شهادتي لله
الهندي عزالدين
{ ساورني الكثير من القلق، وأنا أطالع حديث الرئيس «عمر البشير» للزميلة (السوداني) أمس الأول (الخميس) وفيه يقول: (إن التعديل في الطاقم الوزاري الحالي لن يكون كبيراً)، ويقصد الحكومة المرتقبة التي بشرنا بها الأمين السياسي للحزب الحاكم الدكتور «الحاج آدم يوسف».. قبل أيام عندما ذكر: (إن الشعب السوداني سيفرح قبل العيد بالحكومة الجديدة)!!
{ إذا كانت معظم الوجوه ستعود في الحكومة (المرتقبة)، دون كبير تعديل، مع حركة خفيفة و(معتادة) بين الوزارات لأشخاص ولدوا ليكونوا (وزراء)، وزير لمدة (22) عاماً، وآخر لمدة (15) عاماً.. وهكذا.. فعلامَ إذن يفرح الشعب السوداني.. يا دكتور «الحاج»؟!
{ إذا كنتم متيقنين من أن التعديل لن يكون كبيراً، فلماذا أنتم متعجلون على إعلان الحكومة الجديدة، لماذا لا تنتظرون شهراً أو شهرين، بانتظار مشاركة الأحزاب.. ما دواعي العجلة.. والوزراء هم الوزراء.. عملاً بشعار: (غيب وتعال.. تلقانا نحنا يانا نحنا.. لا غيرتنا الظروف ولا هدتنا محنة)!!
{ على أية حال، يبدو أن ما حدث في «تونس»، لم يكن درساً للاعتبار للنظام (السابق) في «مصر»، كما أن الذي حدث في «تونس» و«مصر» - معاً - لم ينفع عظة وعبرة للعقيد «معمر القذافي» في «ليبيا»، ولا للفريق «علي عبد الله صالح» في «اليمن»، وكل هذا.. وهذا.. وذاك.. لم يدفع الرئيس «بشار الأسد» - رغم عقله المتقد - للمضي عاجلاً باتجاه (التغيير) قبل أن تصل سوريا (رياح الثورة).. فإذا به - الآن - غارق في بحر متلاطم (الدماء)..!!
{في السودان.. (التغيير) مطلوب لذاته.. هو غاية قبل أن يكون وسيلة، لسبب بسيط أن السودان - ذاته -تغيّر.. جغرافيته.. تاريخه.. أرضه.. حدوده.. عدد سكانه.. موارده.. عملته.. كل شيء تغيّر.. فقدت العبارة الخالدة: (من حلفا إلى نمولي) صلاحيتها، لم تعد مبرئة للذمة، تماماً، كالعملة التي لم تعمّر أكثر من (6) سنوات، فحدد بنك السودان تاريخ وفاتها في الأول من سبتمبر القادم (أي بعد عشرة أيام)!!
{ وإذا كانت عملتنا لا تعمل لأكثر من (6) سنوات، فما الذي يجعل بعض وزرائنا يعمرّون على الكراسي «عشرين عاماً»..؟! هل عقمت حواء السودان فلم تلد إلا هؤلاء؟! هل هو (تيم) فائز، كسب معظم المباريات، وتأهل إلى (مباراة الكأس)!!.. أي كأس؟! كأس الأزمة في دارفور..؟ أم كأس الأزمة في «أبيي».. أم جنوب كردفان.. أم ربما كسب مباراة التأهل لكأس (وحدة السودان) في الاستفتاء الفائت على تقرير مصير جنوب السودان الذي خسرنا مباراته (عشرة / صفر)..!!
{ السودان يحتاج إلى (تغيير).. إلى حكومة مختلفة، بتعديلات (كبيرة) على الطاقم الوزاري الحالي..
{ وقد لا يعجب الحاكمون قولنا، ولكنها الحقيقة التي نراها مجردة دون حاجة إلى تشكيل (لجان)، وإعداد (توصيات)، لا تخرج في النهاية، بجديد، ذات الوجوه، ذات الملامح.. والشبه..!!
-2-
{ إذا تأملتم واقع الصحافة في البلدان التي هبت فيها (الثورات)، ستلاحظون، دون كثير عناء، أن «تونس»، و«ليبيا»، و«سوريا»، و«اليمن»، لم تكن بها صحافة (حرة) و(مستقلة)، وكانت مساحة (الحريات) محدودة جداً، للصحافة (الحكومية) الناطقة باسم الحكومة أو (الحزب الحاكم) فقط..!! صحيفتان أو «ثلاث» لا تتجاوز حدود تغطية نشاط الرؤساء «الأسد»، «القذافي»، «زين العابدين بن علي»..!! قهر وكبت لا مثيل لهما..!! ماذا كانت النتيجة؟! انفجار داوٍ في بلدان لم تعرف شعوبها الطريق إلى الثورات.. ولا الانتفاضات كما هو الحال بالنسبة للشعب السوداني.
{ الوضع في «مصر» مختلف، فقد نالت الصحافة المصرية جرعة زائدة من (الحريات) خلال السنوات الخمس الأخيرة، ولكن بالمقابل، مارس (النظام الأمني) قهراً زائداً على القوى السياسية، بلغ ذروته في الانتخابات الأخيرة، حيث تم إسقاط جميع مرشحي جماعة (الإخوان المسلمين)، بعد أن كانت تستحوذ على (89) مقعداً في البرلمان السابق تحت لافتة (مستقلين)!! وقد رضوا بأن يكونوا مستقلين، ولكن مجموعة «أحمد عز» المساعدة لنجل الرئيس حسني مبارك «جمال»، عمدت إلى إسقاطهم بالجملة!! فلم يكن أمامهم من طريق.. سوى الطريق إلى (ميدان التحرير)، فذهب النظام الحاكم!!
{ مهما أخطأت الصحافة في السودان، فإنها توفر قدراً محترماً من (الحريات)، فيه متنفس لجميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني.. فيه مساحة للرأي والرأي الآخر.. أرض متسعة للاستقرار السياسي.. وإنذار بالخطر ينبه المؤسسات (الصماء).. أرجو أن يستفيد عقلاء الحكم في السودان من (خدمات) الصحافة فيحسنوا تقديرها، وتقييمها، بدلاً من أن يهددوها من حين لآخر بـ(الرقابة القبلية)، كما تهدد (الحبوبات) أحفادهن بـ(البعاتي)!!
{ ورمضان كريم.