الاخ عمر السني لك التحية على هذا الاختيار الرائع من شعر جرير واليك بعض مما كتبه جرير فى رثاء زوجته وهى من أعظم المراثي العربية :
لولا الحياء لهاجني استــعبارُ ....... ولزرت قبركِ والحـبيبُ يزارُ
ولقد نظرتُ وما تمتعُ نظــرةٌ ....... في اللحدِ حيث تمكنُ المحفارُ
فجزاكِ ربكِ في عشيركِ نظرةٌ ....... وسقي صداك مجلجل مدرارُ
ولَّهتِ قلبي إذ علتني كــــبرةٌ ....... وذوو التمائم من بنيك صغارُ
أرعي النجومَ وقد مضـتْ غوريةٌ ....... عصبُ النجومِ كأنهنَ صوارُ
نعم القرينُ وكنتِ عــلق مضنةٍ ....... واري بنعف بلية ،الأحجـارُ
عمرت مكرمةَ المساكِ وفارقتْ ....... ما مسها صلفٌ ولا إقتارُ
فسقي صدي جدث ببرقة ضاحكٍ ....... هزم أجش ، وديمةُ مدرارُ
متراكبٌ زجلٌ يضيء وميضهُ ....... كالبلق تحت بطونها الأمهارُ
كانت مكرمةَ العشيرِ ولم يكنْ ....... يَخشي غوائلَ أم حزرةَ جارُ
ولقد أراكِ كسيتِ أجملَ منظرٍ ....... ومعَ الجمالِِ سكينةٌ و وقار
والريح طيبةٌ إذا استقبلتِها ....... والعرضُ لا دنسٌ ولا خــوارُ
وإذا سريتُ رأيتُ ناركِ نورتْ ....... وجهاً أغرَ ، يزينهُ الإسفارُ
صلَّي الملائكة الذينَ تخيروا ....... والصالحونَ عليكِ والأبرارُ
وعليكِ من صلواتِ ربك كلما ....... نصبَ الحجيجُ ملبدين وغاروا
يا نظرةً لك يوم هاجتْ عبرةٌ ....... منْ أم حزرةَ ، بالنميرةِ ، دارُ
تحييِ الروامسَ ربعها فتجدهُ ....... بعدَ البلي ، وتميتهُ الأمطارُ
وكأنَ منزلةً لها بجُلاجلٍ ، ....... وحيُ الزبورِ تجدهُ الأحبارُ
لا تكثرنَ إذا جعلت تلومني ....... لا يذهبنَّ بحِــــلمكَ الإكثــارُ
كان الخليطُ هم الخليطَ فأصبحوا ....... متبدلينَ ، وبالديار ديارُ
لا يلبثُ القرناءُ أن يتفـــرقوا ....... ليـــــلٌ يكرُ عليـهـــمُ ونهـارُ
أفأمَّ حرزةَ ، يا فرزدقُ عبتمِ ....... غَضِبَ المليكُ عليكم القهارُ
كانت إذا هجرَ الحليلُ فراشُها ....... خُزِنَ الحديـثُ وعفًّتِ الأسرارُ
ففي هذه الأبيات نري نفثه حزينة حين يرثي الشاعر زوجته المتوفاة. ونراه فيها يقع بين صراع تفرضه عليه العادات والتقاليد، وبين آلامه وأحزانه ومحبته لزوجته..
إنه الآن قد فقد زوجته، أم أولاده، وقد أصبح متقدما في سنه، فقد كبر وكاد أن يتحطم، فهو بعد وفاة زوجته أصبح مسؤولا عن تربية أطفاله الصغار ورعايتهم بعد رحيل أمهم عنهم.. ثم ينتهي إلي التسليم بأمر الله ثم يدعو لها أن ترعاها الملائكة، لأنها كانت زوجة وفية صالحة..
إنه يكتم_ إن استطاع- أحزانه- وليس له إلا الصبر والإيمان فهذه هي الدنيا، ولا شيء يدوم، وكل إنسان لا بد أن يرحل إن عاجلا وإن آجلا، فما دامت هنالك حياة، فهناك أيضا الموت