فى بلاد المسلمين ،جلها أو كلها ،تتعدد العوامل التى تجعل من الفساد ظاهرة مستشرية تنهك صلب المجتمع،على سبيل المثال لا الحصر ، استئثار الأقلية بالموارد على حساب الأغلبية،انعدام مؤسسات حماية المال العام،ضعف الوازع الدينى والاخلاقى،هذه العوامل ترجع الى سبب جوهرى هو غياب الحرية بمسمياتها المتعددة (الشورى ،الديمقراطية أو التعددية )،والغريب أن انتشار الفساد بين المسلمين ،أدى الى نشوء فكرة خبيثة ومعادية فى الغر ب ،ذهبت الى وجود ارتباط بين الاسلام كدين وشريعة بالفساد كظاهرة مجتمعية ،والاسلام برىء من هذا الافتراء ،ولكن ربما وهن المسلمين هو ماوضع الدين فى هذا الصراع،رغم أن الاسلام حارب الفساد بكل أشكاله،كما ورد فى معنى الحديث النبوى (حديث ابن اللتيبية،هذا الحديث ضمن مقرر التربية الاسلامية فى المدارس السودانية) ،الذى استعمله النبى على الصدقة فجاء وقال هذا لكم وهذا أهدى الى ،فخطب (ص) قائلا والله لا يأخذ أحدكم شيئا بغير حقه، الا لقى الله يحمله يوم القيامة،فلا أعرفن أحدا منكم لقى الله يحمل بعيرا له رغاء ،أو بقرة لها خوار ،أو شاة تيعر،ثم رفع يديه حتى رئى بياض ابطيه يقول "اللهم هل بلغت"،لعمرى ان هذا لتهديد ووعيد تنخلع لهوله القلوب،ومع ذلك -لا حياة لمن تنادى - تتعدد ظواهر الفساد ،وتختلط مفاهيمه على كثير من الناس،لكثرة الشعارات الاسلامية المنتشرة فى الخطاب العام ،حتى أصبحت بعض صور الفساد مدعاة للمدح والفنجرية، وبلغة العصر اختلفت مسمياته (صفقات،عمولات ،بقشيش ،حلاوة وغيرها)، وارتفعت أرصدته من (بعير ، بقرة أو شاة ) الى ( عمارات ذات طوابق مهولة ،أسطول عربات فخيمة واليات ثقيلة ، شركات ،مشاريع زراعية ،وما خفى أعظم) ،وبما أن المصطفى (ص) لا ينطق عن الهوى ،فهؤلاء لامحالة سيلقون الله يحملون كل هذا الزخم المسروق ،كيف سيحملونه؟...الله أعلم بالكيفية ،ولكنه سيحدث، والويل ،كل الويل للذين سرقوا وطن كامل بدبابات فى ظلام الليل، نحن فى حاجة لاحداث ثورة فى السنة النبوية بالرجوع الى جوهر الدين ،والتدين بفهم سليم ،وما ذلك على الله ببعيد، اذا اهتدى شبابنا ،وتحلى بالصدق والجرأة فى حب الوطن،والتمرد على سلبيات الارث والتاريخ