التغيير
إنه من أصعب الخطوات التي يواجهها الإنسان في حياته؛ إن كان ذلك التغيير جبرياً لا يملك فيه القرار، وأمتع تجربة تمر في حياة الشخص حين يكون ذلك التغيير بناء على قناعته وقراره.
ولكن من أين نبدأ حين يكون التغيير هو قرارنا واختيارنا؟
كثيرون يلتحقون بدورات تدريبية الهدف منها إحداث تغيير حقيقي في حياتهم..
وأقصد طبعاً التغيير إلى الأفضل..
ولكن من يحدد الأفضل؟
ربما ما أراه أنا الأفضل تراه أنت الأسوأ؟
نعم فالمسألة نسبية وأنت وحدك من يحدد لون وشكل وفلسفة ذلك التغيير
وعودة أخرى إلى خطوات التغيير الحقيقي.. إن 90% من الذين يحضرون الدورات التدريبية بهدف التغيير لا يحدثون شيئاً في حياتهم أو ربما لا يتعدى ذلك التغيير أياماً قليلة لتعود بعدها «حليمة لعادتها القديمة»..؟
إذن أين السر؟
هناك من بدأ فعلاً ووصل وكانت مجرد محاضرة أو درسا أو دورة بسيطة السبب في تغييره..!!
السر يا سادة في التطبيق العملي؛ فلا حاجة للتنظير والدروس الشفهية فقد مللنا التعايش معها.
السر في التطبيق، والسر الأعظم في أن نبدأ من الداخل؛ حيث التغيير الحقيقي.
كيف نبدأ من الداخل؟
قال تعالى «لن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»
حين لا تحصل على ما تريد
حين يقهرك العالم وأحداث الشعوب
حين تشتكي من سلوك شخص تجاهك
حين تجتهد فلا تنجح
حين تعاني من جحود محبوب أو خيانة صديق
وترغب في تغيير ذلك واكتساب القدرة على التعامل مع تلك الأحداث؛ لا تبحث عن الأسباب خارجك، ابحث داخلك وانظر إلى أفعالك وتصرفاتك؛ بل وربما أفكارك..! مجرد أفكارك أو مشاعرك قد تكون هي السبب فيما حدث
التغيير يجب أن ينبع من داخلك أنت وحدك
لا تنتظر أن تتوقف حروب العالم لتشعر بالرضا والسعادة
لا تنتظر أن يكافئك الآخرون لتحقق النجاح الذي تريده
نجاحك تحدده أنت برأيك ونظرتك إلى ذاتك
دعنا نضع خطوات عملية لتحقيق التغيير؛ وإذا لم تبادر فعلاً وفوراً للتطبيق العاجل فأنت تقرأ لمجرد جمع المعلومات وليس لتحقيق تغيير حقيقي وإيجابي في حياتك.
للتغيير الحقيقي حسب رأي الاختصاصيين 30 تمريناً أو تطبيقاً عملياً سيحقق لك بإذن الله ما تصبو إليه
أول تلك التطبيقات العملية ممارسة التأمل (meditation)، كثيرون يعتقدون أن التأمل ينحصر فقط في وضعية الانعزال عن الكون وتحليق النظر في الغيوم..!!
أبداً؛ فالتأمل أكبر وأوسع من ذلك؛ فمجرد تركيزك على أمر واحد أو عمل واحد أو فكرة واحدة يعتبر تأملا، مارسته البشرية بالفطرة ويسمى في ثقافة المسلمين «التحنث» ويحترمه كثيراً الشرقيون (الصين، اليابان، الهند..) ثم انتقل الى الثقافات الغربية فأصبح له تخصص نفسي أكاديمي.
لعلك تتساءل ما علاقة التأمل بالتغيير الداخلي..
إن التأمل أو ما نسميه صمت الأفكار سيجعلك تسمع داخلك وبالتالي ستحقق هدوءاً نفسياً وروحياً يحدد لك ماذا تريد ومن أين تبدأ.
صمت الأفكار يجعلك ترى من خلال منظار نظيف صافٍ لتحكم على الأمور بطريقة موضوعية واضحة.
التأمل يعني التخفيف أو التوقف من زحام أفكارك ويتحقق من خلال التركيز في عمل واحد كالصلاة مثلاً؛ بشرط أن لا تمارسها وذهنك مشغول بغيرها، القراءة تأمل؛ حين يكون تركيزك عاليا فيما تقرأ بشرط أن تكون مستمتعاً مختاراً لما تقرؤه، ممارسة الرسم أو سماع الشعر أو أي عمل تحبه وتركز حواسك فيه هو تأمل، مراقبة نملة تبني بيتها أو طائراً يحلق في السماء أو ماء يجري بالقرب منك تأمل.
إغماض عينيك وسماع الأصوات التي حولك وإن كانت ضجيج الناس في مطار دولي؛ يعتبر تأملا.
ابدأ بخمس دقائق فقط ثم ضاعف كل يوم المدة؛ حتى تصل إلى ساعة أو أكثر.
في المقال القادم سنتابع بقية التطبيقات ال30 لمن يريد التغيير الحقيقي والذي بدأناه بالتأمل وهو التطبيق الأصعب في خطوات تغييرنا.