ست سنوات مضت والشاب عامر محمد علي يطارد حلما عصيا بالهجرة إلى أوروبا أو أميركا في خطوة يرى أنها ستكون نقطة البداية لمستقبل جديد واعد بعدما تعذر عليه وضع أي لبنة لذلك المستقبل.
ويؤكد للجزيرة نت أن المفتاح الوحيد للمستقبل -مهما تأخرت وطالت طرقه- هو الوصول إلى ما يعتبره الوجه الآخر للدنيا.
ويروي الشاب السوداني عامر محمد علي أنه أكمل تعليمه مثل الآخرين قبل أن يعمل بشكل متقطع في وظائف غير دائمة في السنوات الماضية بأجر لا يفي بأبسط حاجاته كشاب.
ويكشف أنه لم يتوقف عن طرق أبواب وكالات السفر والسفارات الغربية في العاصمة الخرطوم لعله يحصل على تأشيرة لأحد تلك البلدان بلا فائدة قبل أن يتوجه إلى ليبيا التي رأى أنه عبرها يمكن الوصول إلى المبتغى قبل أن يعود منها لعدم الاستقرار فيها.
تجارب عديدة
ويقول إنه مر بتجارب كثيرة مع سماسرة وجماعات احتيال ينشطون في مجال ترحيل وتهريب المهاجرين، "لكن لن أياس رغم كثرة الضحايا من الشباب وقلة من يظفر منهم بفيزا حقيقية لبلد معين".
ويكشف عن تعرض صديقين له للخداع في مبالغ مالية كبيرة "ورغم ذلك يعاودان الكرة للحصول على فيزا أوروبية". وتابع "فكرت في الهجرة غير الشرعية عن طريق ليبيا، ولكني عدلت عنها للمخاطر المترتبة عليها فعدت للسودان، وأنا ما زلت آمل في الحصول على فرصة للهجرة".
أرقام
وبلغ عدد من هاجر من السودانيين بصورة شرعية خلال الفترة الأخيرة بحسب إحصاءات جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج أكثر من أربعة ملايين مواطن، من بينهم عدة آلاف هاجروا إلى إسرائيل، فيما قدر مراقبون عدد من هاجروا بصورة غير شرعية بضعف ما هو معلن من أرقام.
مدير مركز السودان لدراسات الهجرة والتنمية والسكان بجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج خالد علي عبد الحميد لورد يرى أن العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأكاديمية والسياسية هي الدافعة لهذه الهجرة.
ويقول للجزيرة نت إن السودان يبذل جهودا حثيثة في إطار شراكته مع الأمم المتحدة من أجل تشجيع "الهجرة الراشدة" التي تتوافر خلالها كل المعايير التي تحفظ أمن وكرامة وحقوق المهاجرين السودانيين.
مسارات غير شرعية
ويشير إلى سعي الحكومة لإدارة الهجرة بشكل علمي للحد من آثارها السلبية، "ولدينا تنسيق وشراكة كاملة مع الجهات المعنية على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية لهذا الهدف".
ولفت إلى وجود عصابات تعمل على تضليل الشباب بنقلهم إلى أوروبا عبر مسارات غير شرعية "فينتهي بهم الأمر كوجبة للأسماك في البحر". ويقول إن تهريب البشر والاتجار بهم من الوسائل ذات المردود المالي الكبير بحسب تقارير الأمم المتحدة.
ويرى الباحث المختص في قضايا الهجرة والسكان إبراهيم الكناني أن الحكومة لا تفعل شيئا للحد من ظاهرة الهجرة المتزايدة "التي تعرض مستقبل السودان للخطر، بل ربما تشجعها رغم أنها تحرم البلاد أهم الكوادر والكفاءات والخبرات وسواعد الشاب التي تحتاجها المشاريع التنموية".
واعتبر في حديثه للجزيرة نت أن ضآلة الجهود الحكومية المعلنة في هذا الجانب "تؤكد الشكوك التي تنتاب الباحثين من أنها تتعمد إفراغ السودان من الشباب، بغية اتقاء سخطهم وقلقهم من انعدام الفرص وقتامة المستقبل".
ويشير إلى أن "الدمار الذي حاق باقتصاد البلاد وتلاشي الأمل في الحصول على فرص عمل، والفساد السياسي والجهوي" دفع لهجرة السودانيين والشباب خاصة بكافة الوسائل رغم ما يكتنف بعضها من مخاطر وانتهاكات جسيمة بحقهم.