رسالة الى جيل عن معنى الزمن الجميل
جيل السبعينات جيل محظوظ على كافة الاصعدة بالذات فى الاكاديميات وكانت بيئة دراسية جميلة ونقية والاستاذ كان رسالى وصادق ومخلص زمن الجمعيات الادبية والثقافية والامسيات الادبيةوهو الجيل الذين تراهم الان يتربعون على كثير من المجالات وانتهى التعليم بنهاية السلم التعليمى تجد هذا الجيل فيه مافيه من ركاكة اللغة .. و..و ..
اسرد لكم قصة هذا الابن الذى سأل اباه عن الزمن الجميل .
تسألني بالامس ابنى عن معنى الزمن الجميل ، ولماذا نحن الآباء عشنا حياة أفضل من حياتكم التي تعيشونها الان أنتم الأبناء ؟
أجيبك يا حبيبي أن الزمن الجميل هو زمننا ، نحن الذين ولدنا في منتصف ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ،
فبالرغم من الفقر الذي كان يخيم على بعض البيوت والبساطة ، ألا أن الحياة كانت جميلة وممتعة وبسيطة للغاية ، فأغلبنا ولد ولادة طبيعية في المنزل على الرغم من أن أمهاتنا كن يعملن من الصباح حتى المساء لتأدية كل الواجبات البيتيةو الزراعية من لقيط القطن وغيره ، حتى في الساعات الاخيرة للحمل .
وعندما ولدنا لم نرتدي يوما (حفاظة البامبرز) لان أمهاتنا كن يهيئن ( لكافات ) من الملابس القديمة قبل ولادتنا ، ولم نذق في حياتنا طعم الحليب المعلب لأننا كنا نرتوي بالرضاعة الطبيعية ، .
كنا نلعب شليل وكرع وتيوة وشدت وكورة الشراب وعربية السلك وكنا نعمل النبلة كي نصطاد بها الطيور ، ومع أننا كنا نغيب عن البيت طوال اليوم لم يقلق أحد من أهلنا علينا ولم ينتابه شعور أننا ضعنا أو أن هنالك مجرمين ، بل كان شيئا أعتياديا ، لاننا لا بد أن نكون مجتمعين في أحد بيوت الجيران ، ولا أتذكر أن أمي عملت لي يوما مسكول أو أرسلت لي رسالة أس أم أس ، ليس هذا فحسب بل اننا لم نكن نمتلك أنترنيت ولا بلي ستيشن ولا فيديو ولا سيكا ولا لابتوب ولا حاسبة ولا أم بي ثري ولا سي دي ولا دي في دي ولا ماسنجر ولاغرف دردشة نتحدث من خلالها لغوة فارغة مع أصدقاء وهميين .
ولم يكن لدينا دش ، فمن هو ذو حظ عظيم كانت عائلته تملك تلفزيون ابيض واسود وكنا لا نشاهد 4000 قناة و5 أقمار ، كانت هناك قناتين الاولى والثانية يجب عليك أن تتابع أحداهما وألا أذهب الى سريرك ونم .
كان التلفزيون يفتح عند السادسة مساءا ويغلق عند منتصف الليل وليس كزمانكم هذا الذي لا يرتاح فيه التلفزيون ولا دقيقة واحدة .
كنا أصدقاء في الحى وأصدقاء في نفس المدرسة التي كنا نذهب اليها مشيا على الاقدام ولم نركب يوما باص أو هناك ترحيل فى أنتظرنا ومع ذلك كنا مثابرين وحريصين على دراستنا ونبكي أذا فاتتنا أحدى الحصص لأي سبب كان .
لا أذكرأنني أشتريت مذكرة لأي مادة ، ولم يخصص أهلي أي مبلغ للمدرسين الخصوصيين ولايوجد درس خاص اصلا ، لان أساتذتنا كانوا أكفاء في اختصاصاتهم ، وعندما كنا نخرج في نهاية اليوم الدراسى ، لم يكن بائع السجائر او الصعود يفترش بوابة المدرسة ، بل كنا نجد بائعات الفول المدمس والداندرمة والطعمية والتسالى وحلاوة قطن لم نأكل البيتزا ولا الهامبورغر ولا الصاج ولا الشاورما ولا سكالوب ، وكان اللحم يزور بيوتنا في أيام معدودات يوم السوق فقط
لم يكن أحد منا يجادل أباه أو يعصي له أمرا بحجة انا مثقف او انا كبير اوحرية التعبير ، لاننا كنا نحترم الوالد ونقدسهم ، ولم أذكر يوما أنني جلست معه فى سرير واحد او ضحكت ضحكة بصوت أمام ابى.. لا خوفا منه بل تقديسا لمكانته في العائلة .
نعم كنا أصدقاء فى الحى نلعب سوية بنين وبنات ولم نفكر يوما بأختلاف جنسينا ، بل كنا نحافظ على بنات الحى كأنهن أخواتنا ، وأذا تحرش أحد الغرباء بأي بنت منب بنات الحى، أجتمع كل أولاد على طرده
كنا أصدقاء في منطقة واحدة لم نسأل أي منا عن دينه ولاعن مذهبه ولا عن قوميته، ولا عن جنسه ولا عن قبلته .
نعم كنا نقضي جل وقتنا في الشارع ، ولكن لم ينادينا أحدأ يوما يا أولاد الشوارع ، لان الشارع كان يعلمنا الكثير من القيم والاداب والاخلاق والعادات الصحيحة ، وبالرغم من أننا كنا نتشاجر طوال الوقت ،
لم يذهب أحد منا الى مركز الشرطة ولم يقع يوما تحت طائلة القانون، لان أهلنا كانوا أكثر شدة وصرامة من القانون نفسه.
ومع كل ما تقدم فأن جيلنا أكثر أنتاجا من أجيالكم ، فأن خيرة المثقفين والادباء والكتاب والعلماء ينتمون الى جيلنا جيل الزمن الجميل .
انا اعتبر ان الجيل الحالي جيل مسكين بالرغم من التقدم التكنولوجي الهائل الذي يعيشه ووسائل الراحة والترفيه والتسلية الا انه يفتقد الحياة الاسرية الصميمة يفتقد لمة الاصحاب الحقيقيين يفتقد البساطة والتلقائية في مفردات الحياة يفتقد الصدق والحقيقة ويعيش بقلق واخذ الجانب المادي منه الكثير .
نحن عشنا حياة ابسط واجمل وتمتعنا اكثر منهم وكنا مرتاحي البال وقانعين بما كنا عليه وما كتبه الله لنا .