من الصعب أن ننكر أهمية الفن والجمال فلو حاولنا دراسة الحياة من جانبها الفردي والاجتماعي، من وجهها المتمدن أو البدائي الحديث أو القديم ولما استطعنا أن نتجاهل مظهرها الجمالي وكلما عدنا أدراجنا إلى أبعد ما توصلنا إليه التقاليد الإنسانية...
ان اهمية الفن الامتاع بشتى الوانه وانواعه وقد تتجلى مظاهر الفن في الجمال المنتشر حولنا في كل مكان والاحساس الفني يتحلى به ابناء المجتمع المتطور حضاريا اصحاب الذوق الرفيع والابداع الاصيل وجمال الفن من حيث مدلوله وتعبيراته يبقى متفاوتا الى أن تتساوى فيه المعايير ولا تتوافق حوله
التقديرات وهذا يعود الى الاداة التي يعتمدها الفنان مبدع الجمال للتعبير عن غاياته وبقدر ما تكون هذه الاداة مرنة وطيعة في التعبير عن النفس والتوضيح عن الغرض بقدر ما يكون الابداع اعم واشمل يظهر للعيون امام الملأ فيتلمسه المتذوق احيانا عن طريق الايحاء والتأويل واحيانا عن طريق العرض والتعبير الواضح
بدأ الانسان هذه الحياة وبدأ يتلمس اسباب معاشه وبدأ تخليق الاسباب التي تضمن له الاستمرارية في هذه الحياة ومنذ فجر الحياة البشرية بدأ يبحث عن نفحات الروح فوجدها في الدين ثم بدأ سلم الارتقاء ووجد ان الدين وان كان يشبع بعض جوانب الروح إلا ان الدين نفسه يحثه على التفكر والتدبر والإرتقاء والطبيعة كانت اكبر فنان ارتقى بمستوى الروح في الانسان وخلقت فيه الفنان فبدأ يحاكي الطبيعة وبدأ أولى خطواته الفنية وكلما أوغل في الحياة وأوغل في الفن أدرك اهمية الفن في حياته وبذلك نجد الانسان كلما أوغل في الحياة وأوغل في الفن أدرك أهمية الفن لأن التراكم المستند على إبداع الخلف وتجارب السلف يخطو بالفن الى ذرى لم يسبق الوصول اليها وغير متخيلة لأن الخيال يتمرد على الواقع والروح تسند هذا التمرد وتسافر في عوالم الذرى والفن يستند على الادهاش ..والادهاش الفني يجعل الروح تعزف موسيقاها طرباً بالادهاش، ممايخلق متعة تتضاءل امامها كل متع الحياة لان بعض متع الحياة تخاطب الحسي اما الفن فيخاطب الروح التي تحتفي بذلك الخطاب وتعزف موسيقاها التي تتناسب ومستوى المخاطب من حيث مستوى الشفافية فشفافية الروح تختلف من انسان الى آخر وشفافية الروح تحتاج الى رعاية وتنمية، وهذا يتأتى عن طريق الفنون والآداب وهنا تكمن أهمية الفنون بمعناها الأشمل والأدب جزءً منها ولم تأت مقولة (ليس بالخبز وحده يحيا الانسان) من فراغ فاهتمامات الإنسان بالفن ليس إلاّ الوجه الآخر لاهتمامه بروحه ومن هنا نجد اكثر المجتمعات تطوراً هي الاكثر اهتماماً بجوانب الفن..
ان كل فنان مبدع تتوفر له القدرة على الابداع يتمكن من التعبير والعرض بشكل يهز القلوب ويحرك عواطف المتذوقين فالرسام المبدع رغم موضوعاته الثابتة في امكانتها ورغم الوانه وخطوطه المحدودة اذا اراد التعبير عن افكاره وخواطره الشعورية احال هذه الخطوط والالوان الى مناظر ومشاهد او رموز ومدلولات تحكي قصة فكرة وسيرة خياله الرحب وتأملاته البعيدة. والنحات يجري جولاته ما بين الحجر والازميل والمطرقة ليخرج التماثيل التي تتحول الى رمز حضاري ناطق في تفكير من يتأمله ويتمتع بالوقوف امامه اما الموسيقى فهي اكثر حرية من الرسام والنحات لان افق الموسيقى ارحب واوسع مساحة من اللوحة والحجر والموسيقى لغة عالمية تتجاوز الحدود والاجناس وتدخل الى الاذان ثم القلب بلا اذن او استئذان فالانغام المثيرة تهز كل القلوب والانغام الهادئة تسكن كل النفوس وتوحد الافكار يقول جبران في كتابة (الموسيقى): (يا اخيلة القلب البشري وياثمرة الحزن وزهرة الفرح يارائحة متصاعدة من طاقة زهور المشاعر المضمومة يا لسان المحبين ومذيعة اسرار العاشقين يا صائغة الدموع عن العواطف المكنونة يا موحية الشعر ومنظمة عقود الاوزان يا موحدة الافكار(..