقطاب الثلاثي كانت دارفور تغلي نتيجة لصراع العرب والزرقة أو صراع الموارد عموماً الذي يكون أحياناً حتى عربياً/ عربياً او بين مجموعة الزرقة وبعد صراع الموارد في دارفور هناك نذير بحرب المياه في كل الأقاليم. شهدت تشاد في تلك الفترة استقراراً نسبياً ووقعت عقداً مع الشركة الأمريكية اكسون موبايل والبنك الدولي لتمويل استخراج النفط وإقامة خط الأنابيب على شريطة وضع ريع النفط في مصرف سيتي بانك حيث يتم حجز (10%) من عائد الريع كاستثمار لصندوق الأجيال القادمة ، بينما يتم توزيع الـ (90%) الباقية عبر آلية عائدات حساب البترول الخاصة ، بتخصيص (80%) من الـ (90%) المتبقية للقطاعات الحيوية وهي التعليم والصحة والتنمية الريفية والطرق والبنية التحتية ، والبيئة ، و(5%) لإقليم دوبا المنتج للنفط والـ (15%) الباقية للدولة ( أي 5ر13% ) من جملة ريع النفط " وتم عمل خط أنابيب بطول (666) ميلاً من حقل دوبا الذي يحتوي على بليون برميل احتياطي مؤكد وعبر الكميرون إلى ميناء كريبي (Kribi ) في خليج غينيا وتمت اجازة المشروع في البرلمان التشادي في ديسمبر 1988م تحت مسمى القانون رقم (100) لجمهورية تشاد ، ولكن تمرد الرئيس ديبي على القانون ، حينما رأى أن عائد حقوق الكميرون من عبور النفط التشادي على أراضيها اكبر مما يؤول إلى تشاد، لذا قام البرلمان التشادي وليد انتخابات العام 2005 الصورية بتعديل القانون معطياً الدولة الحق في التدخل لوضع يدها على ريع النفط مما خلق ازمة مع البنك الدولي والمجتمع الدولي. وفي يناير 2006 أعلن البنك الدولي تجميد حسابات البترول التشادي وتمثل رد الفعل التشادي بالسماح بدخول شركات صينية وسويسرية واعلان تشاد بأنها غير ملتزمة بالشراكة مع اكسون موبايل . ويحسن أن نقف هنا لنواصل في الحلقة القادمة.

ربما كان نصيب الوهم في تسيير حركة الإنسان أكثر من الحقيقة المتفق عليها ، لأن الإنسان ابن خريطته العقلية والروحية ، فمن الناس من يحيط نفسه بالتمائم والرقي ويعتقد أنها تحجبه عن الشر أو اعتقاد الكجور في طقوسه أو الاعتقاد في بعض أنواع البخور أنها تحمي من الأرواح . وأحاط شيء من الوهم بعلاقات السودانيين ونشأت من هذه الأوهام رؤى فاسدة ، كالاستعلاء العرقي والديني أو الظن بأن طائفة الجلابة مبعث الشر أو أن الشماليين جبلوا على نقض العهود.. بالإضافة إلى ما زرعه الآخر في النفوس من غلٍ وغبينة بالإضافة إلى شروط موضوعية تتصل بالميزان والعدالة . وربما كان للوهم الدور الأكبر في تهييج حرب جنوب السودان ، التي دارت في مرحلة حول الحكم الذاتي وفي مرحلة حول راية الإنفصال وفي مرحلة أخرى حول السودان الجديد - وفي كل مرة تحشد حيثيات ومبررات منها الموضوعي ومنها ما لم يعرف الموضوعية . ولكن كذلك فإن مما ذكي حرب الجنوب شق قناة جونقلي ، الذي بدأ في إطار جملة من الشائعات المغرضة ونمى هذه الشائعات أن المصمم لقناة جونقلي لم ينتبه لأهمية وجود معابر على طول القناة حتى لا يتم الفصل بين العشائر واعاقة حركة الماشية . ثم جاءت أخبار تدفق النفط في بانتيو والاتجاه لعمل مصفاة في كوستي عام 1983م ، لتثير القومية الجنوبية وأن الشمال يريد الاستحواذ على مستقبل الجنوب النفطي ، ثم جاءت ثالثة الأثافي حينما وظف الرئيس النميري الصراع الجنوبي / الجنوبي في اعادة تقسيم الجنوب ، مما جعل الرياح تهب في مصلحة حركة التمرد (انانيا 2) التي طورت نفسها بمساعدة النظام الإثيوبي برئاسة منجستو لتصبح الحركة الشعبية لتحرير السودان في منتصف 83 . لم تكن كل النخبة الجنوبية راضية عن إتفاقية اديس ابابا- ولذلك ظلت هناك انفجارات وحركات مقاومة محدودة ، أي أن نواة تمرد 1983م كانت موجودة وعاملة منذ اتفاقية 72 - وان هذه النواة تهيأت لها ظروف الإنطلاق نتيجة "للبترول والقناة وتقسيم الجنوب، تمّ تطبيق الشريعة الإسلامية في سبتمبر 1983م، بالإضافة إلى حملات " الكشات " وتنظيف العاصمة من المتعطلين والقادمين من الهامش للهامش . وكان النجاح الأكبر للحركة الشعبية استقطابها لكوادر شمالية ، حيث نجحت الإدارة الإثيوبية الحريصة على وحدة السودان ، حتى لا تدفع إثيوبيا الثمن بانفصال ارتريا فرض مانفيستو ذي طبيعة وحدوية " وقد حدث " بأن تكون الحركة وحدوية وأن تحذو حذو اثيوبيا في الاستحواذ على السلطة لمصلحة المهمشين ، على غرار نموذج منجستو، لأن جذور منجستو تعود للشنقلا أي طبقة العبيد القادمة من بني شنقول والتي تمّت أمهرت طلائعها كما حدث لمنجستو ، كما أنّ تبني نظام منجستو للإشتراكية العلمية وفر لإثيوبيا والحركة الشعبية دعم المنظومة الإشتراكية على الأخص كوبا ، كما وفر ذلك للحركة الشعبية استقطاب بعض كوادر الحزب الشيوعي السوداني ومن هم في طبقتهم. ولكن واقع الحركة الشعبية كان كثير التعقيد.. فمن ناحية كان هناك الإمتداد الكنسي والاسرائيلي والاستخباراتي بالإضافة إلى تيارات الإنفصال ، والجنوب أولا ، ثم الإنقسامات العرقية والقبلية الراسخة في خريطة العقل الجنوبي . وبينما كان مشروع الحركة الشعبية يتطور داخلياً وخارجياً ، كان مشروع الحركة الإسلامية الذي عرف داخلياً باسم ( التمكين) يسير إلى غاياته مستفيدا من ظروف المصالحة الوطنية، ومن ظروف تكوين جماعات العمل الخاص في ليبيا والتي شاركت في مشروع الجبهة الوطنية للإستحواذ على السلطة في يوليو 1976، واصبح لهذا المشروع أذرع سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية ، لذلك حينما اطلت الإنتفاضة في ابريل 85 ، والتي كان مخططا لها كسح الحركة الإسلامية ،فإذا بها تفاجأ بحركة مستمسكة فأجات الجميع بموكب أمان السودان في منتصف عام 1985م ، ودعمها للقوات المسلحة في الجنوب ، وفوز في الإنتخابات بـ ( 51) مقعدا . ولكن وبالرغم من الحضور النيابي الكبير في برلمان 86/ 1989 ، إلا أن د. حسن الترابي كان غائبا عن البرلمان مما وفر طاقاته وإمكانياته لاستراتيجية التمكين والتي كانت تفتقر للحليف الخارجي . حاولت الجبهة الإسلامية الطرق على عدة أبواب غربية وعربية وآسيوية وجاءت أهم الردود من مصر والصين والسعودية وليبيا ، وفي مصر قابل وفد الجبهة بقيادة د. الترابي الرئيس حسني مبارك والنخبة المصرية. ولكن كانت الزيارة مجرد تسويق لبضاعة لا تجد رواجا في البيئة المصرية الحاكمة ، وفي السعودية كان النجاح محدودا ، إذ غضت الحكومة السعودية الطرف من انفتاح المجتمع السعودي أمام الحركة الإسلامية ، وأدى هذا لاحقا إلى لجوء سعودي إلى السودان كان ابرز نجومه اسامة بن لادن ، كما أن الانفتاح نحو ليبيا أدى إلى أن تنال منظمة الدعوة الإسلامية أكبر دعم في مرحلة تأسيسها من ليبيا . ولكن برز التحالف في الإتجاه للصين ، والمعلوم أن الصين حتى منتصف الثمانينيات ، كانت المصدر الثاني للنفط في آسيا ، ولكن في عام 1996م انقلب الحال واصبحت الصين رسميا مستوردا للنفط ، وفي عام 2005 تجاوزت اليابان ، واصبحت المستورد الثاني الأكبر للنفط بعد الولايات المتحدة ، واصبح المجتمع الصيني مجتمعا استهلاكيا تحديثيا وصناعيا، حيث كان في الصين عام 1980 عدد محدود من العربات الخاصة ، بعد عشرين عاما أصبح هناك عشرون مليون عربة خاصة ، سترتفع إلى ( 56) مليون عربة خاصة بحلول عام 2010 وستصبح (140) مليون عربة خاصة في عام 2020 . في عام 1997 كان البترول الإفريقي يمثل (17%) من واردات الصين البترولية.. عام 2004 أصبح يمثل( 28.7% ) وأصبح الاستحواذ على موارد الطاقة جوهر السياسة الخارجية للصين . ظلت فرنسا هي الأولى في الميزان التجاري مع إفريقيا ، لأن (24) دولة فرانكفونية افريقية من اصل (52) دولة فرانكفونية في العالم ولكن في السنوات القادمة ستحل الصين محل فرنسا وستصبح متقدمة على فرنسا وبريطانيا وأمريكا في السوق الإفريقي . هذه القراءة تكشف عن عبقرية القرار الذي اتخذته قيادة الجبهة الإسلامية في منتصف الثمانينيات بزيارة الصين ومهد للتحالف الصيني مع نظام الانقاذ في منتصف التسعينيات والذي جعل من أولوياته استخراج البترول السوداني في تحالف ضم شركة الصين الوطنية وبتروناس الماليزية وشركة كندية صغيرة أراكس ثم " تلمسان " وأثار التحالف الصيني مع نظام الإنقاذ ذعر أمريكا وفرنسا وبريطانيا واسرائيل ، لأنه برز وكأنه مقدمة لتحالف كنفشيوسي إسلامي، حتى أن هنتجتون في كتابه صدام الحضارات أشار الى هذا التحالف ولزيارة الترابي للصين. تطورت علاقات الصين مع السودان ودخلت بفضل البترول إلى مجالات تنموية واقتصادية وسياسية وربما تزدهر أكثر بعد الأولمبياد في أغسطس 2008 .. ووجهت علاقة الصين بنظام الانقاذ بأربعة تحديات: 1-إقامة علاقات مع نظام أصولي . 2- حرب جنوب السودان واستخراج البترول في ظروف حرب . 3- انقسام الحركة الإسلامية وبروز المؤتمر الشعبي. 4- حرب دارفور . ونواصل في الحلقة القادمة ..

أضحت الصين قوة إضافية للمشروع الإسلامي ، الذي استخدم موارد النفط المحدودة ، استخداماً ممتازاً في إطار مشروعه السياسي الفيدرالي ، وثورة التعليم العالي ، وثورة الإتصالات والطرق ، في وقت حافظ فيه السودان على علاقاته الخليجية والماليزية والإيرانية وظلت مصر مترددة إلى أن حسمت سياساتها بدخول السودان بقوة واعطاء السودان الأولوية في السياسة الخارجية ابتداء من 2007م . لم يكن طريق الانقاذ ميسوراً في فتح النافذة الخارجية ليس فقط لاسلامية النظام ، لأن الإسلامية هي التي أكدت لحمته الداخلية ومكنته من كسر شوكة التمرد في الجنوب جزئياً ، ولكن الأخطاء الكبيرة التي وقعت في مسار التجربة ، والتي نضجت على نيرانها المحاصرة الداخلية واشتداد حرب الجنوب ثم حروب السودان لا تتعدى هذه الأخطاء الآتي :- أولا جعل السودان أرض ملاذ وملجأ للحركات الإسلامية والمعارضات ، وأصبح ذلك مهدداً أساسياً بعد محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك يونيو 95 .. ثم احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ،وكان أشد التحديات وطأة عام 1997، حينما دخل الجيش اليوغندي من الجنوب ، والإثيوبي والإريتري من الشرق ، ولكن بفضل الصمود الداخلي ثم اندلاع الحرب الإريترية /الإثيوبية ، وإتفاقية سلام الداخل مع ريك مشار / لام أكول /اروك طون زال خطر العدوان الخارجي . ثانيا : إطلالة أجندة المسألة العرقية في صراع الحكومة والمعارضة ثم إنقسام الحركة الإسلامية ومن العجيب أن الحركة الإسلامية دخلت على نادي دارفور من خلال الراية الإسلامية التي لا تفرق بين زنج وعرب ، وكان من أوائل الرواد الشيخ سليمان مصطفى أبكر " زغاوي "والذي صاحب الحركة الإسلامية في مسيرتها منذ أن أصبح نائبا عن دائرة كتم في ظروف ما بعد ثورة اكتوبر 1964م ، وحينما تم تدشين ثورة شعبان سبتمبر 1973 كانت قضية المجاعة في دارفور أحد مداخل الثورة وتحركت روابط طلاب دارفور في الجامعات والمعاهد في مظاهرات كمقدمة للثورة وأصبح داؤود يحيى بولاد رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم في منتصف السبعينيات واصبح عدد من شباب دارفور رموزاً في نادي الحركة الإسلامية " د. علي الحاج برنو ، جبريل عبدالله ، بن هلبة ، فاروق أحمد آدم قمر ، ابراهيم ابكر قمراوي ، بولاد ، فور ، جبريل إبراهيم زغاوة... إلخ : فقط كان أمين بناني من القبائل العربية وحتى هذه لم تعرفها القيادات إلا مؤخراً. وفي انتخابات عام 1986م ، قامت حسابات الجبهة الإسلامية على أن دارفور ستكون مركز الإرتكاز وخصصت موارد إضافية لدارفور للعملية الإنتخابية ،فإذا بالتأييد والفوز يأتي من الشمالية " حسن ساتي واحمد علي الإمام "... الخ . والخذلان من دارفور ، لأن المجموعة العربية ذهبت لحزب الأمة والمجموعة الإفريقية توزعت بين الاتحاديين والجهويين وحزب الأمة . ولم تكن الحركة الإسلامية منتبهة لثقل القبائل العربية ، حيث إن معظم نخبتها من القبائل الصغيرة " البرنو والزغاوة " أو المساليت " كابراهيم يحيى " والفور " بولاد " والبرتي" تيجاني سراج " ومن الغريب ان اول انقسام له ابعاد جهوية داخل الحركة الإسلامية ، قاده ابناء دارفور في وقت كانت الحركة تتجه نحو دارفور لزيادة ثقلها النوعي والكمي ، حيث فوجئت باستقالة د. فاروق أحمد آدم وانضمامه لنادي الاتحاديين ثم جفوة من بولاد لخلافات مع د. علي الحاج ، وحتى ذلك الوقت لم يكن في الجبهة الإسلامية ثقل نخبوي للقبائل العربية. ومع إطلالة الإنقاذ وتسلم الحركة الإسلامية مفاتيح السلطة ، فوجئت الحركة الإسلامية، ليس فقط بتجذر الحركة الشعبية لتحرير السودان في دارفور ، بل وتحريك جيش بقيادة المهندس يحيى داؤود بولاد وعبدالعزيز الحلو لتحرير دارفور. ولأول مرة برزت القبائل العربية" أساساً بني هلبة " كرافد للحكومة في القضاء على حركة التمرد التي كانت تريد الإلتجاء لجبل مرة والإستحكام فيه ، والذي نجحت فيه بعد مدة قوات عبدالواحد محمد نور ومناوي بدعم من الحركة الشعبية . فشلت قيادة الحركة والدولة في قيادة خارطة دارفور العرقية والسلالية وما عليها من مؤثرات خارجية وداخلية وبدلاً من الإلتفات لهذه القضية اهدرت الطاقات في الهتافات بخيانة بولاد ورفاقه. ولم تكن اجتهادات الحكومة على دارفور صائبة علماً بأن قيادة الحركة الإسلامية ظلت تعول على متعلمي دارفور وتعتبرهم صمام الأمان لأن دارفور هي التي نجدت الإمام المهدي. وفجأة وجدت الحكومة نفسها في أوحال صراع دارفور، والذي زاده محاولة نقل تجربة فاشلة في الإدارة الاهلية من كردفان إلى دارفور ، بتخصيص رايات سلطوية جديدة باسم الإمارات، تتجاوز النظام السلطوي القديم من مكوك وسلاطين... ألخ ، واستفادت القبائل العربية من هذا النظام الجديد الذي منحها مشروعية بينما انعزلت عنه القبائل المعروفة كالمساليت والفور ، مما هيأ لتحالف الحركات المسلحة مع الإدارات القبلية الناقمة مما أدى إلى حروب دارفور المعروفة والتي دخل فيها فريق من الزغاوة والفور والمساليت متحالفين ضد الحكومة والقبائل العربية ونجحت الحركات المسلحة في التحرك في دارفور وتجاوز المؤسسات الامنية والعسكرية لدرجة ضرب مدينة الفاشر واحتلال مطارها وتدميرطائرات حربية وتغنيم عدد من العربات والآليات وما حدث في الفاشر حدث في اكثر من ثلاثين موقعاً على امتداد دارفور خصماً على سلطة الدولة وهيبتها . لم تجد الدولة بداً من الإستعانة بحلفاء ، ومن ناحية المشروعية لا غبار على ذلك ، لأن الدولة لها الحق في بذل الطرق والحيل لحفظ الأمن ، وبرزت القبائل العربية كحليف وكانت قوة القبائل العربية وشكيمتها وعدديتها مفاجأة للحركة الشعبية لتحرير السودان وحركات دارفور المسلحة ومفاجأة لأهل دارفور ومفاجأة للحكومة السودانية ذاتها ومفاجأة لحكومة تشاد وفرنسا - وربما لم تكن قوة هذه القبائل مفاجأة لليبيا وأجهزتها ، لأن الاستخبارات الليبية كانت على صلة بهذا الملف منذ أكثر من (20) عاما - أيام الحرب الأهلية التشادية وزراعة الأذرع الليبية للفيلق الإسلامي والفيلق العربي لتطويق الرئيس حسين هبري . وأدت هبة هذه القبائل في دارفور لنهضة هذه القبائل المتشابكة على امتداد الصحراء في تشاد والنيجر ومالي وأصبح هذا التشكل القبلي المجهول والمنسي، امامه فرصة لتشكيل كل منطقة الساحل والصحراء ، ويظل التناقض الاساسي بين هذه القبائل وبين فرنسا التي سعت إلى اقامة سلطاتها الفرانكفونية في تخوم هذه القبائل وفضاءاتها وهذه القبائل التي ظلت مبعدة عن السلطة والدولة لمدة قرن إذ هي فجأة تبرز من تحت الإنقاض ، فكان لابد من إيجاد ترياق مضاد لحركة هذا التجمع القبلي خصوصاً أن الحزام العربي كسر الحركات المسلحة في دارفور على ذات ما حدث في جنوب السودان " المراحيل" وشعرت القوة الإستعمارية أن جهودها في السودان كلها فشلت بوجود هذا الحزام وأنه إن لم يتدارك درء خطر هذا الحزام فعلى الفرانفكونية السلام . ومن ناحية أخرى، فإن هذه القبائل خرجت على يد الحكومة المركزية واصبحت خارج دائرة السيطرة ، وما عادت تنفذ أجندة الحكومة باستعادة الأمن ولكنها إنجرت لتصفية حسابات تاريخية قديمة ، كما أنها لا تخضع للمساءلة والضبط والربط ومطلوبات القوات النظامية الاخرى، ومن هنا كانت مأساة دارفور وحربها الأهلية، ودخول الآخر كطرف على الأخص اسرائيل والتحالف من أجل دارفور والذي جله من اليهود وأصحاب الأغراض والمال وخرجت دارفور لتصبح مطية لاصحاب الأجندة . * الحركة الشعبية لتحرير السودان التي تريد اضعاف الشريك . * الحركات المسلحة الباحثة عن نصيبها في السلطة والثروة . * ضحايا حرب دارفور من النازحين واللاجئين والذين يريدون كل شيء ، المواساة ، والملاذ والتعويض والماء وحق الحياة . * الحركات السياسية في الشمال التي تريد توظيف الريف . * الرهق الذي أصاب المؤسسة العسكرية نتيجة لحرب الجنوب ثم حروب السودان وإتفاقيات السلام . * الأجندة الإقليمية ، على الأخص تشاد ، التي ترى حياتها وقوامها ، بتعافي ابناء العمومة ، الذي يشكلون السند والعضد في دارفور . * الأجندة الدولية ، على الأخص فرنسا التي تريد إبعاد خطر التعريب عن تشاد وإفريقيا الفرانكفونية . * اسرائيل التي تريد تحطيم نظام إسلامي واجباره على التطبيع توطئة للدخول إلى الشارع الإسلامي . * الاستخبارات الأمريكية وجماعات الضغط التي تحركها جماعات الضغط الكنسية والزنجية واليهودية بالإضافة إلى مسئولياتها ورغبتها في التحكم في دارفور بجغرافيتها السياسية المطلة على تشاد وليبيا ومصر وشمال السودان وكردفان وبحر الغزال حتى الكنغو . وفي الحلقة القادمة نواصل على نسبية ما نكتب - والذي يكتب شخص بعيد عن دارفور لذلك تحتمل كتاباته مجانبة الصواب.. والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

تأثيرات الجهوية والاستقطاب العرقي على المجتمع

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

-
» ومن العرقي ماقتل طفلا برئ
» المرأة نصف المجتمع
» دور التربية في بناء المجتمع
» دور الشباب في بناء المجتمع
» خطباء مساجد : يدعون لتعزيز ثقافة قبول الاخر وترسيخ قيم العيش المشترك في المجتمع السوداني في ذكري الإستقلال وميلاد السيد المسيح
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء منطقة الهدى :: المنتديات العامة :: المنتدى السياسي-
انتقل الى: