(1)
تأملات في الهجرة
الحمد لله بعظيمِ منتِه وبديعَ حكمتِه, حفظ نبيه يوم هجرتِه, وأعانه على تبليغ رسالتِه, وأشهد أن لا إله إلا الله القائل في كتابِه: ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾. وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد عباد الله :
تطالعنا في مستهل كلِ عام ذكرى خالدة ومناسبة كريمة, لما كان لها من آثار على الإسلام والمسلمين والإنسانية جمعا, إنها هجرة المصطفى من مكة إلى المدينة. والهجرة أعظم حدث في تاريخ الإسلام. لقد كونت للمسلمين خَلقاً جديداً, وبعثت فيهم عزماً شديداً, حولت ضعفهم إلى قوة, وذلهم إلى عزة وقلتهم إلى كثرة, وجعلتهم أئمة وجعلتهم الوارثين بعد أن كانوا مستضعفين في الأرض, يتخطفهم الناس, فآواهم الله وأيدهم بنصرِه, وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾. لقد مكث رسول الله بمكة ثلاثةَ عشر عاماً يدعو الناس إلى الهدى ودين الحقِ وينهاهم عن عبادة الأصنام, وقد شاهد رسولُ الله بمكة ظلماً بيناً واستبداداً مهلكاً, فالأكابر والأغنياء يأكلون أموال الناسِ بالباطل, ويسرقون جهود الضعفاءِ ويعتدون على الحقوقِ والحرمات وقد اتخذوا من الناس عبيداً وأرقاء يعملون في أراضيهم ويسومونهم سوءَ العذاب، فقام بينهم يدعو أهل مكة إلى إنقاذ الإنسانية المعذبة، والإعلان بأن الناس بين يدي الله سواء، لا فرق بين أسود وأبيض، ولا بين أعجمي وعربي، إلا بتقوى الله والعمل الصالح، أعلن ذلك بقوله (أيها الناس ألا إنَّ ربكم واحد، وإنَّ أباكم واحدٌ، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا أعجمي على عربي، ولا أحمرَ على أسْودَ، وأسْودَ على أحْمرَ إلا بالتقوى) وبذلك هدد بالقضاء على آثار الجاهلية البغيضة، وهدد بإزالة الفوارق بين الناس. ساوى بين الطبقات وأذاب طغيان المال وتلي عليهم قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ وقول الله عز وجلَّ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ فانتشرت تلك المبادئ انتشار النور في الظلمات، وطرقت آذان الناس توجد فيهم الأمل وتبعث فيهم الحياة، أما قريش التي كانت تفخر بالمال وتعتز بالرجال وتسجد للأصنام، فقد كبُرَ عليها أن تذعن لهذه الدعوة, وأن تستجيب لهذا الداعي وتعبد الله وحده، وما أجابت إلا بما سجله القرآن الكريم بقوله: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ أغراها المال وأعمتها المعصية، وعزّ عليها أن تسير في قافلة محمد الذي اتبعه الفقراء والعبيد، وعز عليها أن تسمع القرآن الذي سيطر على قلوبهم وهز وجدانهم، وما تواصوا فيما بينهم عند سماع القرآن إلا بما حكاه الله عنهم بقوله ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ إنهم يرون أنهم أشراف مكة، ولهم المجد التليد ولهم الغلبة في ميادين القتال فيرون أنهم حراس البيت الحرام يأوي الجائع إليهم فيشبعونه والمغلوب على أمره فينصرونه فكيف يجمعهم والفقراء دين واحد؟ أم كيف يضمهم والفقراء مجلس واحد؟ وبذلك يستوي السيد والعبد والغني والفقير والعزيز والذليل، هذا ما لا يكون في منصب قريش، ولا في مذهبها، فمن أجل ذلك ذهب وفدٌ من كبراء قريش يطلبون من الرسول طرد الفقراء وإبعاد العبيد، فأبى طردهم وأبى أن يفرق بين غني وفقير، وعزيز وذليل، ما دام الجميع يلتقون في آدم وفي حواء يقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ﴾ ويقول جل وعلا: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا * وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا﴾. أخذ الرسول يعظ هؤلاء الجاهلين ويذكرهم عاقبة الكبرياء والغطرسة، وقريش لا يلين قلبها ولا يستجيب منها سيد من السادات، بل جابهوه بالعداء، ونالوا منه ومن أصحابه أنواع الأذى، بل لقد اجتمع القوم على قتله ووأد دعوته، فكان يومئذ أعزل من السلاح وفي قلة من المؤمنين، ولم يكن لديه من ناصر أو معين سوى رب العالمين، وكان أصحابه فقراء إلا من الإيمان، ضعفاء إلا من الروح، وكان المشركون يتخطفونهم وينزلون بهم أشد وأقوى أنواع البلاء والعذاب، وكان الرسول يرى أصحابه وهم يعذبون، فيأمرهم بالصبر، ويعزيهم ويزودهم بالأمل والنصر القريب، ويقول لهم: (صبراً صبراً فإن موعدكم الجنة، والله لتفتحن لكم الدنيا ولتسيرن الضعينة من صنعاء إلى مكة، لا تخشى أحداً، آمنةً مطمئنة) ويتلو عليهم قول الله تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا و َلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ ويتلو عليهم قول الله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ فإذا أنتهي الرسول من القراءة قال أصحابه المعذبون (آمنا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً) لكن القوم الجبابرة أمعنوا في العذاب، واشتدوا في التنكيل بهم، ضربوهم بالسياط، ومنعوهم الطعام والشراب وعذبوهم بالنار وحر الشمس في الصحراء وحبسوهم، وقتَّلوهم تقتيلاً، ولكن أصحاب سيدنا رسول الله لم يزدادوا إلا إيماناً وتثبيتاً، وأزعج المترفين وأهل الثرى والغنى والمشركين أنَّ ركب الهداية يتقدم وصاحب الرسالة يسير في سلام واطمئنان، لم تهزه الكوارث، ولم تردعه الأذيات والعداوات فتآمروا على شخصه واجتمعوا ليلاً وأجمعوا أمرهم إما أن يحبس أو ينفي أو يقتل ولكن الله من ورائهم محيط، وفي ذلك يقول الله عز وجل: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾. إن رسول الله رأى أن قلوب أهل مكة لا تنفتِحُ للدعوة, وأن المقام بينهم أصبح مهيناً ذليلاً, فأذنَ الله بالهجرة إلى الحبشة أولاً ثم إلى المدينة المنورة فأمر رسولُ الله أصحابه بالخروج فهاجر معهم طلباً للعزة والكرامة. خرج لا خائفاً ولا مترقباً من عدوٍ كيداً, خرج وهو مطمئن كما قال لصاحبه في الغار وقد أحاط به العدو من كلِ جانبٍ: لا تحزن إن الله معنا, كما أخبر بذلك الله تعالى في قولِهِ جلَّ وعلا: ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم﴾ ذلك لأن الله ضمِنَ له العصمةَ و الحفظَ من الناس قـال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ وصدق الله وعده ونصر عبده والله عزيز حكيم
الحديث :
روى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ «إِنَّ الْمُهَاجِرَ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ». أو كما قال .
وصل الرسول المدينة فوجد بها قوماً يحبون الله ورسوله ويحبون من هاجرَ إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسِهم ولو كان بهم خصاصة , فألف بين قلوبهم بعد أن كانوا أعداء, وكونَ منهم جيش الإسلام, وأعدَّ منهم القادة وأرسل إلى ملوك الأرضِ وبعث المبعوثين, وقامت دعائم المجتمع على أساسٍ من العدالة الاجتماعية وعلى أساس من البذل والإيثار وعلى أساسٍ من المباديء الفاضلة والمثل الرفيعة, وأعلنها رسول الله حرباً على الفسادِ والطغيان والعدوان, وقام يناصر الضعفاءِ ويحارب الظلم والاستعلاء, فكانت كلمة الحق هي الرائدة والقائدة, وأقام عدالة اجتماعية بين المسلمين الأنصار والمهاجرين, يقول «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ». بهذا التوجيه الكريم انتقلت الدعوة الإسلامية من ضيق الحياة في مكة إلى سعتها في المدينة حيث استطاعت أن تتنسمَ عبير الحرية. لقد هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة من أجل دينهم ومن أجل الإيمان بالله ورسوله ومن أجل المباديء الكريمة. تركوا الديارَ والأموال وتقدم إخوانهم الأنصار في سخاوة نفسٍ و طيب قلب, يطلبون من الرسول أن يقاسمهم المهاجرون ما تحت أيديهم, بل وآثروهم على أنفسهم وإن كانوا في حاجةٍ إليه, فأخبر الله عنهم في قوله تعالى ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾ فكان الأنصاري يأتي إلى أخيه المهاجرَ فيعرض عليه أن يقاسمه كل ما يملك, ويأبى المهاجرون أن يستغلوا هذا الصفاء, بل اتجه بعضهم إلى السوقِ والحقلِ وإلى ميادين العمل ليأكلوا من ثمرات عملهم ومن طيبات كسبهم, فهذا عبد الرحمن بن عوف يعرض عليه سعد بن الربيع الأنصاري أن يقاسمه ماله لأنه أخوه في الإسلام فتأبى نفسَه أن يعيش هذه العيشة السهلة بدون عناءٍ وعمل فيقول: يا سعد! دلني على السوق. ليعمل ويكافح ويحصل على رزقه من عرقِ جبينه متأسياً بقولِ الرسول ( ما أكل أحدٌ طعاماً خيرٌ من أن يأكلَ من عملِ يَدِهِ ) . هكذا ربى الرسول أصحابه, وشيد مجتمع العدالة والتكافل والتآخي بين المسلمين, فدانت لهم الدنيا ولم يغتروا بها. فأين نحن من ذلك؟ لا سبيل لنا اليوم لنصل إلى ذلك العز والمجد والكرامة إلا بإتباع شرع الله ودستوره الخالد القرآن وهدي نبيه الكريم, على مستوى الأفراد والجماعات. نسأل الله يقيم دولة الإسلام ويشيد أحكامها على عزائم الكتاب والسنة. وصلوا وسلموا معشر المسلمين علي سيد الأولين والآخرين فقد أمركم بذلك الجليل العظيم فإنهما وقايتان من فتن الدنيا وعذاب الجحيم قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمً﴾
الايملmohanedalameen@yahoo.com
الايملmohanedalameen@yahoo.com